وصف الدكتور محمد الدوري مندوب العراق السابق في هيئة الأممالمتحدة الانتخابات العراقية بأنها غير نزيهة طالما أنها تعقد في ظل الاحتلال، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي جورج بوش له مصلحة مباشرة أمام القيادات السياسية الأمريكية، والشعب الأمريكي في نجاح هذه الانتخابات مهما كان هذا النجاح ضئيلاً . جاء ذلك خلال مقابلة مع (الرياض) حيث اكد أنه لا يوجد مواطن عربي الآن إلا ويتوق للتعبير عن رأيه بصورة سليمة، وأن الأمة العربية عطشى، وأبناؤها في شغف لأن يمارسوا حقوقهم الديمقراطية بعيداً عن أي تاثيرات أجنبية، وهذا غير موجود لأن الانتخابات ليست شفافة، وتتم بتأثيرات أجنبية، ولمصلحة دول إقليمية وخارجية . وأضاف : إن الانتخابات تحتاج إلى تهيئة بيئة سياسية فكرية اجتماعية ثقافية حتى تعطي ثمارها المطلوبة في جميع الميادين . وتساءل د. الدوري : كيف يمكن أن نتحدث عن انتخابات ديمقراطية في ظل الاحتلال، وفي ظل أهداف معلنة لتقسيم البلد طائفياً وقومياً، فأي انتخابات تريد التقسيم والتجزئة، وليس التوحيد لا تخدم الوطن . وأوضح أن هذه الانتخابات إضافة إلى كونها غير شرعية، فإن أهدافها تتقاطع مع مصلحة البلد ولها ارتباطات مع بعض الجهات المتنفذة في العراق، وهي ارتباطات مشبوهة واضحة، سواء لبعض دول الجوار أو المحتل، وذكر بأنها انتخابات قوية مادياً وسياسياً بحماتها، مضيفاً أن هؤلاء سوف يؤثرون تأثيراً مباشراً في توجيه الانتخابات، واقصاء فئات مؤثرة وفاعلة في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية في العراق . ولدى سؤاله عن طبيعة القيادات التي ستفرزها هذه الانتخابات قال : أنا أعتقد أنه بوجود الاحتلال، وبسبب وجود بيئة تجزيئية إقصائية طائفية عنصرية، ومع سيادة المحتل، وغياب سيادة الوطن، فإن الانتخابات لن تفضي إلى قيادة مستقلة ذات سيادة تحقق أهداف الوطن، وهي كبيرة الآن خاصة سيادة القانون والأمن، وتطوير الاقتصاد المدمر، لذا فإن هذه الوسائل والأهداف مشروعة لكن لا يمكن أن تتحقق في ظل سيادة المحتل، والشعب العراقي إرادته مرتهنة، لذا لا يمكن أن تعبر عن نفسها في الانتخابات لا من الناحية الشكلية، ولا من الناحية الموضوعية، ولا يمكن أن تقود إلى هدفها النبيل في ظل الاحتلال . وأجاب حول سؤال عن إصرار الإدارة الأمريكية على إجراء هذه الانتخابات قائلاً : إن الشعب الأمريكي يدرك تماماً أن لدى الرئيس بوش مصلحة حقيقية ومباشرة في أي نجاح مهما كان ضئيلاً، وذكر د. الدوري : ونحن نقول بأنه سوف لن يكون هناك نجاح مطلقاً للسياسات الأمريكية في العراق مهما ألبسوها من لبوسات، وسوف يبقى الاحتلال الأمريكي غير قادر على تلميع صورته أمام العالم لأن ما فعله في العراق لا يمكن وصفه، ولذلك هو سوف لن يحظى بأي تعاطف من أي فرد عراقي أو عربي . وفيما يخص المبادرة العربية التي يقودها الأمين العام لجامعة الدول العربية فقد ذكر د. الدوري بأنه لا حظوظ للمبادرة العربية، ووصفها بأنها مبادرة أمريكية، وليست أصيلة من الجامعة، مضيفاً أن هذه المبادرة أمريكية الشكل والمضمون، والهدف منها هو نفس هدف الانتخابات . وحول كيفية تخلص أمريكا من المأزق الذي هي فيه في العراق قال : إن أمريكا لا تستطيع أن تضع حداً لتورطها في العراق إلا بالانسحاب . وبخصوص ما يقال من أن الانسحاب قد يخلق فتنة كبرى، ويفجر حرباً طائفية في العراق ذكر أن هذه حجة لبقاء القوات الأجنبية، وأضاف : إن كل الشعوب لم تنجح في قيادة نفسها إلا بعد طرد الاحتلال، والتجربة الجزائرية والفيتنامية والتجارب الأفريقية وتجارب أمريكا اللاتينية دليل على ذلك . وفيما يخص البعد الحقيقي لمحكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين ذكر أن هذه ليست محكمة عراقية، ولكنها محكمة أعدت منهجاً وفلسفة واستراتيجية وتكتيكاً لكي تصب في صالح المحتل في محاولة لنزع الصفة التي مرغت وجهه في الوحل، وهي صفة القتل، والتهديد والتعذيب، وتدمير الاقتصاد فكراً وفلسفة وثقافة، وقال إن الاحتلال يريد عراقاً متأمركاً، ولكن بصورة متخلفة، وأوضح أن الولاياتالمتحدة هي التي أوجدت المحكمة، وتحاول أن توظفها سياسياً، في ما أن المحاكم يجب أن يكون هدفها الإنصاف وتحقيق العدل وحماية المجتمع على أساس واضح من الحق والقانون، ولكن عندما يسيّس القضاء فإنك تحكم عليه بالفشل، وهذه هي الحال . وأضاف د. الدوري مندوب العراق السابق في الأممالمتحدة قائلاً : لقد شاهدنا مسرحية أكثر من محاكمة، وقانوناً وقضاء هذا على الجانب الشكلي، أما الجانب المضموني فلا قضاء ولا عدالة في ظل الاحتلال، وهذا بموجب جميع القوانين الإنسانية، وهذا وحده يبطل محكمة في ظل احتلال لمحاكمة رئيس دولة، وحول تصوره للمحكمة العادلة النزيهة لرئيس دولة قال : حاله حال جميع رؤساء الدول في العالم، الذين يتمتعون بحصانات خاصة يجب أن تحترم، وهذا غير متحقق قطعاً في سلطة احتلال تريد رأس نظام سابق، أو نظاماً سابقاً، وأضاف المحاكم يجب أن تكون مبنية على أسس وطنية لأنه يجب أن توظف لمصلحة الوطن، وليس لمصلحة الاحتلال . واختتم د. الدوري حديثه قائلاً : لا يجب أن يكون أحد في منأى عن المحاكمة، عن محكمة وطنية عادلة، وما يجري الآن في العراق هو محكمة احتلال .