لم يتبق سوى ساعات وتنتهى جولة مفاوضات هونغ كونغ الأشرس والأعنف على مدى تاريخ منظمة التجارة العالمية حتى الآن رغم انها لم تحقق نتائج ايجابية حتى الآن ولم تتمكن الدول والمجموعات من حسم اي قضية من القضايا المطروحة لصالحها.. واصبح الكل كسبان وخسران في آن واحد. وكانت جميع الملفات مفتوحة وقابلة للمناقشة بدءاً من الملف الزراعي والصناعي والخدمات وحتى ملف القطن الا ان ايا من تلك الملفات لم يغلق بعد ولم يتخذ اي قرار بشأنه احدها ولم تشهد الأيام الأربعة الأولى للمؤتمر الا تصريحات وعمليات شد وجذب ووعود متباينة فالكلام الجانبي والشخصي داخل اروقة المؤتمر شيء وفي الجلسات الرسمية شيء آخر ومن الممكن ان يطلق على تلك الجولة جولة التصريحات المفرغة من المحتوى حيث يغلب على تلك الكلمات الصيغة الدبلوماسية التي تتحمل معها عدة تفسيرات. ويرى بعض المراقبين ان مثل تلك الاجتماعات والموتمرات لا تشهد غالبا نتائج ملموسة في البداية وتظل معلقة حتى النهاية وذلك لرغبة كل طرف في الحصول على اعلى المكاسب الممكنة وتخفيض التنازلات الى ادنى مستوى ممكن ومن الممكن في النهاية حدوث انفراجة ولو بسيطة في اي موقف من المواقف المتعددة والمتشابكة تريح اعصاب الجميع على الرغم من ان لم يحدث من قبل الا ان الأمل لا يزال يحدو الجميع. ويخشى الجميع الا يسعفهم الوقت للمناورة حيث لم يعد سوى ساعات قليلة وينتهي هذا المحفل الاقتصادي الضخم بل والأهم على مستوى قارات الأرض جميعا ولذلك فأي خطوة لابد ان تكون محسوبة خلال الساعات القادمة. ومن الايجابيات التي تحققت في تلك الجولة موقف الدول النامية الذي اصبح لأول مرة يتسم بالايجابية والتنسيق وكان لمصر دور هام ورائع في هذا الاتجاه حيث قامت من خلال رئيس وفدها المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعه بمحاولة لم شمل المجموعات وتوحيد كلمتهم واستغل موقعه كرئيس للمجموعه الافريقية في تلك الجولة واصبح هناك تركيز على ملفات لم تحظ باهتمام من قبل مثل ملف التنمية والذي ركزت علية المجموعه الافريقية بصورة كبيرة بالاضافة الى دعم ملف القطن الذي تتبناه اربع دول افريقية هي بنين وتشاد وبوركينافاسو ومالي وايضا الموقف الثابت من الغاء كامل للدعم الذي توجهه الدول الغنية لمنتجاتها الغذائية. اصبح تحرك مجموعات الدول النامية المتمثله في المجموعه الافريقية وجي 20 وجي 33 ومجموعه الدول الافريقية والكريبي الباسيفيك (ايه سي ب7) ومجموعة الدول الأقل نمواص (ال.دي.سي) يمثل اهمية كبيرة الآن داخل اروقه المجتمع وبدأت تلك المجموعات تمثل بمثابة لوبي ضغط على اي قرار قد تأخذه المنظمة حيث اصبحت الآن في قلب دائرة الضوء. الا انه حتى الآن ما يزال التواجد العربي غائبا عن تلك الاجتماعات على الرغم من وجود ست دول اعضاء في المنظمة هي مصر والأردن والمغرب وتونس والامارات والسعودية التي انضمت مؤخراً. ويتوقع المراقبون ان يحاول الموتمر الحالي ترحيل الملفات مع استمرارية فتحها الى جولة اخرى من المفاوضات تعقد بعد ثلاثه اشهر ستكون في سويسرا على الأرجح حتى لا يعلن عن فشل المؤتمر او فشل تلك الجولة في الوقت الذي تستمر فيه كافة الاحتمالات قائمه ايضا بالاعلان في اي وقت عن مبادرة سواء من جانب الولاياتالمتحدة او الاتحاد الاوربي وتقديم تنازلات تكون بمثابة ذر الرماد في العيون فقط. والأمر الذي اصبح على الجميع تداركة الآن انه لن يعد هناك مكانا في المستقبل لشعب لا يستطيع ان يعمل أو ينتج أو يصدر أو يستهلك ايضا واصبحت لغه التجارة والإنتاج هي اللغة المعروفة والمفهومة في العالم وليست التجارة فقط بل والجودة ايضا حيث انه من الصعب بعد هذا القتال الشرس من جانب الدول النامية للضغط على الدول المتقدمة لفتح اسواقها امام منتجاتها لا تجد ما تستطيع تصديره او المنافسة به في تلك الأسواق جودة وسعراً وليس لديها بنية تحتية قوية للتصدير متمثلة في وسائل مواصلات وخطوط طيران مباشرة مع دول العالم وموانئ متطورة ووسائل حديثة للتخزين والتفريغ وطرق ومواصلات داخلية منظومة متكاملة وعلى الدول ان تفيق من السبات العميق. من جانب آخر وعلى هامش اجتماعات المنظمة عقد وزير التجارة والصناعة الدكتور هاشم بن عبدالله يماني امس في هونغ كونغ اجتماعين مع كل من وزير التجارة والصناعة السنغافوري ليم هونغ كيان وزير التجارة الايراني مسعود مير كاظمي كل على حدة وذلك على هامش اجتماعات المؤتمر الوزاري السادس لمنظمة التجارة العالمية المنعقد حاليا في هونغ مونغ. وجرى خلال الاجتماعين بحث العلاقات الثنائية واثر انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية لما تمثله من ثقل اقتصادي كبير كما قدم الوزيران الى الدكتور يماني تهاني بلديهما للمملكة بمناسبة استكمال انضمامها إلى المنظمة. حضر الاجتماعين كل من الدكتور فواز بن عبدالستار العلمي مستشار معالي وزير التجارة والصناعة والأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن الحمودي وكيل الوزارة للتجارة الخارجية.