تتنوع العبادات الشرعية بالنسبة للمكلف من حيث اشتمالها على افعال وهيئات وأقوال ما يبذله المسلم فيها من جهد فالصلاة عبادة قولية وفعلية يبذل المصلي فيها جهداً بدنياً واضحاً، والزكاة عبادة مالية يبذل المزكي فيها ماله تقرباً الى الله سبحانه. اما الحج فقد خص من بين سائر الطاعات باشتماله على انواع من الأفعال والأقوال ويبذل الحاج فيه انواعاً من الجهد الميداني والمالي في اداء هذه الشعيرة. ولذا فإن الحج يشتمل على عبادات كثيرة: فالحاج يتقرب الى الله سبحانه بالصلاة في عدة مواضيع فالصلاة بعد الطواف والجمع بين صلاتي الظهر والعصر بعرفة والمغرب والعشاء بمزدلفة وقصر الرباعية ايام التشريق كلها جزء من مناسك الحج التي يكمل الحاج بها نسكه. كما ان الحاج يبذل ماله في النفقة على نفسه وشراء هديه الذي هو جزء من مناسك الحج، وقد يضطر الى اطعام عشرة مساكين كفارة عن وقوعة في محظور كما قال سبحانه:{ففدية من صيام او صدقة او نسك}. كما ان الحاج قد يضطر للصوم الذي جعله الله عوضاً عن عدم القدرة على شراء الهدي او كفارة عن الوقوع في محظور كما قال سبحانه{فإن احصرتم فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة} ثم قال سبحانه {فمن كان منكم مريضاً او به اذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة او نسك}. كما ان الحج من اظهر شعائر الدين في اقامة ذكر الله وإشغال المسلم وقته دائماً بالذكر. فقد امر الله سبحانه بذكره في مواضع متعددة في مناسك الحج يقول سبحانه{فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وان كنتم من قبله لمن الضالين} وقال سبحانه {واذكروا الله في ايام معدودات} بل ان مناسك الحج جميعها من اقامة ذكر الله كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (انما جعل الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار من اقامة ذكر الله). ولذلك فإن الحج يجمع انواع العبادات كلها ويبذل المسلم فيه جهده البدني وجهده المالي مما لا يجتمع في غيره من العبادات اضافة الى ان الحج قد خصه الله سبحانه بثواب عظيم فقد قال صلى الله عليه وسلم (من حج فلم يرفث ولم يصخب رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه). وقال صلى الله عليه وسلم (الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة). كما ان الله قد خص الحج من بين سائر العبادات بأن وقته محدود محصور بمكان وزمان معين لا يمكن ان يقدر المرء على فعله في غير هذا الزمان كما لا يقدر على فعله في غير ذلك المكان، فمن فاته الوقوف بعرفه ليلاً او نهاراً فلا يستطيع ان يحج الا من العام القادم، ومن لم يكن بمكة وقت اداء المناسك فلا يمكن ان يؤدي الحج بخلاف الصلاة فالمسلم يؤدي الصلاة متى دخل وقتها في اي مكان فإن فاته وقتها قضاها يقول صلى الله عليه وسلم (من نام عن صلاة او نسيها فليؤدها اذا ذكرها) والزكاة مرتبطة بالمال يخرجها صاحبها متى ما حال عليها الحول ليست مرتبطة بوقت معين او زمان معين. فلذلك كان الحج مناسبة عظيمة لها ميزة خاصة لدى فاعلها ولها ميزة خاصة لدى الأمة الإسلامية، فلا يجتمع المسلمون من شتى بقاع الأرض في زمان واحد او مكان واحد بهيئة واحدة لعبادة واحدة إلا في الحج، فهنيئاً لمن وفقه الله لأداء هذه الشعيرة العظيمة. * وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لشؤون المساجد والدعوة والإرشاد