«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأهيل القضاة وتدريبهم على المستجدات مطلب حتمي
فيما تنظم جامعة الأمير نايف مؤتمراً دولياً حول القضاء والعدالة ..
نشر في الرياض يوم 17 - 12 - 2005


المشاركون في الندوة
أ.د. عبدالرحمن بن إبراهيم الشاعر عميد مركز الدراسات والبحوث بجامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية
د. محمد عبدالله ولد محمدين وكيل مركز الدراسات والبحوث بجامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية
د. محمد المدني بوساق رئيس قسم العدالة الجنائية بجامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية
د. محمد السيد عرفة أستاذ مشارك بقسم العدالة بجامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية
د. محمد فضل مراد أستاذ بجامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية
أوضح الضيوف المشاركون بأن للمرأة حق الممارسة في العمل القضائي وذلك بعد تبيان آراء المذاهب الأربعة، وهذه الندوة المصاحبة للمؤتمر الذي سينعقد وتنظمه جامعة الأمير نايف للعلوم العربية، وهذا المؤتمر يتركَّز بالدرجة الأولى على القضاء والعدالة، ويتناول العديد من القضايا، حيث يسعى إلى الاطلاع على التجارب الدولية بشكل عام والفرنسية بشكل خاص في مجال القضاء، وإبراز التجربة الإسلامية الثرية في مجال القضاد، ثم إرساء أُسس التعاون القضائي والعدلي العربي الدولي، ثم إبراز دور العدالة في تحقيق الأمن والاستقرار.
من محاور المؤتمر:
محور تنظيم القضاء وإدارة العدالة - محور حق اللجوء إلى العدالة - محور آليات تنفيذ الأحكام القضائية - سلوكيات وأخلاقيات رجال العدالة - تخصص القاضي وأثره في إدارة العدالة.
وستتركز محاور الندوة بالدرجة الأولى على تدريب القضاه وأثره في تحقيق العدالة ثم الإجراءات البديلة عن الحبس في تحقيق العدالة ثم دور النيابة العامة في ضوء الفقه الإسلامي.
٭ «الرياض»: في بدء الندوة نود الوقوف على أهمية هذا المؤتمر وما دور النيابة العامة أو هيئة التحقيق والادعاء في ضوء الفقه الإسلامي؟
- د. محمد المدني بوساق: المؤتمر يأتي في إطار التجارب والمشاركة المختلفة للاستفادة من التجارب المختلفة، وكذلك لإظهار مزايا وتفوق التشريع الإسلامي في هذا المجال. فمثلاً فيما يتصل بدور النيابة العامة في ضوء الفقه الإسلامي وجدنا أن النيابة العامة في نشأتها تعتبر فرنسا هي البلد الذي نشأت فيه النيابة العامة بشكلها الحديث لأول مرة. وقد اختلفوا في تطور النشأة، فبعضهم يرجعها إلى القانون الروماني والبعض يقول إنها نشأت في فرنسا ولا يعطهيا بعداً تاريخياً وإنما يحصرها في القوانين الفرنسية منذ بدء صدورها. فالنيابة العامة هي الهيئة التي تتولى مباشرة الدعوى الجنائية ومتابعتها ورفعها أمام قضاء الحكم. وهذه النيابة العامة نجد أن معظم الدول العربية اتجهت إلى اتجاه إقامة النيابة العامة كما أن معظم الدول العربية أخذت باتجاه القانون اللاتيني والفرنسي بصورة خاصة في إعداد النيابة العامة. وهذه النيابة الاتجاه الغالب يتجه إلى أن تكون هيئة قضائية تتمتع بما يتمتع به قضاء الحكم من الضمانات والحصانات وغير ذلك. وهنا في المملكة العربية السعودية نجد أن الهيئة التي أنشئت حديثاً وهي هيئة التحقيق والادعاء العام تعد جمعاً بين نظام النيابة العامة وبين خصائص النيابة العامة في الفقه الإسلامي. فمن حيث اننا حينما نرجع إلى الفقه الإسلامي في مسألة وقفية الادعاء العام والدعوى نجد أن جهات الادعاء في الفقه الإسلامي هي ثلاث جهات: الجهة الأولى هي حق الفرد في الاحتساب برفع الدعوى العامة. فالفرد له الحق في الفقه الإسلام في رفع الدعوى العامة وبذلك يقوم بواجب بناء على أن كل مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذا نوع من القيام بالتعاون على البر والتقوى، ثانياً: الحسبة التي نشأت في الدول الإسلامية القديمة وهي الحسبة الرسمية التي تواجه المجتمع مباشرة ويمكن أن تأخذ أو تنظر في القضايا. فإذا كانت القضايا قليلة الأهمية هي التي تنظر تعالجها في محلها وتتخذ تجاهها اجراءات معينة عن طريق الصلح أو بعض الإجراءات التأديبية في المحل، أو إذا رأت أن هذه القضايا لا بد من رفعها وأنها تحتاج إلى نظر القضاء فيها فإنها ترفعها إلى القضاء العادي المعروف، كذلك الجهة الثالثة هي المظالم أو ديوان المظالم. وهذا كذلك يمكنه أن يأخذ القضايا ويرفعها ليحكم فيها بنفسه أو يكلف من يقوم بالنظر فيها. وعندما قارنا بين النيابة العامة في الأنظمة المعاصرة وبين ما كان عليه الفقه الإسلامي وجدنا بعض الفروق والاختلافات، فمثلاً نجد أنه في الأنظمة المعاصرة يجعل معيار الدعوى العامة هي مقدار الجسامة أو مقدار الضرر الذي يلحق الحق المعتدى عليه. وعلى سبيل المثال في التفريق بين الدعوى الخاصة والدعوى العامة نجد أنها محصورة في الجسامة، فإذا كان الاعتداء جسيماً فهذه تعتبر في القوانين المعاصرة دعوى عامة وإذا كان غير جسيم فهي خاصة. والكثير من القوانين تعتبر أنه مثلاً إذا أصاب شخص شخصاً ولحقه ضرر منه وعطله لمدة عشرة أيام فما فوق فهذه تعتبر من الدعوى العامة والتي تختص برفعها ومباشرتها النيابة العامة وما دون ذلك فمن حق الشخص أن يرفعها بنفسه. أما في الفقه الإسلامي فإن معيار التفرقة بين الدعوى العامة والدعوى الخاصة هو الحقوق فما كان حقاً لله فهو لله.
