لايمكن أن يتطور العمل مالم يتطور العامل، كذلك لايمكن أن يتطور مجتمع مالم تتطور صحافته فهي أحد أهم المتعاملين معه لذا كانت هيئة الصحفيين من أوائل الهيئات التي أنشئت في الفترة الأخيرة لتكون مع الهيئات الأخرى نواة للعديد من مؤسسات المجتمع المدني، وإذا كانت هناك العديد من الشواهد التي تدل على تطور وطننا تظل الصحافة هي الشاهد الوحيد على تطور المجتمع فهي كما يقال مرآة المجتمع حيث يمكننا تصور ذلك من خلال ماكتبه المفكر عبدالله القصيمي عن بداية الصحافة حيث يذكر (بأن الصحافة جاءت إلينا كما جاءت أدوات الحضارة الأخرى مثل السيارات والقوانين وغير ذلك دون أن تكون في وعينا أو ثقافتنا فصرنا ممارسي أساليب حضارية وأصبحنا ممارسي صحافة دون أن يوجد فينا صحفيون). إلا أني أعتقد بأن بناء الإنسان في مملكتنا ساهم في خلق هذا الصحفي مما جعل الصحافة تتقدم بشكل ملحوظ في العقدين الماضيين فالمتابع لوسائل الإعلام خصوصاً الصحافة في الفترة الأخيرة يجد أنها بدأت تأخذ طريقها نحو السلطة هذا ما استشعرته من التوجيه السامي الذي صدر بتاريخ 17/8/1426ه الذي يؤكد بالرد على كل ما ينشر من وسائل الإعلام المختلفة حول الجهات الحكومية (يصف د. صالح الحصين في أحد مداخلاته في ندوة الإعلام والحوار الوطني الإعلام بالسلطة). وإن كان من تحدٍ يواجه هذه السلطة القادمة باعتقادي هي الصحافة الإلكترونية والمنتديات في الإنترنت وهذا ما تؤكده الأستاذة هداية سلمان رئيسة تحرير صحيفة هداية نت حيث تذكر (إن كانت الصحافة في مفهومها العام صورة، أو انعكاس للمجتمع أصبح اليوم بإمكاننا التأكيد على أن دور الصحافة الإلكترونية هو خلق مجتمع جديد حيث استطاعت أن تجذب الكثير من الشباب). هذه الإشارات تجعل المسؤولية تتعاظم على الكتاب الذين يعتبرون من أهم أعمدة الصحيفة لذا يذكر أحد المفكرين (بأن الكاتب ليس وظيفة اجتماعية هو مشكلة خاصة حولها المجتمع إلى تعبير اجتماعي سواء مشكلة نفسية أو اجتماعية أو عقلية أو صحية إنه مشكلة مارست نفسها بالمجتمع أو ضد المجتمع أو معه) وهذا مايجعلنا نفاجأ بالكثير من الظواهر الاجتماعية السلبية التي يصعب تداركها لأنه لم يعبر عنها عبر صحافتنا المحلية. وإن كانت هناك من أسباب واضحة برأيي لصعود الصحافة الإلكترونية بهذه السرعة هو التنافس الشديد الذي تحظى به هذه الصحف فيما بينها فمثلاً هي تنشر عدد زوارها بين كل فترة وأخرى إضافة إلى ذلك وجود نسبة كبيرة من الكتاب الشباب (نسبة الشباب في مجتمعنا تصل إلى 60٪) فيما نجد بالمقابل أن الصحف المحلية ألغت التنافس فيما بينها مما سيؤثر على مستقبلها في مواجهة هذا التحدي فالتحفظ على حجم التوزيع من قبل المسؤولين عن المؤسسات الصحفية مازال مستمراً (يذكر أن الصحف العالمية تنشر حجم توزيعها بشكل دوري). لذا يتوجب على المسؤولين في الصحافة وهيئة الصحفيين دراسة وتقييم الصحافة لدينا إضافة إلى إقامة العديد من الحوارات عن الصحافة لمواجهة هذا التحدي سواء بزيادة عدد صحفنا المحلية أو بزيادة عدد الكتاب الشباب أو حتى برفع سقف الحرية لها أو غيرها من الأفكار فالصحافة الإلكترونية بدأت تشق طريقها بقوة وأكبر دليل على ذلك توجه المعلنين والدعايات لها لعلمهم بأن قراءها في ازدياد لذا يجب التنبه لهذه المنافسة.