يعد مرفأ البحرين المالي مشروع تطوير عقاري متكاملاً على الواجهة البحرية للمنامة، وسوف يعتني بالقطاع المالي والمصرفي، كما يشمل المشروع مساحات تجارية وسكنية، إضافة للمحلات التجارية والمطاعم ومرافق الترفيه. عامل تعزيز جديد ذلك الذي سوف يقدمه مرفأ البحرين المالي للمكانة الجيوبوليتيكية للدولة البحرينية، إذ سوف يدفع هذا المرفأ باتجاه تأكيد موقع البلاد كمركز مالي إقليمي في الشرق الأوسط، وكهمزة وصل حيوي بين غرب آسيا وشرقها. وسوف يشكل المرفأ عامل دعم للحركة التجارية الإقليمية، ويرفد مناخ الإستثمار محليا وإقليميا، ويعزز من وفرة اليد العاملة المدربة والخبرات المصرفية التي ستقدم خدماتها إلى عموم الإقليم. كما سيشكل المرفأ مركز تلاقح بين الخبرات الإقليمية والدولية، حيث ستجعل منه العديد من الشركات العالمية منطلقا لنشاطات إقليمية ممتدة ضمن الشرق الأوسط وغرب آسيا وجنوبها الشرقي. وفي التحليل الأخير، سيكون المرفأ قد دفع عاليا باتجاه الارتقاء بالوظيفة الجيوبوليتيكية للدولة البحرينية، وتلك إحدى ثمار المشروع الإصلاحي الذي يقوده عاهل البحرين جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة. على أن المشروع الإصلاحي قد دفع في الوقت نفسه باتجاه تعزيز بنية الوزن الجيوبوليتيكي للدولة البحرينية من حيث كرس التعايش الوطني واستنهض عناصره الكامنة، وأطلق فضاء غير مسبوق للحريات السياسية، وسعى لبلورة ثقافة التكافل الاجتماعي وخلق المجتمع المدني الحديث. وهذه هي العناصر الحضارية والمعنوية الطابع في معادلة الوزن الجيوبوليتيكي للدول، تلك المعادلة التي لا يمكن النظر إليها على الصعيد المفاهيمي إلا كوحدة كلية غير قابلة للتجزئة. وهكذا تفاعلت معطيات الجغرافيا والتاريخ مع البيئة الحيوية للخيارات الوطنية لتهب للبحرين تميزها. ولنعد الآن إلى المرفأ المالي نفسه. يعد مرفأ البحرين المالي مشروع تطوير عقاري متكاملا على الواجهة البحرية للمنامة، وسوف يعتني بالقطاع المالي والمصرفي، كما يشمل المشروع مساحات تجارية وسكنية، إضافة للمحلات التجارية والمطاعم ومرافق الترفيه. ويتكون المشروع من ثلاثين وحدة تطوير مستقلة على مساحة 380,000 متر مربع، تضم المركز المالي (برجان يتألف كل منهما من 53 طابقاً، المجمع المالي، بيت المرفأ) ومركز البحرين العالمي للتأمين، وتسهيلات سكنية متطورة، ومرافق تجارية وترفيهية، فندق ومرسى للمراكب. ويمثل المركز المالي المرحلة الأولى للمشروع وقد تم البدء في عملية تشييده في آذار مارس 2004 ومن المتوقع الانتهاء منها في نهاية العام 2006. ويوفر برجا المركز مساحات تجارية لقطاع الخدمات المالية والمصرفية، وسيحتوي المجمع المالي على سوق البحرين للأوراق المالية والعديد من الأسواق المالية الأخرى، إلى جانب وسطاء الأسهم والبورصة وشركات تجارية عديدة. أما بيت المرفأ فيتصل بالمجمع المالي بواسطة جسر معلق ويوفر المساحة والخدمات المثلى للاستثمار التجاري. كما يعتبر مركز البحرين العالمي للتأمين من أهم العناصر في مشروع مرفأ البحرين المالي، والذي سيعد وجهة مثالية لتلبية مختلف احتياجات سوق التأمين. وسيتم تطوير الطابق الأرضي والأول من المركز على شكل مساحات تلائم المحلات المتخصصة في تقديم خدمات التأمين، إضافة إلى مقهى مخصص للاجتماعات، فيما يضم الطابق الثاني قاعة للمؤتمرات مزودة بكافة المرافق والتسهيلات، هذا