- د. محمد عرفة: أود أن أشير إلى نقطة في مجال المقارنة بين دور النيابة العامة أو هيئة التحقيق والادعاء في التشريعات الغربية والدول العربية الأخرى ودور هيئة التحقيق والادعاء العام في الدعوى الجنائية وهو أن هيئة التحقيق والادعاء العام تستأثر بهذا الدور في المملكة العربية السعودية، لكن في الدول الأخرى نجد أن النيابة العامة هي الجهة الرئيسة في هذا الموضوع يعاونها في ذلك قاض يتم انتدابه لمباشرة التحقيق يعين دائماً بحيث ان له دوراً إلى جانب النيابة، وهذا يسبغ على العمل الصادر من التحقيق بصفة عامة وفي الادعاء صفة العمل القضائي. من هنا فإنهم يطلقون هناك على رجال الضبط الجنائي الذين يسمون هنا في المملكة رجال الضبط الجنائي يسمون رجال الضبط الجنائي أو رجال الضبطية الجنائية أو مأمور الضبط الجنائي ولهم تسميات عديدة. بالاضافة إلى ذلك فإن هناك قضاء يتم اختيارهم من أعضاء النيابة العامة بعد أن يرقوا بعد سن الثلاثين سنة ويتم انتقاء فريق منهم لكي يصبحوا قضاة، وهذا جانب آخر يجعل النيابة لها صفة قضائية. هناك أيضاً فارق ثالث هو أن النيابة العامة تستطيع هناك أن تستأنف الحكم ولو لمصلحة المتهم، أما في هيئة التحقيق والادعاء العام فإن الهيئة لا تستطيع أن تستأنف الحكم أو تناقض سلوكها إذا كانت تدعي أو تتهم وتقدم ادعاءات معينة فهي لا تستطيع بعد ذلك أن تعدل عن هذا الموقف وتطلب البراءة، وهذا موجود أيضاً في نظام هيئة التحقيق والادعاء العام.
- د. عبدالرحمن الشاعر: أود أن أوضح نقطة مهمة في هذا الموضوع وهي عملية المقارنة. لدينا خطان في عملية المقارنة، الخط الأول هو ما بين الدول العربية وأنظمتها القضائية والعدلية، وإن كان هناك نوع من التشابه والتوافق لكنها قد تختلف في الآلية في بعض
الأحيان هذا جانب، والجانب الثاني هو المقارنة بالنظام الفرنسي كطرف مشارك في هذا المؤتمر وداعم ببعض الدراسات والبحوث التي سيشارك بها من فرنسا رجال القضاء والعدالة. هذه نقطة فقط وددت التركيز عليها حتى لا نركِّز على جهة دون أخرى.
- د. محمد عرفة: في إطار هذه النقطة أود أن أشير إلى أن القانون الفرنسي يتمتع بطائفة أخرى تسمى قوانين الدول اللاتينية التي تأخذ بالاتجاه اللاتيني في التشريع، لأن عندنا في الشرائع الموجودة على مستوى العالم أربع شرائع: الشريعة الإسلامية، النظام اللاتيني، النظام الانجلو سكسوني، نظام الدول الاشتراكية. هذا التشريع له صبغة القانون الفرنسي أو بعضه. ولكن بعض التشريعات العربية ومنها القانون المصري أخذت من هذا التشريع الفرنسي في كافة المجالات وبدأت تأخذ ذاتية معينة. والآن لا نستطيع أن نقول إن كل تشريعات الدول العربية المقننة الآن هي صورة من القانون الفرنسي، إنما هي أخذت منه في البداية فكان مصدراً تاريخياً لها وبدأت تستقل بذاتية خاصة بعد ذلك، والدليل على ذلك أننا نجد بعض قوانين الدول العربية فيها نظريات مثل نظرية التعسف في استعمال السلطة أو حُسن النية، هذه النظريات مأخوذة من الشريعة الإسلامية فقد تأثرت بها وأصبح لها ذاتية الآن.
- د. محمد المدني: النيابة العامة أو هيئة التحقيق والادعاء مع أن كل الاتجاهات تتجه إلى اعتبارها هيئة قضائية لكنها مازالت لم تصل إلى مستوى أو مرتبة القضاة في الضمانات والحصانات.
