أثبتت التجارب ان ليس كل من أصبح لاعباً دولياً قادراً على تحليل المباريات وإيصال المعلومة السليمة عبر الإعلام ومن خلال الشاشة الصغيرة، لذلك فإن المتابع يضطر أحياناً للتسمر أمام التلفزيون لا من أجل رفع ثقافته الكروية وفهم النواحي الفنية، انما لكي يضحك حد الشفقة على بعض المحللين وطريقة استعراضهم لأحداث المباريات بأسلوب تقليدي قد يعمد إليه أي متابع في المدرجات ومن أقرب الأمثلة عندما يسأل المذيع ضيف الاستوديو «المحلل».. كيف يفوز الفريق الأحمر.. يرد قائلاً: لابد أن يهاجم حتى يسجل وقبل ذلك يعرف الطريق إلى مرمى الخصم وهنا يرسم العديد من علامات الاستفهام أمام المشاهد.. هل يظن هذا المحلل أن الفريق الأحمر سوف يفوز دون أن يهاجم ويسجل ويطرح المذيع سؤالاً مختلفاً على الضيف الآخر.. كيف رأيت المباراة فيفرك أصابعه: لقد رأيتها مثيرة وان اتسمت بالبطء من الطرفين مع انحصار الأداء معظم الوقت وسط الميدان الأمر الذي أثر على رتم اللقاء وجعله مملاً بعض الشيء.. وهنا تكثر علامات الاستفهام كيف تصبح المباراة مثيرة وبطيئة ومملة في آن واحد. وكأنه يحلل عدة مباريات وليس مباراة واحدة. يعود المذيع لاستنهاض همم المحللين من جديد يطرح السؤال هذه المرة عن اعاقة المهاجم الأخضر داخل ال 18 وهل هي ضربة جزاء أم لا؟.. فيرد المحلل الأول ربما تكون ضربة جزاء أو لا تكون وهدفه من ذلك طبعاً الهروب من الاجابة بكل غباء أما زميله الآخر فيرفض التعليق.. إذن لماذا أتيا إلى الاستديو ما دام انهما لا يبديان آراءهما بكل شجاعة وشفافية دون خوف من أحد أو مجاملة لأي ناد كان، سؤال آخر يطرحه المذيع المغلوب على أمره للهروب من «العك الكلامي» باتجاه البحث عن الاجابات المقنعة فيقول: برأيك هل كان قرار الحكم سليماً عندما ألغى هدف الفريق البنفسجي فيرد المحلل الذي يجلس يمينه.. الحكم أقرب منا إلى موقع الحدث.. نحن لا نريد منك أن تجلس داخل ال «18» حتى تحدد زاوية الرؤية من واقع خبرتك ومشاهدتك انما نريد رأيك كمحلل لكل صغيرة وكبيرة.. أما الذي يجلس على اليسار فيكتفي بعبارة نترك الحكم للجمهور في الملعب والمشاهد خلف التلفزيون ويبدأ المذيع المحاولة الأخيرة عسى أن يخرج الاستوديو من الرتابة ويحصل على الجديد لدى ثنائي التحليل فيطرح عليهما سؤالاً عن رأيهما في أداء الحكم ولماذا أخفق؟ فيعلق الأول لأن قراراته كانت ضعيفة فضلاً عن عدم تطبيقه للقانون وعدم قربه من مكان وقوع الأخطاء.. يدخل المحلل الثاني على الخط فيقول.. بس أرى ان الحكم رغم اخطائه المتعددة وضعف اللياقة لديه إلا انه وفق في قيادة المباراة!! وينتقل المشاهد ب «الريموت» إلى قناة أخرى فيرى مذيعاً آخر يسأل صاحب الشهادات العليا والتجربة الرياضية الطويلة عن رأيه في مدرب المنتخب «المقال» وهل بديله في مستوى الطموحات فيرد قائلاً: استمرار المدرب السابق لو حدث كارثة أما تعيين البديل فهو قرار صائب لأنه يعرف قدرات اللاعب السعودي ويقاطعه المذيع.. ماذا يحتاج البديل كي ينجح فيجيب ب «تناقض».. لا تنس ان عدد اللاعبين المتميزين لدينا قليل جداً لذلك من الصعب أن ينجح أي مدرب وكأنه بذلك يمنح شهادة براءة للمدرب المبعد ويضع «الاحباطات» في طريق خليفته.. «انتهى».. تلك مع الأسف نماذج لبعض التحليلات الرياضية عبر التلفزيون دون أن يخرج المتابع بأي اضافات فهو يدرك مسبقاً أن أي فريق إذا أراد الفوز لابد أن يهاجم ويسجل وان المباراة كانت «مملة» والحكم ضعيف ولكن اشرحوا لنا لماذا حدث كل ذلك.. ما هي الحلول والطرق المناسبة.. أوضحوا لنا نقاط القوة والضعف في الفريقين.. لماذا الشجاعة في إبداء الآراء تجاه مواقف وأحداث معينة والتزام الصمت أمام سلبيات يعرفها الجميع. ما نشاهده هو تضليل وليس تحليلاً وقبل ذلك إساءة «للمحلل» واخفاء للحقيقة وتطفيش للمشاهد في الوقت الذي يظن بعض الجماهير ان «نجومية» اللاعب ستساعده على أن يكون نجماً حتى في فهم الأمور الفنية وقول الحق واختيار التعبير المناسب بينما الواقع يكشف بجلاء ان التحليل «موهبة» وقدرة على الاقناع!!