عن نادي أبها الأدبي صدرت للقاص عيسى مشعوف الألمعي مجموعته القصصية الجديدة التي اختار لها عنوان «الناس». المجموعة صدرت في طبعتها الأولى 1426ه 2005م، في (103) صفحات من القطع المتوسط وضمت (17) قصة هي: المأوى، انكسارات في قلب أنثى، قطرات تبلل الثرى، الليل الطويل، أنشودة الأسى، الزمن الأغبر، عند اللحظة الأخيرة، درب الرهبة، علامة فارقة، تحت لهيب الشموس، طينة الإنسان، زوايا الجرح، غصن شجرة مقطوع، أجنحة الأماني المتكسرة، حلاب الذر، الكابوس الأبيض، موهبة اليأس. تنبىء كل عناوينها بلحظات الحزن والأسى والألم التي يعيشها أبطال قصص الألمعي، وتشعر بهذه النبرة التشاؤمية ليس من حوارات الشخوص بل قبلها من اهداء القاص: «للناس الذين يتأملون.. يفرحون.. يحزنون.. يشقون وفي صمت.. إلى الذين يسعدون للحظات ويحلمون بأشياء عزيزة يفتقدونها دوماً». بطبيعة الحال ليس من الضروري ولا من المطلوب أن يعيش الكاتب تجربة أبطال قصصه أو أن يكتب عن واقع حقيقي فكم من الإبداعات القصصية والشعرية ولدتها خيالات الشعراء والأدباء وربما يكتب أحدهم ويتقمص شخصيات أبطال قصصه مثلما نجد في قصة «أبو فايع» عند الألمعي فقد استطاع الكاتب بحرفية المبدع أن يجعلنا نعيش مع بطل قصته في غرفته البائسة التي هي كل ما يملك من حطام الدنيا ولهذا سمى الكاتب هذه القصة «المأوى». قصص الألمعي تبرز موهبة شابة وتقدم أنموذجاً للإبداع الشبابي، ولم يكن الألمعي بعيداً عن الواقع عندما حكى في قصته «قطرات تبلل الثرى» عن الأسرة المكلومة التي قتل الغلو رب هذه الأسرة وأطفأ الإرهاب ابتسامة وسعادة الزوجة والأولاد. وهكذا أراد الألمعي من خلال إبداعه أن يسهم في محاربة هذه الآفة وأن يؤكد خطورة الغلو والإرهاب على الأمة وعلى الجماعات والأفراد. وفي قصص المجموعة أيضاً اسقاطات أخرى على الواقع الذي تعيشه الأمة وهو واقع أليم منتكس ومترع بالهزائم والانكسارات. القارئ لمجموعة عيسى الألمعي القصصية «الناس» يعيش بالفعل مع الناس الذين قدم الكاتب نماذج لمعاناتهم وآلامهم، وحتى لو أصاب القارئَ شيءٌ من التشاؤم والحزن الذي يجده في ثنايا قصص المجموعة فإنه في النهاية يحيي موهبة القاص الذي يجعله ما أن يبدأ بقراءة قصة من قصصه إلا ولا بد أن ينتهي منها.