تؤرق الناس في بلادنا ظاهرة سرقة السيارات حيث أصبح الانسان لايأمن على سيارته في أيّ مكان في وقتٍ تفنن فيه اللصوص وحرامية السيارات في طرائق السرقة فمن يسطو عليها ليلاً و(يجطل) الاسلاك ليوقد شرارة اشتعال المحرك ويهرب بها وسارق لها في وضح النهار إذ يفتعل بعض المجرمين حادث تصادم بسيط مع أحدهم وما أن يترجّل من سيارته ليتفاهم مع من صدمه إلاّ ويستخدم اللصوص معه «تكتيك» المشاغله فيهرب أحدهم بالسيارة بينما الثاني يفرّ في الاتجاه الآخر هذا غير الأسلوب الثالث وهو الأقدم والأشهر حين يترصّد السارق للكسولين من السائقين بالقرب من الأسواق والبقالات ومكائن الصرف الآلي حيث يترك هؤلاء الكسالى سياراتهم في وضع تشغيل وما على السارق الاّ الركوب والفرار بها في غمضة عين ليبدأ مسلسل العويل والاتهامات المتبادلة بين مالكي السيارات المسروقة وبين الشرطة كلّ يتهم الآخر بالتقصير بينما اللصوص يتكاثرون والسيارات تختفي ونحن مازلنا في حوار عقيم عنوانه: (هل وصلت سرقة السيارات في بلادنا الى حدّ الظاهرة أم هي حوادث فردية يمكن السيطرة عليها بسهولة..؟؟) الشيء الجديد في الموضوع هو التساؤل الذي بدأت ترتفع درجة حرارته عن غياب العقوبة ومن المتسبب في ذلك الغياب ثم التعجب من تهاون الجهات المعنية وتهوينها من حجم الظاهرة وبعدها التأخر في صدور الأحكام والتكتم على الاعلان عنها فماذا لو تم الاعلان عن اسم السارق ونشر صورته ومن ثم العقوبة المطبّقة بحقه كما يتم في بيانات وزارة الداخليّة حول الاشخاص المزوّرين أو إعلان حد القصاص في المجرمين الذين يفسدون في الأرض إذ تشرئب الاعناق وترهف الأسماع حين يبدأ المذيع بالعبارة الشهيرة «قال الله تعالى» ثم يتلو آية القصاص وبعدها تفاصيل الجريمة وتسلسل الاجراءات حتى الوصول الى التنوية عن مكان وزمان وطريقة تنفيذ الحكم.! في خبر بثّته وكالة (رويترز) من كولومبيا حول مطالبة قطاع صناعة السيارات هناك ببناء معسكرات (اعتقال) يودع فيها لصوص السيارات للعقوبة حيث أعلن رئيس اتحاد صناعة السيارات الكولومبية ذلك وأوصى في خطته اجبار اللصوص على زراعة غذائهم قائلاً (نحن نطلب من وزير الداخلية إنشاء سجن على غرار معسكرات الاعتقال له اسلاك شائكة وبه أكواخ وأنه يتعيّن على المعتقلين من لصوص السيارات أن يُنتجوا غذاءهم أو يواجهوا الموت جوعاً ، إنه من الخطأ أن يذهب أُناس كثيرون الى السجن ثم يتعيّن علينا أن نعولهم بأموال الضرائب) ونحن هنا في بلادنا لسنا أقل من كولومبيا فلماذا لانبدأ اولاً بتخصيص قوّة مهمتها (مكافحة سرقة السيارات) كما أنشأنا مكافحة المخدرات ومكافحة الارهاب وغيرهما من الجرائم المخلّة بأمن الوطن ثم تخصيص محاكم لهذا النوع من الجرائم بحيث تكون العقوبة تقييد حريّة السارق في (معسكرات عمل) يقوم خلال مدّة محكوميته بأعمال نافعة مثل تنظيف الصحاري والشواطي والجبال أو زراعة الطرق الطويلة بالاشجار وغيرها من الأعمال النافعة وخلال هذه الفترة الزمنية يتلقى دروساً في الاخلاق والقوانين ومهارات في العلاقات الانسانيّة السويّة . هي رؤية قد تكون نافعة للحدّ من (ظاهرة) تقلق المجتمع وتتجاهلها الجهات المعنيّة.