استبعد وزير الدولة وزير الخارجية الجزائري «محمد بجاوي»، أمس، التوقيع على معاهدة الصداقة مع فرنسا في الظرف الراهن، في أعقاب رفض الجمعية الوطنية الفرنسية المصادقة على تعديل المادة الرابعة من قانون 23 فبراير الممجد للاستعمار الفرنسي، ونفى بجاوي في تصريح للإذاعة الحكومية، أن تكون المفاوضات بشأنها بين الجزائر وباريس، قد توصلت إلى أي نوع من الاتفاق، مؤكدا أن القرار في الموضوع يعود إلى الرئيس بوتفليقة، باعتباره المخول دستوريا لإبرام الاتفاقيات الدولية. ويأتي تصريح رئيس الدبلوماسية الجزائرية في وقت خرج رئيس حكومة سابق عن صمته، ليؤكد أن باريس ليست مجبرة على الإعتذار، وأن القانون الذي أسال الكثير من الحبر في الجزائر وحدها دون باقي الدول العربية التي خضعت للإستعمار الفرنسي وفي مقدمتها دول الجوار «يعني فرنسا وحدها». وقال رضا مالك، أحد أهم الشخصيات السياسية المحسوبة في الجزائر على التيار الاستئصالي التغريبي، الذي كان قبل استقلال الناطق الرسمي لمفاوضات إيفيان التاريخية، أن الجزائر التي ترفض دوما التدخل في الشؤون الداخلية للدول، عليها ألا «تتدخل في شؤون الآخرين» قبل أن يضيف في دردشة خفيفة مع «الرياض» على هامش تنشيطه ندوة تاريخية بمناسبة ذكرى 11 ديسمبر 1960، أن الجزائر، التي ضحت بمليون ونصف مليون شهيد من أجل استرجاع سيادتها «لا تنتظر اعتذارا من أحد» وعلى «فرنسا أن تعتز كما تشاء بماضيها الاستعماري» لأن الجزائر «لا عقدة لها من ماضيها». وفيما يشبه الحمى السياسية، دخل الحقوقي الجزائري الكبير، الذي نصبه الرئيس بوتفليقة عل رأس هيئة حقوقية تابعة للرئاسة، على الخط، ليكشف من جهته، أن ما يقارب 100 جزائري مفقود في معركة الجزائر تنصلت فرنسا من مسؤوليتها في فقدانهم، وقال فاروق قسنطيني في لقاء مع الإذاعة الجزائرية أن الجزائر حاولت إثارة المسألة في عدد من المناسبات «لكن المسؤولين الفرنسيين يتحاشون الخوض فيها ويتهربون»، مضيفا أن فرنسا تتمادى في تكتمها تجاه هذه القضية، وتدّعي أن العفو الشامل الذي أقرته باريس العام 1968 «غطى عليها، ومسح كل شيء» . وفي وقت عبرت زعامات جزائرية عن استيائها إزاء تمادي فرنسا في نزعتها الاستعمارية، استنكر نواب الغرفة التشريعية الثانية «مجلس الأمة» ما وصفوه ب«التعنّت» الفرنسي في «تمجيد جرائم ماضيها الاستعماري معربين في بيان تسلمت (الرياض) نسخة منه عن اسفهم من «تغليب الفرنسيين الاعتبارات السياسية الضيقة على مصلحة ومستقبل العلاقات بين الجزائروفرنسا»، وقبلهم كان نواب الغرفة الأولى أشاروا في بيان هم كذلك أن عدم اعتراف فرنسا بجرائمها في حق الشعب الجزائري إبان الثورة التحريرية يعد «تنكرا للذاكرة الجماعية». إلى ذلك تعتزم المحامية الجزائرية البارزة «فاطمة الزهراء بن براهم» تحريك ملف جرائم فرنسا على مستوى المحافظة السامية لحقوق الإنسان التابعة لهيئة الأممالمتحدة بجنيف التي توجد فيها حاليا، وكشفت بن براهم في اتصال مع «الرياض» أنها بصدد التحضير لمسعى يجمع بين الجانب القانوني والحقوقي للرد على قانون 23 فبراير الممجد للاستعمار في بلدان ما وراء البحر، وبالأخص دول شمال إفريقيا، وأضافت بن براهم أنّ وجودها بمقر المحافظة، يندرج ضمن بحث أفضل الصيغ مع خبراء دوليين في القانون وكذا مختصين في مجال حقوق الإنسان لتحريك الملف على مستوى المحافظة والمحاكم الدولية الأخرى.