في الإجازة الماضية زرت تركيا ولم أجدها رخيصة كما سمعت - أو كما تشير عملتها - ، فالعملة التركية من العملات التي تملك على وجهها عدداً هائلاً من الأصفار (أصغرها ال 1000.000ليرة - التي تقل عن الثلاثة ريالات بقليل). وهكذا كنت أشرب قنينة الماء بمليوني ليرة وأستقل التاكسي ب 23مليون ليرة وأدخل المطعم ب 100مليون ليرة - بل سكنت في فندق لخمسة أيام بما يقارب الملياري ليرة!!!. ويعود السبب في هذا العدد الكبير من الأصفار إلى أزمات التضخم التي مرت بها تركيا منذ تحولها لجمهورية على يد كمال أتاتورك عام 1927.ففي ذلك الوقت كان ثمن الخروف لا يتجاوز الخمسين قرشاً في حين يصل اليوم إلى 15مليون ليرة. ولكن الحكومات المتعاقبة كانت - كلما ارتفع ثمن الخروف - تضيف أصفارا جديدة لمواكبة التضخم وأسعار الصرف الخارجي حتى دخلت العملة في خانة الملايين.. بل والمليارات والترليونات بالنسبة للأراضي والسيارات!!. ورغم الارتفاع التدريجي و"طول العشرة" الا ان التعامل بالملايين لايزال يربك المواطنين والسياح على حد سواء. وأنا شخصيا كثيراً ما كنت أخلط بين ال 1000.000ليرة وال 10.000.000ليرة، وبين ال 500.000ليرة وال 5000.000ليرة - خصوصاً ان جميع الاوراق متشابهة وتحمل صورة موحدة لرأس أتاتورك. بل لاحظت شخصيا أن الاتراك يخجلون من الأجانب - ويبادرون للاعتذار سلفا عند كل شراء - بسبب الأصفار الكثيرة لبضاعة زهيدة أصلاً. ولكن بعد 77عاماً من صدور الليرة التركية قررت الحكومة التركية مؤخراً (وتحديداً في مطلع العام 2005) اتخاذ حل بسيط وإزالة ستة أصفار كاملة من كل وحدة. وهكذا تحولت الخمسين مليوناً إلى 50ليرة فقط وال 20مليوناً إلى 20فقط وال 10ملايين إلى 10ليرات فقط (وهو ما يعود بالعملة التركية إلى أرض الواقع ويعطي الاقتصاد التركي صورته الحقيقية)!!. على أي حال إن كانت أحلام الثراء مازالت تراودك (مثل شخصي المتواضع قبل السفر) وترغب في حمل "الملايين" في جيب البنطلون فما عليك سوى شراء تذكرة سفر إلى احدى الدول التالية: - إلى اوكرانيا حيث المليون كاربوفانيت يساوي 21ريالا فقط!. - أو إلى الكونغو حيث تحصل على مليون جونج ب 75ريالا فقط!. - أو إلى جارتها انغولا حيث تصبح مليونيراً ب 117ريالا فقط!. - أو إلى غينيا بيساو حيث تحصل على مليون بيسو مقابل 206ريالات لاغير!. - أو إلى تركيا حيث مازالت العملة القديمة مستعملة (هذا العام فقط) ويساوي الريال 472390ليرة. - أو إلى فيتنام حيث يساوي الريال الواحد 42009فند. - أو إلى اندونيسيا حيث يساوي الريال 2479روبية. - أو حتى إلى روسيا ولبنان وفيتنام وافغانستان وروسياالبيضاء.. وجميع الدول التي تشعرك بالثراء رغم أنف الراتب!!. على أي حال؛ أنا أول من يعترف بأن الفكرة (تعبانه) وأن المهم ليس ضخامة العملة النقدية بل القوة الشرائية التي تتمتع بها. ومع هذا؛ لم أستطع حتى الآن تجاوز شعوري بالثراء حين دفعت لفندق مرمرة مبلغ (1.194.033.600) ليرة مقابل خمسة أيام فقط.. ومازال الإيصال في جيبي!.