فمثلاً معظم القوانين لا تعطي المحامين عدم حق العزل من الوظيفة وعدم حق النقل، فالنيابة العامة لم تستكمل إلى أن تصير جهة قضائية خاصة، ويمكن في المملكة العربية السعودية لهيئة التحقيق والادعاء العام أن تجمع بين حسنات النيابة العامة وبين مقتضيات التشريع الإسلامي، ولذلك بجعل هذه الهيئة هيئة قضائية من ناحية استقلالها مثلها مثل قضاء الحكم ثم بعد ذلك نعطي لحق الحسبة الفردية بالرفع للهيئة كجهة وبذلك نكون قد أعطينا الفرد حقه في المساهمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتولي رفع الدعوى إلى القضاء ومتابعتها، وفي نفس الوقت تكون هذه الهيئة هي الجهة التي تصفي وتزن وتواصل القضايا التي تتابع رفعها أو توقفها عندها، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية في قضية الحقوق الخاصة التي تعتبر عند النيابات العامة المعاصرة في معظم الدول العربية عدم إلغاء حق الفرد في حق متابعة الدعوى التي تخصه. هنا يمكن كذلك حل هذه المشكلة إما عن طريق أن النيابة العامة أو هيئة الادعاء والتحقيق تسمح للأفراد بمتابعة هذه الدعاوى وإثباتها بأنفسهم أو أن تتولى هي عنهم ذلك كحق مدافع عن هذه الحقوق الخاصة، وبالتالي يمكن الجمع بين الأمرين وتصبح هيئة التحقيق والادعاء العام نموذجاً معاصراً كاملاً ومتكاملاً يمكن أن يصلح للانتشار والتنفيذ.
٭ «الرياض»:تنظم جامعة الأمير نايف مؤتمراً للقضاء والعدالة.. نود معلومات عنه، وما النواحي التنظيمية فيه، وكذلك هل سيتم تفعيل توصياته؟
- د. عبدالرحمن الشاعر: إن المؤتمر هو ضمن برنامج العمل السنوي لجامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية الذي يتضمن إقامة عدة ندوات وإجراء عدة دراسات وبحوث فيما يتعلّق بالجوانب التي لها بُعد أمني. ومن منطلق ارتباط القضاء والعدل بالأمن في المجتمعات كان هناك توجّه من قبل الجهات المنظمة لهذه الندوات وبرنامج العمل بشكل عام إلى الخوض في مثل هذا المجال مع التعاون طالما أن لجامعة الأمير نايف العربية للعلوم الأمنية مذكرات تفاهم بينها وبين جامعات في دول أوروبية وغير أوروبية وبالتالي كان هناك التعاون الذي على أساسه بنd وخطط لهذا المؤتمر مع وزارة العدل الفرنسية. هذا المؤتمر وضعت له عدة محاور من قبل جامعة نايف ونوقشت هذه المحاور مع الجانب الفرنسي ووزعت تبعاً لطبيعة كل محور والمواضيع التي ستطرح في كل محور. وستكون هناك 15 ورقة تقدم من جميع الدول العربية تقريباً و5 ورقات تقدم من قبل الجانب الفرنسي المشارك في هذا المؤتمر، ووزعت الأوراق حسب المحاور في أيام وجلسات متعددة وصلت إلى خمس جلسات تنتهي بجلسة خاصة سميت تقارير الوفود، وهي تقارير لبعض الخبراء سوف يُعلن عنها في حينها عندما تستلم اللجنة المنظمة هذه التقارير . بعد ذلك الجلسة الأخيرة هي التي سيكون من خلالها التوصيات لهذا المؤتمر واربتاط القضاء والعدالة بالأمن هو منطلق أساسي يحيي عملية التخيط الأمني الشامل الذي يسعى إليه مركز الدراسات والبحوث في جامعة نايف لوضع خططه فيما يتعلّق بالدراسات والندوات للوصول إلى خطة أمنية عربية يستطيع من خلالها أن يكون المرجعية للمؤسسة الأمنية في الوطن العربي، كما هو مأمول من الجامعة كجزء تطبيقي أكاديمي علمي يسعى أو يُعنى بالجوانب العلمية والتطبيقية في المجالات الأمنية، هذا طبعاً ما يتعلّق تقريباً بهذا المؤتمر.
٭ «الرياض»:لدينا في المحور الثاني تدريب القضاة وأثره في تحقيق العدالة خصوصاً بعد التطورات المتلاحقة في كافة المجالات.. وهل هذا التدريب منتشر بكثرة في الدول العربية أم أنه مقتصر على دولة دون أخرى؟
- د. محمد عرفة: موضوع تدريب القضاة من أهم الموضوعات التي تطرح على الساحة الآن. وخاصة في ظل العديد من المتغيرات المتعلقة بالتقدم التكنولوجي والتقدم العلمي الحادث الآن وكذلك استخدام الإنترنت، وغير ذلك من الوسائل الحديثة، بالإضافة إلى أن للتدريب أثراً مهماً لأنه وسيلة من وسائل الاستفادة من تجارب الآخرين ووضعها موضع التطبيق. ولكن يواجه هذا النوع من التدريب بالذات فيما يخص القضاة صعوبات معينة تتعلق باختيار وقت معين للتدريب هل يتم تدريبهم قبل التحاقهم بالعمل القضائي أم هل يتم تدريبهم على رأس العمل أو يتم تدريبهم من خلال محاضرات بوسائل نظرية أو ندوات. كذلك هناك تطور ملحوظ الآن في وجود ظاهرة الإجرام وتضاعفها واتباع أساليب حديثة فيها، وهذا أيضاً يقتضي تدريب القضاة على هذه الوسائل ومعرفتهم بها حتى يستطيعوا أن يلموا بالطرق والأساليب وكيفية التجريم. أضف إلى ذلك ظاهرة غسل الأموال، ومثل هذه الجرائم المستحدثة يفترض أن يكون لدى القضاة إلمام بها.
