في إحدى ليالي 1855م سقطت كميات كبيرة من الجليد على مدينة ديفون الإنجليزية. وحين استيقظ الناس في الصباح وجدوا آثار أقدام غريبة بدا واضحاً أنها لمخلوقات "غير بشرية". وبجانب ضخامتها كانت جميعها تمثل "القدم اليسرى" لمسافة هائلة امتدت من نهر إكسي جنوباً وحتى نهر دارت شمالاً.. والأغرب من هذا أن آثار الخطوات لم تكن تنقطع أمام العوائق الصلبة وكانت تستمر على نفس الاستقامة من الطرف الآخر للجدران والبيوت والأشجار.. ورغم عدم اخترات الكاميرا في ذلك الوقت إلا أن رسوماً كثيرة وضعت لهذا الآثار الغريبة - كما أمر عمدة المدينة بصنع قالب من الجبس لإحدى الخطوات ما زالت تعرف حتى اليوم باسم "قدم شيطان ديفون" -! هذه الحادثة الغريبة تكررت لاحقاً في مناطق مختلفة حول العالم - أكثرها شهرة آثار البيتي في التيبت؛ وأكثرها حداثة في سانت بولين بكندا في يناير 2000م -. وآثار الأقدام عموماً تمثل سجلاً تاريخياً وأحيائياً يثير فضول العلماء من مختلف التخصصات. وقبل فترة بسيطة صدر كتاب يدعى "بصمات على الصخور" لباحثة في هذا المجال تدعى جانيت بورد (Janet Bord). وكات جانيت قد تعلقت بتصوير آثار الأقدام القديمة التي تركها البشر على الصخور (وتحجرت بفعل الزمن). ورغم أن معظم الصور التي يضمها الكتاب هي لخطوات عادية متصلبة إلا أن هناك صوراً تشكل معضلة علمية من جانب معين؛ ففي ولاية نيفادا مثلاً توجد حمم بركانية متحجرة (خارج مدنة كارسون) تضم آثار أقدام أضخم من أن تنسب للبشر (ناهيك عن قدرة أصحابها على السير على الحمم الملتهبة). وفي ميونخ بألمانيا توجد في كنيسة فراونكيرش أثر وحيد لقدم يمنى غريبة تدعى "قدم الشيطان" (وهو ما يذكرنا بقدم ديفون الإنجليزية). أما في أرديز بسويسرا فتوجد آثار أقدام "قزمة" متداخلة بشكل معقد تدعى "ميدان الساحرات" (حيث يعتقد الأهالي أنها آثات رقص الساحرات عند اكتمال القمر). وهناك موقعان على الأقل يشكلان معضلة زمنية فيما يتعلق بعمر الإنسان على الأرض؛ ففي ولاية يوتا مثلاً - وبقرب نبع انتيلوب الصخري - توجد آثار أقدام على صخرة يتجاوز عمرها ال 500مليون عام (علماً أن عمر الإنسان على الأرض لا يتجاوز ال 500ألف عام على أبعد تقدير).. وحول نهر بلاكسي في ولاية تكساس توجد آثار أقدام بشرية بقرب آثار لديناصورات تجري في نفس الاتجاه.. وهذا أمر يستحيل حدوثه - من الناحية الجيولوجية - لأن الديناصورات انقرضت قبل ظهور الإنسان بفترة لا تقل عن 65مليون عام. واشتراك كلا الأثرين في نفس الموقع يعني واحداً من اثنين: إما أن الديناصورات لم تنقرض حتى ظهور الإنسان؛ أو أن عمر الإنسان على الأرض أقدم مما نعتقد ويعود إلى 65مليون عام على الأقل! .. على أي حال - قبل إنهاء المقال - أود التذكير بأثر "إبراهيم الخليل" الذي طبع على الحجر الذي وقف عليه حين بنى الكعبة،، وقد جاءعن ابن كثير - في البداية والنهاية - أن أثر القدمين كان واضحاً في الصخر حتى أذهبه مسح الناس بأيديهم. وقال عنه أنس بن مالك: رأيت المقام فيه أصابعه عليه السلام وأخمص قدميه حتى أذهبه مسح الناس. وحين سئل عنه ابن عثيمين قال "لا شك أن مقام إبراهيم هو الذي بني عليه الزجاج ولكن الحفر التي فيه لا يظهر أنها أثر قدميه لأن المعروف من الناحية التاريخية أن أثر القدمين زال منذ أزمنة متطاولة"!!