] الصديق هو أكثر الناس استئثاراً بالمكانة لدى المراهق، فالمراهق يشعر بشيء من الانتماء إلى أصدقائه الذين يؤثرون فيه تأثيراً يكاد يكون كاملاً يفوق تأثير الأهل في كثير من الأحيان، لذا كان من الضروري جداً أن نراقب أبناءنا المراهقين من خلال مراقبتنا لأصدقائهم. ولا شك أن هذا الصديق سيكون أحد نوعين، فهو إما أن يمثل الشخص السوي الملتزم الذي ينفع وينتفع بما فيه من خير ويكون بذلك الصديق الصدوق الناصح لابننا المراهق، وإما أن يمثل الشخص العابث اللاهي الذي تضر صداقته المراهق بل قد يؤدي به إلى طريق الانحراف. وقد يسأل قائل عن سبب عدم تطرقي إلى الصديق الذي لا ينتمي إلى أحد النوعين فأجيب بأن هذا لا يكون فاعلاً فهو لا يكون ذا تأثير على الابن لأنه غالباً لن يكون مؤثراً فيمن حوله بل متأثراً بهم منفعلاً، وتابعاً لا متبوعاً. ولكن ماذا لو قيّض للمراهق صديق من النوع الثاني، ولنعبر عنه بالصديق السلبي ايستطيع الأهل إقصاء هذا النوع من الأصدقاء عن أبنائهم؟ على الأرجح لا فالمراهق غالباً لا يتقبل رفض الأهل لصديق اختاره هو ورأى فيه قدوة ومثلاً، وإكراه الابن على الابتعاد عنه قد يؤثر سلباً فيتمرد الابن وبذلك نكون كما قال المثل قد زدنا الطين بللاً، فما الحل إذاً؟؟ إن وقوف الآباء بجانب أبنائهم في سن المراهقة أمر جد ضروري والمقصود بهذا الوقوف هو التقرب منهم ومحاورتهم ومناقشتهم ومحاولة التعرف إلى مشاكلهم وهمومهم والعمل على تخليصهم منها، هذا إضافة إلى ضرورة التقرب من أصدقائهم واحتوائهم وكسب ثقتهم في سبيل إصلاح ما فيهم من اعوجاج. وليس هناك بيئة أو محيط أصلح من البيت لاحتوائهم بشرط أن يكون هذا الاحتواء موجهاً ومنظماً ومخططاً له. فدعوة الآباء لأصدقاء ابنائهم إلى البيت، ومناقشتهم والتقرب منهم، ومساعدتهم في حل مشاكلهم بقربهم منهم يتيح للآباء معرفة احتياجاتهم ورغباتهم وتصحيح أخطائهم ومعرفة الضغوط التي يتعرضون إليها من الخارج ولا سيما أن هذه الضغوط وهذه المشاكل التي قد تكون بسيطة أو تافهة تتضخم في نظر المراهق فإن استطعت مساعدته على حلها كنت في نظره المخلص والملاذ الآمن ونجحت في توجيهه كيفما شئت، ومن هذا التوجيه المتوجب على الأهل توجيه قراءات الأبناء وتوجيه مشاهداتهم التلفزيونية وتوجيه لقاءاتهم واجتماعاتهم وسهراتهم حتى هواياتهم ينبغي أن تكون موجهة ومراقبة من قبل الأهل.