وبالإشارة إلى أهمية التدريب صدر أحد التقارير عام 1990م أشار إلى أن ميزانية التدريب الرسمي المنظم التي خصصتها المؤسسات الأمريكية تصل إلى 45,5
بليون دولار، وهذا الرقم يتضاعف أيضاً ويصل سنوياً الى حوالي39,5 بليون دولار. هذا التدريب فائدته ايضاً انه يكسب المتدرب مهارات معينة. بالنسبة لرجال العدالة فهناك اشكالية هي ان هل المقصود بالتدريب رجال العدالة بمعنى القضاة أم انه يمكن ان يمتد ويشمل غيرهم لأن العدالة يشارك فيها اشخاص قبل القضاة الذين هم رجال الضبط الجنائي أي قبل عرض الدعوى على القاضي، وكذلك رجال التحقيق. واثناء الدعوى هناك المحامون والخبراء فالمحامي يعتبر شريكاً في العدالة، حيث يطلق عليهم رجال العدالة الواقفون تمييزاً عما يسمى برجال العدالة الجالسين وهم القضاة. اشكالية التدريب ايضاً تتمثل في - كما اشرت - التطور التكنولوجي واثر العولمة في تدريب القضاة، لكن أود ايضاً ان اشير إلى نقطة مهمة وهي: هل هناك اساس لهذا التدريب لأننا كما نعلم في غالبية تشريعات الدول بصفة عامة نجد ان هناك نصوصاً معينة في الدساتير تنص على ان القضاة مستقلون ولا سلطان عليهم في قضائهم لغير احكام القانون. وفي المملكة العربية السعودية يتحدث نظام القضاء في نص المادة الاولى عن ان القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير احكام الشريعة الإسلامية والانظمة المعمول بها. وهذا الاستقلال يجعل نوعاً من الصعوبة في القول بأن القاضي هذا يستحق التدريب، لكن التدريب اصبح الآن ضرورة بالنسبة للقاضي يمكن ان يتم على استخدام ادوات التقنية الحديثة وان يتم للعاملين على استخدام التقنية في تصنيف القضايا وفي تصنيف المجرمين وغير ذلك من الاشياء الضرورية، القاضي ايضاً في حاجة الى تفسير النصوص الغامضة، وتدريبه على القواعد الشرعية الإسلامية لأن هناك قواعد كلية وقواعد عامة ومبادئ ويستطيع القاضي ان يلجأ اليها بالتفسير، وكذلك معرفة اصول الفقه ومعرفة التفسير، هذه مهمة بالنسبة للقضاة لأن الكثيرين من القضاة خاصة في الدول العربية إما ان يكون تكوين القاضي شرعياً كاملاً وإما ان يكون قانونياً كاملاً، فلابد ان تراعى هذه المسائل في الدورات التدريبية حتى لا يكون هناك تصنيف بأن هذا قاض جنائي وقاض مدني إنما قد يعرض على القاضي قضية مدنية او قضية شرعية. من الصعوبات التي تواجه التدريب اختيار المدربين فلابد للمدرب ان يكون في مستوى القاضي او اعلى من مستواه ولابد ان يكون المدرب شخصاً مؤهلاً، ايضاً يجب اختيار الدورات التدريبية ونوعية البرامج التي تقدم، اختيار توقيت التدريب، واختيار زمن التدريب المخصص للدورات، وهذا الزمن في الغالب نواجه فيه صعوبات.
- د. محمد عبدالله: لاشك ان التدريب تكتنفه صعوبة من عدة جوانب، وقد اشار الدكتور محمد عرفة الى الكثير منها وعندما جاء هذا الموضوع في محاور المؤتمر خطر في بالي بعض الامور. نحن في مستوانا في العالم العربي قادرون على تطبيقها لكننا مقصرون فيها ألا وهي قضية التواصل واللقاءات والندوات والحوارات بين اجهزة القضاء والاجهزة التي تتعاون مع القضاء. لأنني في بحثي للبدائل لاحظت ان هناك فجوة كبيرة بين المؤسسات التي لها صلة قوية بالقضاء وهي لا تتواصل معهم بالشكل الكافي. والأمور المستجدة الآن مثلاً على الساحة مناقشتها بين القضاة انفسهم وابدأ وجهات النظر فيها والاجتهاد في الوصول فيها الى الحلول وفهم أبعاد هذه المشكلات والجرائم الحديثة بأنواعها سواء كانت على شكل غسيل أموال أو جريمة منظمة الى آخرها.
