لأن نظام ولوائح مجلس الشورى لا تشتمل على أية فقرة تتيح لعضو المجلس أن يثير قضية أو يطرح توصية خارجة عن الموضوع المحال للمجلس للدراسة، فإن بعض الأعضاء يتحين فرصة مناقشة نظام وضع قائم ومعروف ليطرح فيه توصية قد تكون في تعقيداتها أكبر من النظام قيد الدراسة نفسه. هذا الاستغلال للفرص قد يكون محموداً أحياناً ومفيداً للمجتمع وقد يكون غير محمود وغير مفيد للمجتمع في أحيان أخرى. قد يستطيع العضو المتحمس لمشروع وطني استخدام هذا المدخل لفتح آفاق واسعة ولفت النظر الى قضية ما كان لها أن تنظر لولا مبادرته الوطنية، فيتبناه المجلس بصمت وهدوء ويحقق مصلحة وطنية ويعالج مشكلة وتسجل لذلك العضو مبادرته داخل أروقة المجلس بصمت ولا ينتفع شخصياً أكبر مما انتفع أي مواطن. وقد يستخدم عضو آخر نفس المدخل لاقحام توصية في النظام رغم بعدها عن واقعية النظام قيد الدراسة ويتسبب في استعجال طرح قضية قبل نضجها وقبل أوانها لتولد ولادة مبكرة أقرب الى الإجهاض منها الى الولادة فيحصل رفض بعد زوبعة لا يستفيد منها إلا العضو نفسه بتحقيق شهرة لشخصه أو فرض استقرار لعضويته على أساس أنه بذاته يتحول الى قضية اذا أثار قضية واشتهر بها بصرف النظر عن واقعيتها من عدمه. لعل الاستشهاد بمثال يجعل ما أريد الوصول اليه أكثر وضوحاً فعندما طرح كل من الدكتور محمد آل زلفة و د. عبدالله بخاري منذ مدة موضوع قيادة المرأة للسيارة كان المجلس يناقش نظام المرور ولم يكن لمناقشة النظام المطروح أية علاقة بمن يقود السيارة أو أدنى مجال لمناقشة أمر ذي علاقة بتوجه اجتماعي صرف ولعل ما ذهبا اليه آنذاك من استغلال فرصة مناقشة نظام المرور لطرح توصية بحث موضوع قيادة المرأة للسيارة وأثارا زوبعة اجتماعية لا تزال تعصف، يجعلني أطرح تساؤلاً أحسبه بالغ الأهمية وهو ماذا لو أن كل عضو من أعضاء مجلس الشورى قرر طرح توصية عند مناقشة أحد الأنظمة من شأنها أن تصرف الأضواء عن النظام الأصل؟! لك أن تتخيل درجة الفوضى التي ستحل بآلية المجلس في مناقشته لقضايا أساسية وهامة وحيوية وذات أولوية لأن مجتمعنا في أمس الحاجة لها، وكيف أن المجلس سينشغل عنها بأفكار وطروحات وتوصيات فردية خارج صلب الموضوع. لابد من أن تعالج لوائح وأنظمة المجلس هذا الجانب وتسد الثغرات بوضع شروط دقيقة للتوصيات الفردية أهمها ارتباطها الوثيق بواقع النظام وتطبيقاته وقت الدراسة وتعريف دقيق جداً للتوصية ذات العلاقة التي يحق للعضو طرحها بدلاً من الاعتماد على المظلة الواسعة لمسمى نظام أو صفته. التفرع خطير ومضيعة للوقت والجهد والتركيز وغالباً ما يشغل المتباحثين عن صلب الموضوع الأساسي ولنا في تجارب الآخرين عبرة فقد خرجوا عن نقاش ما يحكم علاقة الرجل والمرأة الى الانشغال بحقوق الجنس الثالث والشاذين جنسياً.