سرت مخاوف عقارية من انعكاسات قرار مجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية لدول مجلس التعاون الخليجي والقاضي بتحديد العمال الأجانب وبقائهم في دول مجلس التعاون بست سنوات. وتركزت مخاوف في الأضرار التي ستلحق بقطاع الأعمال والقطاع الاقتصادي الذي يؤثر سلباً على القطاع العقاري وما يتبعه من نشاطات في قطاع المقاولات وقطاع البناء والتشييد، وذلك في ما سيسبب في وقف تأخر الشركات العقارية في تسليم المشروعات وما يتبع ذلك من نزاعات بين الشركات المنفذة وأصحاب المشاريع. لكن هذه المخاوف قلت بعد إعلان عبدالرحمن العطية الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الأسبوع الماضي توصية وزراء الخارجية بإعادة هذه الفقرة التي تنص على مدة بقاء العمالة الأجنبية بصفة خاصة إلى وزراء العمل لاعادة بحثها ودراستها. وأكد محمد الخليل رئيس اللجنة الوطنية العقارية في السعودية، أن القرار لن يخدم الاقتصاد في دول الخليج، مطالباً وزراء العمل الخليجي بضرورة إعادة النظر في القرار ودراسته بعناية واهتمام. وحذر الخليل من تطبيق القرار مخافة أن يكون السوق السعودي موطناً للعمالة غير المؤهلة، حيث سيترك تداعيات خطيرة على منشآت القطاع الخاص التي ما زالت تعتمد اعتماداً كبيراً على جهود العمالة الوافدة في تشغيلها ونموها بالنظر إلى عدم توفر القوى العاملة الخليجية الكافية والمؤهلة والراغبة في الحلول محلها. وحول مدى تأثيره على قطاع المقاولات والعقارات، قال إن القرار سيصب قطاع المقاولات بشلل بسبب عدم قدرتها على تنفيذ المشاريع المقبلة المتوقعة بسبب عدم توفر الأيدي العمالة مما سينعكس سلباً على قطاع المقاولات، وبالتالي سيتأثر السوق العقاري وذلك بارتفاع أسعار شراء وإيجارات العقارات والمباني بسبب محدودية العرض وارتفاع التكلفة التي لا نلوم فيها شركات المقاولات التي تخسر بسبب الإجراءات المتخذة نحو تفسير العمالة الذين تجاوز بقاؤهم السنوات الست، وضرورة دفع تكاليف جديدة لاستقدام عمالة جديدة. واستغرب الخليل أن يتم ترحيل العمالة بعد ما تم صرف الكثير من أجل تدريبهم - إلا في حالة وجود البديل من السعوديين، مشيراً الى أن ترحيلهم لن يخدم الاقتصاد فهم يعتبرون من الداعمين للبلاد وخصوصاً أن هناك توقعات بتنفيذ مشاريع في المستقبل القريب. من جانبه، قال مصطفى الطويل الكاتب والباحث في الشؤون الاقتصادية أن القرار الصادر من وزراء العمل لدول مجلس التعاون الخليجي لو تم تطبيقه فعلياً فسوف يؤثر بلا شك في قطاع العقارات والمقاولات، فلو فرضنا جدلاً أنه تم تطبيق القرار فعلاً وأن هناك شركات عقارية تقوم بشراء أراض بيضاء وتعميرها - مثلاً - فإنه يتعين عليها أن تقوم بالغاء عقود أغلب موظفيها وفنييها وعمالها من الأجانب لأن أغلبهم يمضي أكثر من ست سنوات في الشركة وسوف يترتب على ذلك كثير من السلبيات منها أولاً: أن الشركات العقارية مرتبطة بعقود تسليم الوحدات وما يتبع ذلك من شروط جزائية سوف تدفعها نتيجة توقف العمل، ثانياً: انه يتعين عليها استقدام عمالة جديدة وتدفع رسوم استقدام وإقامات. ثالثاً: يتعين على الشركة العقارية استقادم هذه العمالة ومن ثم تأهيلهم وتدريبهم على نفقتها وخصوصاً المهندسين والفنيين بعدما تكبدت نفس المبالغ على العمالة السابقة التي تم ترحيلها، رابعاً: أن استبدالهم بعمالة سعودية أمر شبه مستحيل لأن العمالة السعودية في قطاع العقارات والمقاولات شبه معدومة، بسبب انهم غير مؤهلين كخبرة للعمل في هذه المهن، خامساً: يتعين على صاحب الشركة العقارية - لحين استقدام عمالة جديدة - الاستعاضة عن ذلك بتوفير عمالة وافدة من الداخل وهو التستر، سادساً: أن الخبرة المتراكمة والكفاءة المهنية المكتسبة بتقادم السنين تضاعف من الإنتاجية وتحسن مستوى الجودة في العمل والإنتاج وهي كانت متوفرة في العمال الذين قامت الشركة بترحيلهم، وبالتالي سوف ينعكس ذلك سلباً على المنتج والخدمة النهائية للوحدة السكنية