فلاشك ان قضية الحوار مفقودة وانها بالاستطاعة ان تقدم بشكل أدبي والا نقول بأن القضاة رجعوا الى المدرسة، وإنما تكون هناك حوارات ولقاءات وندوات باستمرار فهذه لها دور كبير في التعاون بينهم وبين المؤسسات التي تتعاون وتتواصل وتتقاطع معهم في بعض الأمور التي يطبق فيها القضاء.
- د. عبدالرحمن الشاعر: بقدر ما تطورت عملية كشف الجريمة والتحقيق فيها تطورت كذلك وسائل وسبل ارتكاب الجريمة، وبالتالي مع هذه التطورات لابد ان تكون هناك تطورات في الحكم على هذه الجريمة او حتى تقييمها فمثلاً تدريب القضاة يأخذ أسلوباً مميزاً وخاصاً لأن هذا الاسلوب يرتبط بتقنية خاصة معينة الى جانب حكم شرعي معين. على سبيل المثال جرائم الانترنت الحكم فيها الآن لابد ان يكون هناك دراية كاملة بماهية هذه الجرائم، أيضاً بطاقة الائتمان قد يتضح للشخص من خلال مسمى بطاقة الائتمان والشرقة من خلالها انها حرز، بينما لابد ان تتضح للقاضي او الحاكم كيف تتم هذه الجرائم حتى يتم الحكم فيها هل هي حرز تستوجب الحد أم لا؟ وقس على ذلك الكثير من الجرائم التي ترتكب بواسطة الانترنت والكمبيوتر وما شابه ذلك من الوسائل الحديثة والتقنية المستحدثة.
- د. محمد المدني: في مسألة تدريب القضاة أقول ان التدريب ينبغي ألا يكون فقط في البداية أو عند حد معين بل هي عملية دائمة ومستمرة. وهذا ما يوجه اليه التشريع الإسلامي لأن التشريع الإسلامي جعل أعلى مبدأ تفريد العقاب بمعنى ان أكثر من 95٪ من الجرائم في التشريع الإسلامي هي جرائم تفريدية تفويقية، ولذلك أصبحنا الآن نطالب بالقاضي الطبيب لأن القاضي الذي يتتبع كل مرض ينشأ يكون على دراية به حتى يستطيع ان يصف الدواء المناسب خاصة في الجرائم التفويقية وهي تمثل اكثر من 95٪ من الجرائم في الفقه الإسلامي. كذلك لابد من التخصص في مجال القضاء لانه يساعد في معرفة الاحكام ودراسة الجاني ونفسيته وعلم النفس وعلم الإجرام، هذه كلها امور مطلوبة حتى يمكن للقاضي ان يحقق أهداف التشريع الجاني وأهداف العقوبة في اصلاح الجاني وتقويمه وعلاجه واعادته الى المجتمع. وهذا الهدف هو الاشهر وهو اكثر ما يتجه اليه التشريع الإسلامي لأن الجرائم التأديبية التفويقية هي الاكثر. والتدريب قد يكون فردياً او جماعياً، فعلى كل فرد من رجال العدالة ان يكون حاضراً كل يوم فهو لو غفل نفسه سيجد انه قد فاته الكثير.
٭ «الرياض»: هل يحق للمرأة ان تمارس مهنة القضاء وماهو واقع عمل المرأة في القضاء في الوطن العربي؟
- د. محمد عرفة: بالنسبة لعمل المرأة في القضاء فإننا اذا أخذنا القضاء بالمعنى الواسع فإن المرأة يمكن ان تكون خبيرة قضائية ويمكن ان تكون محامية تساعد في القضاء ويمكن ان تشارك في الاعمال الهامشية مع رجال القضاء، لكن عملها كقاضية هذه المسألة محل خلاف في الفقه الإسلامي ولكني يمكن ان أتحدث عن المرأة باعتبار دورها الواقعي في الوطن العربي وفي التشريعات العربية، ونجد ان التشريعات العربية فيها ثلاثة اتجاهات، الاتجاه الاول لا يجعل للمرأة
دوراً في أن تتولى منصب القضاء وهذا رأي الفقه الإسلامي والاتجاه الثاني يعطي للمرأة دوراً كاملاً في القضاء مثل الرجل تماماً، وهذا قد يكون اتجاهاً متأثراً بالفكر الغربي، والاتجاه الثالث هو اتجاه وسط يجعل للمرأة دوراً في بعض الجوانب دون الأخرى. وعلى سبيل المثال عندنا في مصر أصبحت المرأة قاضية في القضاء الإداري. وأنشئت محاكم الآن تسمى محاكم الأسرة والتي تناقش فيها قضايا الأسرة مثل الطلاق والنفقة والتطليق ويكون للمرأة فيها دور باعتبار أن هذه المحكمة تكون أشبه بمحكمة تفصل في منازعة وتسعى إلى الصلح أيضاً.
- د. محمد المدني: معلوم أن حكم تولي المرأة للقضاء في الفقه الإسلامي فيه ثلاثة مذاهب: مذهب الجمهور وهو الذي يشترط الذكورية في تولي القضاء ومذهب الحنفية الذين يجيزون للمرأة تولي القضاء فيما يجوز لها فيه الشهادة. ومذهب بعض العلماء ومنهم ابن جرير الطبري الذي يجيز للمرأة تولي القضاء مطلقاً. هذا الأمر هو خلاف فقهي ومسألة فيها نظر وزيادة دراسة ومراعاة بيئة كل قطر ومراعاة الأرجح والموضوع يصلح أن يكون محلاً للدراسة.
