قبل أسابيع كرَّم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد مجموعة من أعضاء هيئة التدريس من جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والحاصلين على براءات اختراع مسجلة في الولاياتالمتحدة. وقد تفضل ولي العهد بتقليد أولئك العلماء الباحثين وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى. ولاشك أن هذا التكريم والرعاية والاهتمام يعكس تقدير الدولة والمسؤولين لأهمية البحث العلمي والإبداع التقني في تطوير ورقي بلادنا الحبيبة. وعندما ننظر إلى الحضارة العربية الإسلامية نجد أنها حضارة إنسانية ترعرعت في مناخ يحترم فيه العلم والعلماء. وقد ازدهرت المعرفة في تلك العصور الإسلامية، لأن الحكام والأمراء والمسؤولين اهتموا بالبحث العلمي ونشر المعرفة وتشجيع العلماء. والبحث العلمي يتم من خلال تشجيع جميع العلوم، سواء كانت إنسانية أو بحثية أو تطبيقية، وتشمل العلوم البحتة الكيمياء والفيزياء والرياضيات والجيولوجيا... الخ وهي علوم مهمة وأساسية لتطوير العلوم التطبيقية مثل الطب والهندسة والزراعة والصيدلة.. الخ ولتطوير التقنيات الناشئة عنها. وتركز العلوم التطبيقية على تحسين خصائص المواد والثروات الطبيعية والآلات والمصنوعات التي يستعملها الناس، وينتج عنها كثير من التقنيات المفيدة للإنسان والبيئة والمجتمع. ونلاحظ أن الأبحاث التطبيقية يدعمها القطاع الخاص غالباً، ويخصص لها ميزانيات أكبر من الميزانيات التي تخصصها الحكومات، أما الأبحاث الأساسية أو البحتة فتدعمها غالباً الحكومات في معظم الدول المتقدمة، وتتطلب هذه الأبحاث مدة أطول من مدة إجراء الأبحاث التطبيقية. إن تكريم الأمير عبدالله لهؤلاء المبدعين وعددهم سبعة من جامعة الملك سعود، وستة من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وأربعة من جامعة الملك عبدالعزيز هو خطوة رائدة على طريق الإبداع العلمي الذي بدأ يظهر في بلادنا من خلال البحث العلمي وتشجيع الباحثين، والأمل كبير في أن يستمر هذا التكريم، وأن يكون حافزاً لمزيد من براءات الاختراع التي تعد مؤشراً جيداً على التقدم العلمي والتقني. وكنت أتمنى أن تكون بعض براءات الاختراع التي حصل عليها الباحثون قد قدمت لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، التي ينبغي أن يكون لها دور أكبر في المستقبل لتشجيع الباحثين والمخترعين. ولا يفوتني أن أشيد بدور القطاع الصناعي وخاصة شركة سابك لتدعيمها الواضح للبحث العلمي، كما أتمنى أن يسهم الأخوة العلماء الباحثون في تدريب وتخريج أجيال جديدة من المبدعين في مجال البحث العلمي والتقني. إن ازدهار اقتصادنا في المستقبل سيعتمد بعد مشيئة الله تعالى على عقول وسواعد رجالنا المخلصين من جميع الفئات، وخاصة ممن يعملون في مجالات البحث والابداع العلمي والتقني. والله ولي التوفيق.