قرر ملك بوتان جيغمي سينغي وانتشوك -05 سنة - التنحي عن الحكم سنة 2008 لصالح ابنه (جو جونسون) الذي هو ولي العهد منذ سنة 2004 وهو قد تلقى تعليمه بجامعة اكسفورد البريطانية. وسيتزامن التنحي إجراء أول انتخابات في تاريخ هذه المملكة المنعزلة عن العالم والمحشورة في شرق جبال الهيمالايا بين الهند والصين . وتبلغ مساحة بوتان 46500 كلم مربع ويسكنها حاليا مليونان وربع مليون نسمة كلهم بوذيون تقريبا وعاصمتها ثيمبو. ويطلق عليها الأوربيون وصف «شانغريلا» بسبب غرابتها وجمالها وبعدها عن العالم المتحضر وكراهيتها للأجانب. وبوتان هي من الدول القليلة في العالم التي لم تتعرض للاستعمار الأوربي .. ولم تسمح بدخوال الأجانب الى أراضيها إلا في سبعينيات القرن الميلادي الماضي وقد انضمت بوتان الى الأممالمتحدة سنة 1971 وقد دخلها التليفزيون أيضا في تلك السنة. وستظهر بوتان عقب انتخابات 2008 كملكية دستورية وديمقراطية برلمانية ولكن لم يتضح بعد السلطات التي سيستبقيها الملك لنفسه في إطار الدستور الجديد إذ هو يحكم حاليا بصورة استبدادية كاملة مثل ملوك العصور الوسطى وأسرة الملك الحالي تحكم بوتان منذ 1907. وقد ظل الملك الحالي يحكم بوتان منذ كان 16 سنة من العمر عقب وفاة والده. وقد حاول الملك الحالي قدر الإمكان أن يبعد بلده عن العالم فارضا عليه نوعا من القرنطينة وقوانين صارمة لسلوك سكانها. وهو يقول أن «إجمالي السعادة القومية» أهم من «إجمالي الناتج القومي». وقد نشر الملك مشروعا للدستور من 34 مادة في شهر مارس الماضي. ويقضي الدستور إنشاء برلمان من مجلسين أحدهما منتخب يحتوي 75 عضوا والآخر معين يحتوي 25 عضوا من الأعيان و10 من ممثلي الديانة البوذية. ومن المتوقع أن يسمح بظهور الأحزاب السياسية في بوتان نتيجة التغيرات الدستورية الجديدة. وسيحل الدستور الجديد محل القرار الملكي لسنة 1953 والذي أعطى الملك سلطات تنفيذية كاملة. وقد أجريت انتخابات المجالس القروية في الشهر الماضي وسمح خلالها بالتصويت لكل مواطن لأول مرة في تاريخ بوتان وكانت كل أسرة تملك صوتا واحدا فقط في الماضي. وقد استغرب عامة البوتانيين أن يتنازل الملك عن سلطاته لعامة الناس قائلين أنهم راضون بحكمه وعدله وحكمته. إلا أن المعارضين الذين يعيشون في المنفى وخصوصا في نيبال يقولون أن الملك يفعلها بسبب الضغوط الدولية وأن شيئا ما لن يتغير في حقيقة الأمر. وهناك نحو مائة ألف من البوتانيين من أصل نيبالي يعيشون في مخيمات اللاجئين في نيبال منذ 15 سنة وترعاهم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وقد اضطر هؤلاء لترك وطنهم بسبب ضغوط الأغلبية البوذية التي تكره الهندوسية كما أن بوتان ترفض السماح بأية لغة ما عدا البوتانية.. وحسب الأنباء القادمة من العاصمة ثيمبو ساد الذهول والوجوم في أنحاء بوتان عقب هذا الإعلان يوم الجمعة الماضي حيث لم يتوقع أحد أن يقرر الملك التنحي بعد أن أصبح جزءا من حياة هذا البلد الذي يسير فيه كل شئ ببطء شديد..