- د. محمد فضل مراد: فيما يتعلّق أن تكون المرأة قاضية هذه مسألة قديمة جداً ولاحظها الفقهاء من قديم. ويعتبر قول الحنفية الذي تطرق إليه الدكتور محمد المدني قولاً وسطاً وهو أن تكون المرأة قاضية فيما يجوز أن تكون شاهدة فيه. هذا فيما يتعلق بتوليها منصب القضاء أما أن تكون مساندة أو مساعدة في القضايا التي يكون فيها دعاوى بين النساء، فهذا لا خلاف فيه وأنه يجوز لها ذلك، أما التفرد فهذا الذي وقع فيه الخلاف. ورأي الحنفية هو الأولى والله أعلم.
- د. محمد عبدالله: المانعون لقضاء المرأة لسببين أساسيين أحدهما ضعف المرأة والقضاء لا بد له من قوة والثاني الفتنة بينها وبين الرجال.
٭ «الرياض»:سلوكيات وأخلاقيات القضاة.. ما الضوابط التي تكفل نزاهة القاضي؟
- د. محمد فضل المراد: يعتبر القضاء في أي دولة من الدول المرآة التي تعكس وجه الدولة وقوتها وهيبتها وضعفها. وكلما كان القضاء عادلاً وسلطة قوية كلما كانت الدولة في نظر الدول الأخرى مهيبة وفي المكان الأسمى، والذي يمثل القضاء هم القضاة فهم المثل وهم القدوة في السلوك وفي الأخلاق، وعلى هذا فإن محاسبة القضاة تختلف عن محاسبة الأفراد، فمثلاً القاضي يجب أن يتحلى بالصدق والأمانة لأنه كيف يقرر الأحكام العادلة وهو يكذب ويخون ويرتشي، فقيام الحقوق وإثباتها ووصولها إلى أصحابها يحتاج إلى قاض نزيه يتحلى بالأخلاق الفاضلة، وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون سلوكه في المجتمع مثالياً فلا يرتاد الأماكن المشبوهة حتى إن القاضي كما ذكر الفقهاء لا يجيب الدعوة الخاصة إلا في أحوال ضيقة حتى يبقى بعيداً عن كل ما فيه شبهة. والفقه الإسلامي مليء بالدراسات الخاصة التي تتكلم عن أحوال القاضي وما يجب أن يكون عليه، فمثلاً كتاب أدب القاضي لأبي الحسن الماوردي وكتاب أدب القضاة لابن القاص الشافعي وكتاب أدب القضاة للقصاص إلى غير ذلك. فاهتمام الفقهاء بهذه الزاوية فاق جميع الأمم، بل الأكثر من هذا فإن فقهاء الإسلام تكلموا في نظر القاضي إلى الخصوم بحيث يكون بشكل متساو فلا يميل إلى أحدهم دون الآخر. وحينما يكون القاضي في نظر الناس أنه هو الذي يحكم بالعدل ويعطي الناس حقوقهم يترتب على ذلك انتشار الأمن واطمئنان الناس على حقوقهم والعكس بالعكس. وأود التنبيه على أن اختيار القضاة الصالحين سوف يؤدي بالنتيجة إلى معرفة المجرمين وإنزال العقاب بهم، وبالتالي فإن الجريمة تقل بدلاً من أن تنتشر وتستفحل، وذلك حينما يكون القاضي من مَن يرتشون وهمه جمع المال.
- د.محمد عرفة: هناك مشروع اتفاقية تعاون بين المعاهد القضائية العربية يطلق عليها اتفاقية عَمان للتعاون العلمي بين المعاهد القضائية العربية. وقد وقعت 9/4/1997م الموافق 2 من ذي الحجة 1417ه، وهذه الاتفاقية انضم إليها عدد من الدول العربية وتنسق بين الدول العربية في مجال تدريب القضاة وإفهامهم بعض الأشياء المتعلّقة بمجال القضاء، لكن هناك نقطة أود أن ألمح إليها وهي أننا الآن في ظل انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية بالنسبة للمملكة وكذلك الدول الأخرى، هذا الانضمام يجعل رؤية عالمية للتدريب وهو أن القاضي حسب القوانين الموجودة لدى الدول المختلفة ومنها المملكة يمكن أن يطبق قانوناً أجنبياً، فإذا طبق هذا القانون الأجنبي يحتاج إلى معرفة أحكام هذا القانون وتفسيره فكيف يستطيع أن يطبق هذا القانون الأجنبي ويفسره، وهو يعتمد على الخصم الذي قد لا يأتي له بالمعلومة السليمة. من هنا يصبح تدريب القاضي مهماً أيضاً من هذه الناحية، بالإضافة إلى ذلك هناك توصيات صدرت من الأمم المتحدة، وهي ثلاث توصيات أساسية، واحدة صدرت سنة 1985م وهذه تتعلق باستقلال السلطة القضائية وتضمنت نصوصاً تتعلق بأهمية وضرورة تدريب القضاة، وأخرى تتعلق بدور النيابة العامة وقد صدرت عام 1990م وتحدثت عن ضرورة تدريب رجال النيابة العامة وتأهيلهم سواء على رأس العمل أو في بداية العمل، التوصية الثالثة متعلّقة بالمحامين باعتبار أن المحامي هو الجناح الثاني للعدالة وصدرت أيضاً عام 1990م وهذا يؤكد بالاضافة إلى أحكام الشريعة الإسلامية أهمية التدريب بالنسبة للقضاة باعتبار أن هناك مستنداً علمياً وقانونياً موجوداً.
