قام البرلمان البريطاني بعطلة نهاية العام، وسيعود للانعقاد منتصف يناير المقبل مع بدء السنة الجديدة. وستكون العطلة هدنة مؤقتة بين رئيس الوزراء توني بلير واعضاء حزبه الحاكم، الذين يعارضون سياسات اصلاحية مرتبطة بالطاقة النووية وتجديد الجيل الثاني من الصواريخ الحاملة لرؤوس نووية «ترايدنت» مع دعم «بلير» لاصلاح برامج التعليم في المدارس ومجموعة اخرى من سياسات داخلية. وكان «بلير» تعرض في بداية هذا الشهر الجاري لهزيمة قاسية في البرلمان عندما اعترض نواب حزبه على مشروع قانون تدعيم اجراءات محاربة الارهاب والتطرف. وهناك خشية لدى رئيس الوزراء لتعرضه لهزائم اخرى في البرلمان اذ تقدم بمشروع لجيل ثان من محطات توليد الطاقة عبر استخدام التقنية النووية. وينمو اتجاه قوي افقي هذا الخيار النووي لتوليد الطاقة واعتماد على وسائل غير ضارة بالبيئة وتلافي مخاطر استخدام الطاقة النووية، وهناك أيضاً معارضة لتجديد صواريخ «ترايدنت» حيث شكلت هذه القضية حوالي 20 مليار جنيه استرليني. وينمو داخل الحزب الحاكم كتلة اليسار مع الاتجاهات الليبرالية التي عرقلت التصديق على مشروع لاحتجاز مشتبه بهم لمدة 3 شهور كاملة دون العرض على القضاء، وقال بلير في لقاء اخير عقد في مقر اقامته برقم (10 داوتنج ستريت) انه سيبحث مع قادة الجالية الإسلامية الشروط اللازمة لاستقبال دعاة اسلاميين وأئمة مساجد، وقد اسقطت الحكومة عدة شروط تتعلق بمعرفة هؤلاء الائمة للغة الانجليزية والاقتراب من قيم المجتمع البريطاني، وقد اسقطت الحكومة ايضاً عدة مطالب ترتبط بحق الشرطة لاغلاق مساجد إذ تم اثبات معلومات عن نشاط اصولي متطرف يجري داخلها. وتعترف دوائر داخل الحزب الحاكم بأن العام الجديد سيكون صعباً امام قيادة بلير التي تتعرض لهزات داخلية، وقد المح مجموعة من نواب العمال في البرلمان عن احتمالات خروج بلير من زعامة الحزب والتنحي عن منصبه في العام المقبل. وترتبط هذه التوقعات بتحسن الوضع في العراق وبدء سحب القوات البريطانية من هناك، لاعطاء بلير فرصة للخروج والعراق يتجه للحل بعد ان قاد بلاده إلى الحضور هناك والاطاحة بالنظام الذي كان قائماً في بغداد. وترى عدة دوائر ان بلير اختار الذهاب إلى البصرة والظهور مع جنود بلاده للاشارة على نجاح خطة الغزو لاستقدام الديمقراطية وبدء الاستقرار في العراق، وقد ظهر رئيس الوزراء في البصرة بمظهر «الثقة» والقدرة على حسم الموقف لصالحه. وتعتقد دوائر مراقبة أن عام 2006 سيكون حاسماً لتقرير مصير بلير للبقاء حتى عام 2008م أو اختيار التقاعد المبكر وترك مقعد الزعامة لوزير المالية الحالي جوردان براون؟! وسيحدد موقف بلير في البرلمان ومدى قوة تيار الاحتجاج ضده، فرصته في الاستمرار او الانسحاب من دائرة السياسة البريطانية بالكامل، فقد اعلن انه إذا خرج من البرلمان فلن يعود اليه أو إلى الساحة السياسية فقد يتقاعد ويتفرغ لكتابة مذكراته عن أهم فترة سياسية معاصرة في تاريخ بريطانيا.