ويؤثر تسويقياً وبيعها على المستثمر العقاري نفسه ومن ثم زيادة خسائره أو أن بيع الوحدة بسعر مرتفع لتغطية مصاريفه، وبالتالي ينعكس السعر سلباً على العميل المشتري، سابعاً: أن القرار لم يستثن أحداً فقد طال الخبرات والإمكانيات المتميزة في العمالة من أمثلة كبار المهندسين الاستشاريين والخبراء الإداريين والتسويقيين لدى شركات العقار وما يتبع ذلك من التأثير المباشر على الاستراتيجيات في المرحلة القادمة للشركات العقارية، ثامناً: سوف يعزف العمال السعوديون عن العمل لانخفاض معدل الدخل، وعدم ملاءمة الوظائف لتطلعاتهم، وصعوبة المواصلات، وطول ساعات العمل، وعدم توافر التأمينات الاجتماعية في بعضها. وبالتالي فإن هذا الاجراء سوف يترتب عليه زيادة مطردة في أسعار العقارات ومشتقاتها في مجال مواد البناء والإنشاءات. وأكد الطويل إذا أردنا توطين العمالة السعودية في قطاع العقار والمقاولات فإنه يتعين علينا أولاً: تزويد المؤسسات التعليمية باحتياجات سوق العمل من الفنيين في قطاع العقارات والبناء والتشييد، ثانياً: زيادة مشاركة القطاع الخاص العقاري في تدريب وتأهيل المواطنين، ثالثاً: انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية يتعارض مع السعودة، حيث اتساع نظرة المنظمة إلى العمالة وتحرير التجارة من القيود، من بينها تحرير العمالة كعنصر مهم من عناصر قيام التجارة؛ وهو ما يؤثر على أنماط الوظائف وأدوار التدريب للموارد البشرية السعودية نوعاً وكماً، خصوصاً أن البرامج والخطط المستقبلية لمنظمة التجارة العالمية تهدف إلى عرض الوظائف المتاحة في جميع الدول الأعضاء عبر «الانترنت»، رابعاً: أن مواجهة منافسة الشركات الأجنبية في القطاع العقاري يستدعي اندماج وتحالف شركات العقارات في كيانات كبيرة وعملاقة قادرة على منافسة الشركات الأجنبية، حيث ستشارك العمالة الوافدة بجهد وبصمة واضحين في الفوز بالجزء الأكبر من الكعكة العقارية التي تتجاوز استثماراتها التريليون ريال، وبالتالي فإن اقصاءهم سوف يأتي بنتيجة عكسية، خامساً: هناك شركات عقارية كبرى تربطها تعاون حكومي نحو تنفيذ مشروعات حكومية وأي قرار يتخذ يكون من شأنه توقف نشاط الشركات العقارية سوف يؤثر سلباً على المشروعات الوطنية المقامة وما يتبع ذلك من نزاعات بين الشركات المنفذة وأصحاب المشاريع والسبب ارتفاع التكلفة بصورة يستدعى معها مراجعة العقود بين الشركات العقارية والجهات الحكومية لأن الشركة العقارية تخسر بسبب الإجراءات المتخذة نحو تسفير العمالة الذين تجاوز بقاؤهم السنوات الست. يذكر أن غرفة الرياض أعلنت قبل نحو شهر من الآن، اعتراضها على قرار مجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية لدول مجلس التعاون، والقاصي بتحديد إقامة العمال الأجانب في دول التعاون بست سنوات، كما حذرت غرفة تجارة وصناعة البحرين بعد صدور القرار من التبعات الاقتصادية الخطيرة التي ستنتج عنه، بجانب تأكيد لجنة التجارة والبحوث بالغرفة التجارية الصناعية القطرية أن هذا القرار سيتسبب في آثار سلبية جسيمة على قطر لأن العمالة المحلية لا تكفي وعملية إحلال عمالة جديدة كل 6 سنوات مستحيلة، محذرة من الآثار الجسيمة المترتبة على القرار في حال تطبيقه. يشار إلى أن ذكرت دراسات خليجية حديثة إلى أن عدد العمالة الوافدة في دول الخليج بلغ أكثر من 12 مليوناً أي ما يشكل 38,5 في المائة من مجموع سكان الخليج، حيث تستضيف السعودية أكبر عدد من هؤلاء العمال إذ يبلغ 7 ملايين يشكلون نسبة 30 في المائة من عدد السكان، بينما توجد في الإمارات أعلى نسبة إذ تشكل العمالة الوافدة نسبة 80 في المائة من مجموع عدد السكان، ويوجد في الكويت 1,475 مليون أي 63 في المائة من عدد السكان، أما قطر فتستضيف 420 ألفاً وبما نسبته 72 في المائة من مجموع السكان، وفي عمان 630 ألف عامل يشكلون 26 في المائة من عدد السكان، فيما يوجد في البحرين 280 ألفاً أي ما نسبته في المائة من عدد السكان.