٭ «الرياض»:في الآونة الأخيرة ظهرت جمعيات حقوق الإنسان وهي التي تطالب بإلغاء السجون في الإجراءات البديلة عن الحجز أو السجن.. هل هناك مستحدثات جديدة في هذا المجال؟
- د. محمد عبدالله: أشير بسرعة إلى أهمية مؤتمر القضاء والعدالة، فهذا المؤتمر سيضم منسوبي وزارات العدل والمحاكم الشرعية والقضاة وديوان المظالم وسيضم هيئة التحقيق والادعاء العام وبعض المؤسسات الاجتماعية والإصلاحية، بالإضافة إلى وزارة العدل الفرنسية التي سيأتي منها بعض القضاة. هذه اللقاءات لا شك أنها مهمة لأنها على الأقل تفعّل المؤسسة التي ستتم حولها هذه اللقاءات، ومن أهم المؤسسات وأحوجها إلى التفعيل مؤسسة القضاء
والموضوعات التي سيتم تناولها في هذا المؤتمر كل له أهميته وإذا مثلنا ببدائل السجون أو الإجراءات البديلة عن الحبس فهي لها أهمية كبيرة وكثيرة ومتشعبة ومتنوعة، ولن أتطرق كثيراً إلى الجزئيات وإنما أشير أن الباحثين الذين أولوها بحثاً وعناية منهم من نظر إليها نظرة نموذجية ولفت نظره ما طبق في بعض الدول من هذه البدائل وكأنه رمى بالسجون عرض الحائط، ومنهم من قصر نظره على ما يمكن تطبيقه في بعض الدول دون بعض وفصَّل في ذلك، ومنهم من نظر إلى الناحية النظرية والتطبيقية، كل الأمور تناولها الناس بالبحث. وحقيقة أن بدائل السجون لها أهمية كبيرة لا سيما في هذا العصر لتطور الوسائل وإمكانية الاستفادة من هذه الوسائل في هذا العصر. هذه الوسائل منها ما هو مادي ومعنوي أو بدائل نفسية أو اجتماعية إلى آخر ذلك. لكن ما أود أن أشير إليه ولا أفصّل فيها إنما رأيت أن يذكر هنا هو ضوابط هذه البدائل وسُبل نجاح هذه البدائل، ولا بد من وضع الضوابط لأن المجتمعات تختلف من مجتمع لآخر والثقافات تختلف من ثقافة إلى أخرى والمقدرات تختلف من مكان إلى آخر، ونجد أن بعض الناس كتبوا عن بعض البدائل قد لا يليق تطبيقها في مجتمع معين ويليق في مجتمع آخر، هذا لا بد أن يُراعى، ويراعى كذلك في الضوابط قضية الشخص المتهم لأن البديل قد لا يكون بيد القاضي وهذه كله تحت مظلة التفريد ومظلة التعزير، فالسجن عموماً ليس حداً محدداً في حد معين، ولذلك هذه الضوابط لا بد من مراعاتها والتشريع الجنائي الإسلامي يرى ويوافق أغلب هذه الضوابط أو كلها ما دامت متفقة مع ضوابط الشرع الأساسية ومتفقة مع قواعده الكلية، لأن من قواعد الشرع العامة درء المفاسد وجلب المصالح. فأي أمر يراه القاضي يجلب المصلحة ويقلل مؤونة تكلفة هذا الإجراء سوف يراه. فالسجون تُكلم كثيراً عن سلبياتها، ومن أكبر هذه السلبيات التكلفة المادية والأضرار البشرية التي تحصل من تكدس السجون إلى آخره. لكن نخلص إلى القول إلى أنه لا يمكن إلغاء السجون مطلقاً أو الاعتماد عليها مطلقاً، وإنما لا بد أن يظل السجن قائماً لأنه هو الذي يوصل القاضي إلى أن يتمكن أن يأخذ البديل، لأن السجن بمراحله قد يكون حبساً وتوقيفاً، لكن بعد أن يكون عقوبة ينبغي أن يرجع إلى هذه البدائل بمختلف أنواعها. هناك وسائل لإنجاحها، وهنا لا بد لي أن أرجع وأعود إلى ما بدأت به بأن هذه الوسائل من أهم ما يساعد عليها التواصل والتلاقي بين المؤسسات الإصلاحية والاجتماعية وبين القضاء من نفسه، وهو أمر أنبه إليه، ويوجد بحث في مجلة العدل عنوانه (تنفيذ الحكم القضائي وأثره في الأمن)، وهذا ليس في القضاء فقط، هذا تشريع كله عملي وليس نظرياً ولا تأتي النتيجة إلا في التطبيق. وهذه المؤتمرات هي التي تفعّل وتردنا إلى التطبيق وتذكرنا به.
