يؤدي النشاط المسرحي بما يحويه من فعاليات قصصية مثيرة، وتمثيليات مسرحية هادفة دوراً مهماً في عملية التربية والتعليم والتوعية والتثقيف والترفيه البريء، ويسهم بشكل كبير ومؤثر في صياغة وتشكيل عقول الناشئة وصغار السن، وأساليب تفكيرهم ونمط سلوكهم ونظرتهم للأمور ومعالجتهم لكثير من القضايا في المواقف الحياتية المختلفة، والمتتبع للتمثيليات وما يقدمه المسرح يلفت نظره الإقبال والحضور المكثف من المشاهدين والمتابعين لهذه الفعاليات، مثلما تشده عملية الجذب المستمر خاصة إذا كانت التمثيلية أو المسرحية تتسم بعنصر التشويق والإثارة، ناهيك عن الاستمتاع بفصول تلك الدراما والاسترخاء والهدوء والبعد عن صخب الحياة وضجيجها ومنغصاتها، بل إن كثيراً من المسافرين للخارج يدرجونها ضمن أجندتهم الخاصة وجزء من برنامج رحلتهم السياحية، واليوم وفي ظل توجيه سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية - بعد توجيهات سامية كريمة - للجميع بمحاربة الفكر المنحرف وبذل الجهد في سبيل حماية مجتمعنا من المؤثرات السلبية على أمنه واستقراره، واستكمالاً للجهود المتميزة والمشكورة لمؤسسات التعليم في حماية وتعزيز الأمن الفكري وتحصين النشء وتبصيرهم بالمخاطر الناجمة عن آفة الإرهاب والفكر المنحرف فقد آن الأوان لمؤسسات التعليم قاطبة في مختلف مراحل التعليم وتنوعاته - ومرحلة التعليم العام منها على وجه الخصوص - لبذل مزيد من الجهد ضمن برامجها ومشاريعها الكثيرة لتشييد مسارحها المدرسية كاملة التجهيز في كل مدرسة على حدة وأن تشترط المسرح ضمن عقود المدارس المستأجرة، وأن تعد الفرق المسرحية المحترفة، وأن تزيد من المواد والبرامج الشاملة التي تعزز ثقافة التربية المسرحية المحتوية على جملة من الفعاليات والمناشط المتنوعة من قصص ومسرحيات وتمثيليات ومساجلات شعرية هادفة وما شابهها، تقدم على خشبة المسرح المدرسي ضمن الوجبات الفكرية الدورية غير المتقطعة لتوعية جميع الطلاب والطالبات بالأخطار المحدقة بمجتمعنا المحسود والمستهدف، بسبب ما يحاك ضدنا من مؤامرات ودسائس تستهدف ديننا ومجتمعنا ووطننا ومكتسباتنا. وفي مشاهدة أنموذج مسرحية «طرازان وفليحان» التي عرضت على مسرح الكلية التقنية بالرياض ضمن برامج النشاط الثقافي والمسرحي لاحتفالات أمانة مدينة الرياض في وقت مضى ودارت محاورها حول غرس حب الوطن في قلوب المواطنين وزيادة الترابط الاجتماعي وتعزيز اللحمة والهوية الوطنية ودعم الانتماء الوطني في نفوس الشباب، كما عرضت طرحاً لكيفية وأسلوب القضاء على الإرهاب، وقد امتلأت مدرجات مسرح الكلية بأعداد كبيرة جداً من الشباب والأطفال الذين حضروا واستمتعوا وسعدوا غاية السعادة بهذه المسرحية الهادفة جداً التي تجسد فعلاً مدى تعلق شبابنا وأطفالنا بالمسرح وفعالياته ومناشطه المتنوعة، كما يعكس قوة تأثير المسرح وتمثيلياته البناءة والهادفة في أذهان النشء وتبصيرهم، وتعزيز حبهم وانتمائهم لوطنهم ومجتمعهم، وتتيح الفرصة لهم بالتعبير عن آمالهم وتطلعاتهم وهمومهم ومشكلاتهم، ويسهم المسرح أيضاً وبدرجة كبيرة - وهنا بيت القصيد - في حماية وتعزيز الأمن الفكري للطلاب والطالبات من خلال هذه التمثيليات البناءة والجميلة، مثلما أنه يسهم بحل كثير من المشكلات الاجتماعية والتربوية والصحية والاقتصادية والأمنية وغيرها، كما يساعد أيضاً على تحسين البيئة داخل المدرسة لتصبح بيئة تربوية وتعليمية مناسبة أكثر جذباً وتشويقاً للطلاب والطالبات من خلال التعليم التعاوني والترفيه البريء وتطرد صور الملل والسأم وجفاف المواد الدراسية داخل الحيطان الأربعة للفصل الدراسي، وبذلك تحقق المدرسة رسالتها التربوية في غرس القيم الفاضلة والحميدة مثلما تحقق رسالتها التعليمية في آن واحد، ومع الإشادة بالجهود القائمة في مختلف المناشط المدرسية ومهرجان الفرق المدرسية فهل لنا نحن أولياء الأمور أن ننتظر مزيداً من الجهود المكثفة لتفعيل دور المسرح المدرسي - كجزء من النشاط خارج الصف - ليكون متمماً ومكملاً لما يتلقاه الطالب من تعليم داخل الصف في عملية التربية السليمة والتنشئة الصحيحة؟ إني أكاد أجزم بتحقيق ذلك.