يفرض دخول المملكة في منظمة التجارة العالمية على ما يسمى تجاوزا سوق الخدمات الصحية أن يكون مقدم الخدمة في مستوى المنافسة مع المستشفيات والشركات الصحية الأجنبية أو سيواجه حتما التلاشي. فالمستهلك الواعي سيملك الخيارات المتعددة التي على ضوئها سيحدد مقدم الخدمة الذي سيتعامل معه ويسلمه صحته وصحة عائلته، ولن يشكل عائق السعر الذي تلعب على حباله المستشفيات ذات الخدمات رديئة الجودة عائقا أمام تنفيذ اختياره فالتأمين الصحي الإلزامي سيوفر له السيولة الكافية للعلاج في المستشفى الذي يريد في الوقت الذي يريد. ومع فقدان المستشفيات رخيصة الخدمة رديئة الجودة أحد أهم أسلحتها ستضطر إلى مغادرة قطاع الخدمات الصحية بعد لملمة الخسائر المالية المتراكمة جراء صراعها للبقاء على قيد الحياة. وسبب الحديث عن المستشفيات العائلية على وجه الخصوص هو أن معظمها يختص بصفات إدارية لا تتواجد في الشركات الطبية وهي الإدارة الأوتوقراطية و البيروقراطية والتقشف المالي على حساب الجودة وانعدام المفاهيم الاقتصادية الصحية كالتسويق والتأمين الصحي ومحاسبة التكاليف ومراجعة الاستخدام والمقارنة وغياب المفاهيم الإدارية كرفع الأداء والإنتاجية وتحسين بيئة العمل والتخطيط والتنظيم. وغياب هذه المفاهيم أو بعضها سيجعل القادمين الأكثر خبرة أكثر قدرة على استقطاب المراجعين من المرافق الصحية المترهلة ، وإن لم تعمل هذه المستشفيات على سلك الحلول الإدارية الاقتصادية الفعالية فقد تفقد نفسها ويفتقدها المجتمع، تماما كما هو الحال مع ( كندا دراي) للمشروبات الغازية التي لا يزال مبناها قائما - في مدينة الرياض -وشاهدا على اندثار بعض الماركات التجارية التي لم تواكب التغيرات. ومن أبرز الحلول الناجعة للبقاء والنمو تحويل المستشفيات إلى شركات مساهمة لتوفير السيولة المالية واستقطاب الخبرات الإدارية القادرة على النهوض بالمستشفى وجعله قادرا على المنافسة كما فعلت الشركات التجارية كفتيحي مثلا وكما ستفعل بعض الشركات الطبية والمستشفيات كمستشفى دلة أو شركة دلة الصحية التي ستتحول من شركة مساهمة مغلقة إلى عامة تطرح 30 ٪ من أسهمها للاكتتاب العام ؛ ولتنفيذ هذا الحل فإن المؤسس للمنشأة يجب أن يكون على قدر من الوعي الاقتصادي الإداري وأن ينظر لمصلحة المنشأة الصحية التي سيخدمه تطورها على المستوى البعيد بدلا من النظر لمصلحته الشخصية التي قد تقود إلى انهيار عاجل. ومن الحلول الحيازة أو ما يسمى Acquisition وهو أن تقوم المستشفيات والشركات الطبية الكبرى بتملك وشراء المستشفيات والمراكز والمرافق الطبية والصحية المعرضة للإفلاس وذلك لاستثمارها وزيادة الرقعة الجغرافية التي تخدمها المستشفيات الكبرى للوصول إلى أكبر شريحة من المستهدفين ، وتعمل بعد تملكها على إعادة هيكلتها و تغيير ثقافة العمل فيها لتتناسب مع الشركة الأم ؛ ومن عيوب هذا الحل تغييب هوية المنشأة المملوكة اسما و إدارة لصالح المالك الجديد ، وقد حدث أن استأجرت وزارة الصحة واشترت بعض المستشفيات الأهلية التي عانت من الضائقة المالية لتستفيد منها في توفير مراكز للرعاية الصحية طويلة الأمد (النقاهة) ولكن النظام الصحي الجديد والتوجه للخصخصة سيقلب المعادلة ليصبح القطاع الخاص هو من يقوم بشراء واستئجار مرافق وزارة الصحة. ومن الحلول لتطوير أداء المستشفيات العائلية أو غيرها من المستشفيات التوأمة أو التعاون الفعال مع المراكز الطبية الأجنبية المعروفة ليتحقق بذلك تسويق الخدمات المقدمة عن طريق الاستفادة من الاسم التجاري والطبي للمراكز المتقدمة و استقطاب المستفيدين الذين يبحثون عن الخدمات الراقية المأمونة. وأخيرا وليس آخرا وهو من أهم الحلول التي طبقت وجربت سياسة الدمج التي أثبتت فعاليتها لعدد من المراكز الطبية ، ولأهمية الموضوع وتشعبه قد يكون من الأفضل إفراد مقالة خاصة واستعراض بعض التجارب المحلية والدولية التي نجحت في تطبيقه. [email protected]