كفلت الشريعة الإسلامية حقوق الإنسان المسلم وفي نفس الوقت شددت على لزوم تأديته الواجبات سواء للرجل أو المرأة ولم تترك للفرد مجالاً للحيرة أو التساؤل فكان القرآن الكريم مرجعاً كافياً ووافياً في أي أمر أو مسألة، ومن الحقوق التي شرعها الله للرجل وجعلها حقاً من حقوقه هو حق تعدد الزوجات لكنه جعلها سبحانه مقرونة بالعدل ولذا فلا نرى في آية في القرآن الكريم تبيح التعدد - ولا تأمر به - إلا وتقرنه بالعدل بين الزوجات وذلك رحمة وعدل من الله بعباده وحفظاً لحقوق المرأة وحرصاً عليها، ولكن أين كثير من الرجال من ذلك، الرجال الذين يتحججون بأسباب شخصية واهية للزواج بأُخرى تبعد هذا الحق الذي أعطاه الله للرجل عن معناه الحقيقي ويمارسون فوق ذلك الظلم والمحاباة لزوجة دون أُخرى مما جعلهم يسيئون لهذا الحق الذي شرعه الله لهم، فإذا كان الرجل غير قادر على العدل بين زوجاته ورأى أنه قد يظلم إحداهن فيحرم عليه التزوج بأكثر من واحدة لقوله تعالى : {... فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} النساء (3). ولكن ما نراه اليوم بين كثير من الرجال في مجتمعنا يثير العجب فمنهم من يتزوج بثلاث أو أربع زوجات لكي يفاخر بذلك بين الآخرين معتقداً أن ذلك دليل على رجولته.. وقد يتزوج على زوجته بعد عشرة طويلة ثم يبدأ بالتصريح في المجالس بفخر بأنه لم يتزوج عليها إلا بعد أن كبر أولادها وأصبح هناك من يخدمها معتقداً أن ذلك دليل على الإخلاص والوفاء !!... مثل هذا الرجل نموذج يتكرر في مجتمعنا للأسف، رجل متزوج يعتقد أن وظيفته تجاه زوجته ولا نقول أُسرته هو أن يخدمها بشكل مادي وأن يفي بالمتطلبات المعيشية فقط فإذا استطاع توفيرها بشكل أو بآخر (غسل يده) منها ورمى بمسؤوليات الأُسرة بكاملها على الزوجة، وذهب هو ليبحث عن زواج جديد يتجرد فيه من العناء ويرتاح من المسؤولية حتى تفنن الرجال في ذلك فاخترعوا لنا زواجات مفصلة على مقاسهم (فظهر زواج المسيار، الزواج السياحي..) وغيرها المهم أنها في النهاية تلبي رغباتهم الشخصية دون أي اعتبارات أخرى.. وأنا هُنا لا أُنكر حق التعدد على الرجل ولكن أُنكر على كثير من الرجال إساءتهم لهذا الحق فضيعوا حقوق زوجاتهم في سبيل البحث عن حقوقهم ونسوا أهم شرط قرنه الله للزواج بأُخرى وهو العدل ليس منّة أو فضلاً يتكرم به الزوج على زوجته بل واجب وأمر من الله تعالى عليه، العدل بينهن بالمأكل والمشرب والملبس والمسكن والمبيت وسائر الأمور الأُخرى قال عليه الصلاة والسلام : (من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة واحد شقيه مائل) وذلك لمجرد الميل فكيف بالظلم والتقصير الواضح وما يسببه هذا التفريق بالعطاء والمعاملة من نشر للكره وزرع للضغائن في النفوس وتشويه لهذه السنة النبوية.. الزواج بأُخرى جعلها بعض الرجال ورقة بأيديهم يلوحون بها متى شاءوا واتخذوها وسيلة للضغط على المرأة وتهديدها للرضوخ لمطالب معينة بدون أن يجدوا من يردعهم ،،فكيف ينشدون السعادة من وراء ذلك؟.. التعامل بين الزوجين على الأخص يجب أن يقوم على الرحمة والمودة وحسن تفهم كل طرف للآخر ومشاركته تفاصيل الحياة بحلوها ومرها فإذا وجد أحد الطرفين تقصيراً أو عيباً لدى الآخر فمن أهم واجباته أن يسعى بكل ما يستطيع لتقويمه وعلاجه.. أما إذا وضع الرجل في رأسه الزواج بأخرى كحل عند أي عقبه أو تقصير يراه من زوجته فلا حاجة عندها أن يبذل أي مجهود يذكر لعلاج مشكلته مع زوجته، فيتزوج الثانية وربما الثالثة وهكذا...وبذلك لن يعرف طعم الهناء والسعادة التي تتطلب التضحية والإخلاص والإيمان بالله و ماقدره لنا أولاً وأخيراً...