بالإضافة إلى مكاتب جمعية البحرين للتأمين. وسيعمل المركز على تعزيز مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الاجمالي للدولة، التي تصل حاليا الى نحو 2,6 بالمئة. ويقترب المركز من مفهوم المجمع المالي الذي يعد محور مشروع المرفأ، وسيضم سوقا للاوراق المالية وغيره من الاسواق المالية، إضافة الى شركات التخليص والوساطة والشركات التجارية ذات العلاقة. وسوف يقدم المركز خدمات تأمينية شاملة من المرفأ الذي يعمل على مدار الساعة. ويمتد المركز الذي يضم 14 طابقا على مساحة 750 مترا مربعا. وفي آذار مارس 2005، أعلن مرفأ البحرين المالي عن تعيين شركة «نايت فرانك» البريطانية للتسويق العقاري وكيلاً معتمداً لإدارة عمليات المبيعات والتسويق والتأجير للمرحلة الاولى من المشروع وهي المركز المالي. وتمهد الاتفاقية لدخول «نايت فرانك» إلى الأسواق الخليجية من خلال تحالفها الاستراتيجي مع شركة «كريب اند ايليس» وشركائها وشركاتها المنتشرة في أكثر من ثلاثين دولة في العالم يعمل فيها اكثر من تسعة آلاف موظف عبر 200 مكتب، في حين يصل حجم أعمالها إلى أكثر من عشرة مليارات يورو في مجالات التجارة والعقار. وتتمتع «نايت فرانك» بخبرة واسعة في تسويق العديد من المشاريع العملاقة، وفي مقدمتها مشروع كناري وارف في لندن، مما يضفي قيمة كبيرة على خدماتها لمرفأ البحرين المالي. كذلك أعلنت إدارة المرفأ عن تعيين «شيستيرتون انترناشونال»، وكيلاً لعمليات المبيعات والتسويق والتأجير للأسواق الاستراتيجية في جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى. وهي تعد من أكبر الوكلاء والاستشاريين في مجال العقارات وتتخذ من سنغافورة مقرا لها. وتتمتع «شيستيرتون» بخبرة واسعة بالأسواق العقارية الآسيوية، إلى جانب امتلاكها لفروع في الشرق الأوسط وأوروبا وأستراليا والكاريبي وأمريكا الشمالية. ولا ريب من أن وجود المجموعة في أسواق جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى، مع هذه الخبرة الطويلة في مجال المعاملات العقارية سيمكنها من تسويق مرفأ البحرين المالي على أحسن وجه. وفي تموز يوليو 2005، أعلن القائمون على مرفأ البحرين المالي عن إغلاق الاكتتاب بنجاح على الصكوك المعروضة حيث وصلت قيمة الاكتتاب إلى 134 مليون دولار أمريكي. وتصل مدة اجل صكوك المرفأ إلى خمس سنوات حتى العام 2010 وهي مخصصة لتمويل وتطوير المركز المالي الذي يمثل المرحلة الأولى من المشروع. وقد لاقى عرض الصكوك الذي تم طرحه في الأسواق إقبالا كبيرا من جانب العديد من المؤسسات المالية في البحرين والمنطقة. وتمت عملية الاكتتاب بقيادة بيت التمويل الخليجي، مركز إدارة السيولة، بنك دبي الإسلامي، بنك الإمارات الإسلامي، بنك التطوير الإسلامي، بنك البحرين الإسلامي، وبنك الشارقة الإسلامي إلى جانب العديد من المؤسسات المالية. وتتمتع البحرين بسمعة متميزة في إصدار وتجارة الصكوك الإسلامية. والصكوك عبارة عن سندات إسلامية تتبع تعاليم ومبادئ الشريعة الإسلامية بصورة كاملة. وان الإقفال الناجح للصكوك يعكس مدى الإقبال على الاستثمار بها ويشجع على ظهور أسواق ثانوية لبيع الصكوك. ومن مميزات الاكتتاب في الصكوك قلة المخاطر، بالإضافة إلى تنوع محفظة المستثمرين. وهو يزيد من عدد المنتجات الإسلامية المعروضة في الأسواق، مما يعزز من تدفق الأموال داخل الدول المصدرة للصكوك