أنهت هيئة الإنصاف والمصالحة التي أحدثت قبل سنتين وتحديدا بتاريخ 7 يناير 2004 مهامها التي كانت تتجلى أساسا في كشف حقيقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي عرفها المغرب ما بين سنتي 1956 إلى نهاية 1999 وسط تضارب في الآراء حول قيمة النتائج المتوصل إليها. ففي الوقت الذي اعتبر التقرير الختامي الذي رفعته الهيئة إلى العاهل المغربي أنها استطاعت تجلية الحقيقة عن القسم الأكثر قتامة في تاريخ المغرب وأن عملها جعل الطريق الآن معبدة إلى المصالحة والإصلاح، يرى خصومها أن عملها كان محابيا ولم يكشف عن الحقيقة بأكملها وساهم في تضليل الرأي العام المغربي. وقال إدريس بنزكري رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة إن الهيئة التي رأسها طوال هذه المدة استطاعت أن تكشف عن حقائق مهمة شكلت فترة سوداء في تاريخ المغرب الحديث تمثلت في الاستعمال المفرط للقوة العمومية ما نتج عنه عنف سياسي تجلى في اختفاءات قسرية واعتقالات تعسفية والتعذيب والاعتداء الجنسي والحرمان من الحق في الحياة والاغتراب الاضطراري. وأضاف أن عمل الهيئة تمثل في الكشف عن كل هذه الحالات بالإضافة إلى تقديم إجراءات عملية من أجل تسوية هذه الملفات وجبر ضرر الضحايا أو تعويض عائلاتهم إن كانوا من المتوفين. ونفى أن تكون الهيئة التي رأسها قد حابت في عملها جهة من الجهات ولو كانت الدولة نفسها وقال في هذا الإطار إن الهيئة حددت مسؤوليات أجهزة الدولة في هذه الانتهاكات والوقائع التي كانت موضوع تحريات طوال مدة السنتين. ويشار إلى أن هيئة الإنصاف والمصالحة استطاعت أن تحدد بدقة أماكن المقابر وكذا هوية 98 شخصا توفوا خلال فترة الاحتجاز بينهم 31 شخصا في معتقل تازمامرت و33 في أكدز و16 في قلعة مكونة و8 في تاكوينت وشخص واحد في كرامة وشخص آخر بالقرب من سد المنصور الذهبي وهي كلها أماكن سرية كان يعذب فيها معتقلو الرأي والمعارضون. وساعد عمل الهيئة على كشف حقيقة أرقام ظلت متضاربة في وسائل الإعلام حول عدد ضحايا اضطرابات مثل أحداث الدارالبيضاء سنة 1981 وأحداث فاس سنة 1990 وكانت الإشاعات ذهبت إلى حد عد ضحايا هذه الأحداث بالآلاف في حين توصل بحث الهيئة إلى أن عدد ضحايا اضطرابات الدارالبيضاء لم يتجاوز 114 وعدد ضحايا فاس 112. من جهتهم اعتبر خصوم الهيئة أن النتائج التي توصلت إليها الهيئة لا تعكس «الضجة الإعلامية والسياسية» التي رافقت تأسيسها مشيرين إلى أن الأهم من كشف الوقائع هو فضح الجهات التي وقفت وراءها وهو ما لم تقم به هيئة الإنصاف والمصالحة. ودعا الخصوم إلى ضرورة نشر أسماء من أسمتهم «الجلادين» حتى ينالوا جزاءهم العادل معتبرين أن ذلك هو أهم تعويض يمكن أن يقدم للضحايا. وأثار خصوم الهيئة مسألة وجود معتقلات سرية أخرى لم يتم الكشف عنها في إشارة إلى معتقل تمارة الذي تحدثت عنه وسائل إعلام أجنبية قالت إن الولاياتالمتحدةالأمريكية نقلت إليه معتقلين في قضايا الإرهاب مورس عليهم تعذيب وحشي. وذكر معتقل تمارة في تقارير لمنظمات حقوقية دولية مثل «هيومان رايتس» وكذا منظمة العفو الدولية «أمنستي» التي أشارت بدورها إلى وجود معتقل سري بالمغرب ونقل معتقلين إليه من أوروبا لاستجوابهم وتعذيبهم. واستندت منظمة العفو الدولية في هذا التقرير إلى تصريح معتقل سابق بالسجن السري المذكور يحمل الجنسية الأثيوبية صرح لصحيفة «الأبسرفاتور» البريطانية بأنه سبق أن اعتقل هنالك وتعرض للتعذيب تحت إشراف وكالة الاستخبارات الأمريكية. وقال الطالب الأثيوبي واسمه «محمد بنيامين» (27 سنة) بأنه تم نقله من أوروبا إلى معتقل تمارة بالمغرب من طرف عناصر تابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية وأضاف أنه تعرض لأقسى أنواع التعذيب هنالك. ونفت الحكومة المغربية في رد رسمي مقتضب بأن ما ورد في تقرير منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى حول نقل معتقلين من أوروبا إلى المغرب هو أمر غير صحيح وعار من الصحة. إلا أن جمعيات حقوقية مغربية طالبت الحكومة بتقديم تفسيرات أكثر حول الاتهامات التي وجهت إلى المغرب. وأمام هذا التحول الجديد يبقى التحدي مرفوعا أمام الدولة المغربية التي انخرطت منذ سنة 1999 في مسلسل الانفتاح الديمقراطي وتصفية والتخلص من تركة الماضي خاصة ما يتعلق فيها بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت في تلك الفترة من تاريخ المغرب الحديث. واعتبر محللون سياسيون أن ما قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة إنجازا شجاعا وباهرا لكن الطريق نحو ترسيخ دولة الحق والقانون بالمعنى الحقيقي للكلمة لا تزال طويلة وتتطلب شفافية وجرأة في معالجة الملفات الحقوقية وتجاوز الأخطاء المرتكبة. في مدريد اعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية الاسباني برناردينو ليون يوم الاربعاء ان وزارة الخارجية الاسبانية «تحاول جمع معلومات» حول توقف مفترض في مطار برشلونة (شمال شرق) لطائرة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه). وقال أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الاسباني «حتى الآن، الشيء الوحيد الذي نعرفه هو ان الامر يتعلق بتوقف قصير بدون حركة ركاب» مشيرا إلى ان الوزارة «تحاول جمع معلومات». وكان وزير الخارجية الاسباني ميغيل انخيل موراتينوس اعرب في 24 تشرين الثاني - نوفمبر أمام النواب عن «اقتناعه» بشرعية توقف طائرات اميركية في اسبانيا يشتبه بانها تنقل سجناء اسلاميين إلى سجون سرية تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية. وتحدث موراتينوس عن عشرين توقف لطائرات اميركية في اسبانيا مؤكدا ان الحكومة الاسبانية «وافقت» على عمليات التوقف هذه.