- د. محمد عرفة: فيما يتعلّق ببدائل السجون أعتقد أن الكلام عن هذا الموضوع أساسه ظهور فكرة حقوق الإنسان والكلام عن حقوق في العصر الذي نحن فيه، فبدأ المفكرون ودعاة حقوق ينادون بإيجاد بدائل للسجن ومحاولة تهذيب وضع المسجون داخل السجن بتقرير حقوق معينة من خلال توصيات صدرت عن الأمم المتحدة تتعلق بمعاملة المذنبين، بالإضافة إلى هذا هناك توجّه بخصخصة السجون وربما هو أحد المحاور التي سيتناولها المؤتمر أي أن يسند لإدارة خاصة أو شركة خاصة أو هيئة تتولى إدارة السجن بديلاً عن الدولة وهذا الأمر له وجهة نظر خاصة وهي أن هذه الإدارة سوف تحمل عبء التكاليف عن الدولة وتسعى إلى إيجاد نوع من الأعمال للمسؤولين وتحصل منها النفقات التي تصرفها على هذه السجون، وهذا فيه تخفيف عن أعباء الدولة. ولكن هذا الأمر يترك تساؤلاً آخر هو: هل ستحقق الهدف من العقوبة الذي هو تحقيق فكرة الردع الخاص والردع العام. هذا أيضاً سيكون أحد محاور المؤتمر بالإضافة إلى أن بعض الدول بدأت تأخذ بنظام السجن المفتوح، بحيث يخرج المسجون أربعاً وعشرين ساعة أو فترة معينة أو يسمح له بزيارة أهله وأقاربه ثم يعود إلى السجن فيظل مرتبطاً بالمجتمع لفترة طويلة.
التوصيات
- د. عبدالرحمن الشاعر: هناك توصيتان من خلال هذا الطرح الذي تم في هذه الندوة. فيما يتعلّق بالبديل والبدائل للسجون هناك بدائل طبيعية وفسيولوجية فيزيائية وهناك بدائل نفسية يمكن أن تطبق. ونوصي بالحرص على إيجاد مثل هذه البدائل، وتوجد تجربة جيدة.
توصية أخرى فيما يتعلّق بالتدريب وهي أن تسعى أو تُعنى معاهد القضاء والكليات المختصة ببرامج القضاة فيما يتعلق بالتدريب على المستحدثات الحديثة والتقنية الحديثة وما استخدم منها في مجال الجريمة حتى نستطيع أن نسبر أغوار هذه التقنية ويطلع القضاة على ماهيتها ويصدرون الأحكام بحجم تلك الجريمة.
- د. محمد عرفة: من بين التوصيات التي أود الإشارة إليها توصية تتعلّق بضرورة أن تتم متابعة وتقويم نظم التدريب بالنسبة للقضاة بحيث تشمل كافة المستجدات الحديثة بالإضافة إلى التركيز على اختيار المدربين من الأشخاص الذين لديهم خبرات عالية وعميقة في المجالين الشرعي القانوني، أيضاً من المسائل الهامة ضرورة مراعاة التجانس في الدورات التدريبية بين المتدربين بحيث يتم الاختيار من فئات واحدة وتعد لهم دورات متجانسة، يضاف إلى ذلك توصية تتعلق بالتعاون العربي أو التعاون الدولي في مجال تدريب القضاة وأرى ضرورة تفعيل هذا التعاون بين المعاهد القضائية في مختلف الدول العربية بحيث يتم عمل نوع من التنسيق في هذا المجال. ضرورة تخصيص موازنة مستقلة لكل معهد تدريب قضائي لتمكينه من إعداد المتدربين وإعطاء حوافز للقضاة وأن تكون هذه الدورات وسيلة للترقية.
- د. محمد فضل مراد: من التوصيات الهامة الاهتمام بحسن اختيار القضاة ووضع شروط كفيلة في اختيار القضاة المؤهلين، ثانياً إعداد دورات تدريبية للقضاة حتى يواكبوا التقدم السريع الذي نراه.
- د. محمد المدني: من التوصيات التي أراها مراجعة القوانين حتى تجمع بين الحكمة الضالة التي جدت وكذلك لكي تكون منسجمة مع ثوابت الشريعة الإسلامية خصوصاً في الدول العربية. كذلك بالنسبة للنيابة العامة أوصي بإكمال تحقيق الصبغة القضائية للنيابة العامة بحيث تكون هيئة قضائية خالصة، كذلك ينبغي تبني معيار الشريعة للتفريق بين الدعوى العامة والدعوى الخاصة، ثالثاً إعطاء المواطن الحق في رفع الدعوى العامة لكنه لا يتعدى النيابة العامة وهي تتصرف في رفعها أو رفضها، أيضاً ينبغي تخصيص القضاء إلى جنائي ومدني، وتبني مبدأ الشريعة في التفريد العقابي حتى يكون الهدف الأسمى من العقوبات هو العلاج والتدريب وتأهيل وإعادة الجاني إلى المجتمع مرة أخرى كشخص صالح.
- د. محمد عبدالله: أوصي القضاة بالإلتزم بأخلاق القاضي بالرجوع إلى الوازع الديني ومراقبة الله في حكمه وأن يعطى ما يكفيه من المال حتى لا يحتاج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.