ويدعم الأسواق الإسلامية في جميع أنحاء العالم. وكانت «مؤسسة نقد البحرين» قد أصدرت في كانون الثاني يناير 2002 لوائح جديدة للبنوك الإسلامية تأخذ في الاعتبار سماتها الخاصة والمقاييس المحاسبية التي أرستها «هيئة المحاسبة والتدقيق للبنوك والمؤسسات الإسلامية»، وكذلك الإرشادات العالمية المختلفة التي وضعتها «لجنة بازل». كما أن البحرين مقر ل «المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية» الذي تأسس في أيلول سبتمبر2001 ليكون المنظمة الأم للبنوك الإسلامية. وتعتبر الخدمات المصرفية أحد المصادر الرئيسية للازدهار الذي تشهده البحرين، حيث تمنح الرخص للوحدات المصرفية الخارجية (الأوفشور) التي لا تتعامل في العمليات المصرفية المحلية، بل تقوم بتوجيه الأموال النقدية من منطقة إنتاج النفط إلى الأسواق العالمية من جديد. وقد باشرت البحرين بإعداد خطة رئيسية لجعل البلاد قاعدة للوحدات المصرفية الأوفشور. وقد صنفت «مؤسسة التراث (Heritage Foundation)، النظام المصرفي البحريني في المرتبة رقم (1)، «مستوى منخفض جدا من القيود»، على مقياس للانفتاح الاقتصادي درجاته من 1 إلى 5 بحيث ترمز الدرجة رقم 1 إلى أعلى درجات الانفتاح على رأس المال العالمي ودرجة 5 إلى أقلها انفتاحا. وتأتي الخدمات المصرفية والمالية في المرتبة الثانية بالنسبة لقطاع الاقتصاد. ويزيد عدد الموظفين الذين يعملون في قطاع الخدمات المصرفية في البحرين على 4000 موظف. ويساهم هذا القطاع بأكثر من 16٪ في الناتج القومي الإجمالي. وقد أبرز النمو الاقتصادي السريع الذي جاء على أثر ارتفاع أسعار النفط في العام 1973 ضرورة ايجاد خدمة مصرفية موسعة وأكثر تطورا، وبفضل التخطيط الفعال وتوفير الحوافز الاستثمارية الملائمة، برزت البحرين كمركز مالي رئيسي في منطقة غرب آسيا. ولعل أبرز العوامل لتقدم البحرين في هذا المجال، قيام الحكومة بإصدار تراخيص للوحدات المصرفية الأوفشور في العام 1975، وإلغاء الكثير من الشروط التقييدية التي كانت مفروضة على البنوك، والسماح للمؤسسات المالية بقبول الودائع من المقيمين وغير المقيمين على حد سواء عن طريق الرخص الممنوحة للبنوك الاستثمارية. وفي منتصف السبعينات نفّذت «مؤسسة نقد البحرين» خطة لجذب المؤسسات المالية العالمية من خلال تقديمها المزايا التالية: بيئة خالية من الضرائب؛ استقرار على مستوى الاقتصاد الكلي؛ قوة عمل ماهرة ومؤهلة؛ وضوح في الإطار القانوني والإداري؛ خدمات بنية تحتية حديثة؛ وسياسات اقتصادية حرة مثل قابلية الدينار البحريني للتحويل إلى عملات أخرى بأسعار السوق. وتقوم «مؤسسة نقد البحرين» بوظيفة البنك المركزي، وتدير هذه المؤسسة شؤون العملة الوطنية؛ وتضمن انتظام عمل الأسواق المحلية لصرف العملات الأجنبية؛ وتحافظ على قيمة العملة المحلية وعلى الاستقرار النقدي؛ وتنظّم الأعمال المصرفية اللازمة للرقابة على النظام المصرفي؛ وتضبط الائتمان المصرفي وفقا لسياسات الحكومة؛ وتساعد على تنمية أسواق البحرين المالية؛ وتتصرف كوكيل مالي عن الحكومة في إصدار واسترداد أصول/أوراق الدين. ويفصّل القانون الخاص بالمؤسسة الصادر بالمرسوم الأميري رقم 23 لعام 1973 سلطاتها ومسؤولياتها، بما في ذلك الترخيص للبنوك، وتنظيم أنواع العمل التجاري الذي يمكن للمصارف وغيرها من المؤسسات المالية أن تديره، وتحديد رأس المال والاحتياطات المطلوبة، وتقرير إفلاس وتصفية البنوك والمؤسسات المتصلة بها. وفي السياق ذاته، أعدت البحرين، عند إدراكها الحاجة إلى سوق منظمة للأسهم في أوائل الثمانينات، دراسة جدوى أعقبها تأسيس سوق البحرين للأوراق المالية في حزيران يونيو من العام 1989. وبالإضافة إلى دورها كسوق عادية للأوراق المالية، تتصرف سوق البحرين كمنظم للسندات المالية وتتولى الرقابة على سوق رأس المال عموما. وتدرك «بورصة الأوراق المالية البحرينية» الحاجة إلى تعاون أسواق الأوراق المالية من أجل نجاح المنطقة ماليا في الأمد الطويل. وبناء على هذا الإدراك، قامت بعقد اتفاقيات مع وكالات إقليمية مجاورة مماثلة مثل «سوق مسقط للسندات المالية» سنة 1995، و«سوق عمّان المالي» سنة 1996، و«الهيئة المصرية لسوق رأس المال» سنة 1997. وبالإضافة إلى ذلك، وقعت أسواق الأوراق المالية البحرينية والعمانية والكويتية اتفاقيات لتبادل تسجيل الأسهم. كما وقعت بورصة البحرين اتفاقا سنة 1997 مع سوق الأوراق المالية الكويتي من اجل تعزيز التبادل بين الدولتين. وقد خففت البحرين من القيود المفروضة على التملك في سوق الأوراق المالية، فسمحت لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي بتملك 100 بالمئة من أسهم أي منشأة مدرجة في السوق بدلا من 49 بالمئة، كما كان الحال سابقا. كذلك تم رفع سقف ما يمكن للأجانب تملكه من 24 بالمئة إلى 49 بالمئة. وبحلول منتصف العام 2002 امتلك المستثمرون من دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من خمسين بالمئة من الأسهم المدرجة في البورصة. وأطلقت سوق البحرين للأوراق المالية سنة 1999 التجارة الإلكترونية، وقامت «المؤسسة المالية الدولية» في العام نفسه بإضافة سوق الأوراق المالية البحرينية إلى دليلها الخاص بأسواق الأسهم الناشئة. ويندرج نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية في البحرين في عداد أكثر انظمة الاتصالات تطوراً في العالم. وتقدم شركة البحرين للاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو) خدمة متميزة لمختلف قطاعات الاقتصاد. ولولا هذا العنصر الاساسي للبنية التحتية الحيوية، لما استطاعت الدولة أن تكتسب اهميتها الحالية في أسواق العالم المالية. ويشكل الانفتاح المالي جزءا من الانفتاح الاقتصادي الذي تتمتع به البحرين منذ أمد بعيد، وحيث توج بانضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في الأول من كانون الثاني - يناير من العام 1995. وتوجد في البحرين حاليا عشر مناطق صناعية حرة أنشئت لتحقيق أغراض عملية محددة تتمركز معظمها في مواقع استراتيجية في كافة أنحاء البلاد، وتوفر هذه المناطق تسهيلات لما يزيد على خمس مئة شركة صناعية مختلفة تنتج طائفة متنوعة من المنتجات والخدمات، ويجري حاليا بناء منطقة صناعية حديثة تغطي مساحة تبلغ 640 هكتارا مصممة وفقا لأعلى المواصفات العالمية، تقع قرب الميناء الجديد المزمع إنشاؤه في جنوب مدينة الحد شرقي البلاد. وتمنح مزايا عديدة لمستخدمي هذه المناطق الحرة منها الإعفاءات الضريبية على واردات المواد الخام والبضائع شبه المصنعة والآلات والأدوات، بالإضافة الى حرية التصدير واعادة التصدير. وقد بدأ العمل في بناء الميناء الجديد الذي سيكون مؤهلا لاستقبال الجيل الجديد من سفن الحاويات ذات السرعة العالية، وبهذا يستطيع جذب عدد متزايد من خطوط الملاحة البحرية.