مما لا شك فيه المراقب للإصلاحات المالية والإدارية للفترة المنصرمة في عهد خادم الحرمين الشريفين سيدرك النقلة النوعية الجادة للتحول من اقتصاد قائم على الموارد الى اقتصاديات السوق التنافسية تحقيقا للتنمية الشاملة في شتى المجالات. فمنذ انطلاق برنامج التحول للوهلة الأولى بالبدء بالعمل والعصف الذهني الذي قامت به جميع الوزارات والأذرع التنفيذية التابعة لها ناهيك عن الاستئناس برأي المواطن برسم السياسات التنموية المستقبلية للوطن أخذاً بمفهوم الشراكة بين القطاع الحكومي والخاص والشراكة بين القطاع الحكومي والخاص والأفراد، برسم الغايات الاستراتيجية والبرامج والمبادرات والمشروعات المستقبلية وتحديد التوجهات والعمل المشترك لتحقيق الهدف المنشود لهذه الرؤية. حيث يلاحظ المطلع لوثيقة الرؤية 2030 والمتابع للقاء وتصريحات ولي ولي العهد بأنها راعت أدبيات التخطيط الاستراتيجي ومرتكزات التحول الممنهج أخذا بالاعتبار مقومات القوة الثلاث للمملكة كالعمق العربي والإسلامي، والقوة الاستثمارية الرائدة ومحور ربط القارات الثلاثة كبعد استراتيجي جغرافي متميز. بلا أدنى شك، كرؤية طموحة للمملكة وخارطة طريق مستقبلية لم تركز على تعظيم الربحية فحسب بل وضعت من ضمن أولويتها تحقيق الشفافية والرفاه والازدهار للمواطن وفق القيم والمعتقدات الإسلامية الراسخة. وفي المقابل ما تم استعراضه في وثيقة الرؤية كأحد المحاور الرئيسة التي تلامس المواطن بناء الاقتصاد المزدهر من خلال توفير الفرص للجميع من مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص عبر تأسيس بنية أساسية تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، وتنمية الفرص للجميع من رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة الى شركات واعدة كبرى. ولأهمية تنفيذ الرؤية ووضوحها للمستويات التشغيلية والتنفيذية من القطاعات العامة ذات العلاقة ببرامج الرؤية ومبادراتها، حرصت الرؤية على تضمين الفعالية والمسؤولية ورشاقة الأداء الحكومي بما يعزز ثقافة الأداء مواءمة المشاريع المستقبلية لما ينبثق من الرؤية من التزامات وآليات عمل مشترك. ومن يعمل في حقل التخطيط الاستراتيجي طول الأمد يعي أهمية استدامة العمل ونموذجه كإطار مؤسساتي لا يرتبط بالأفراد وإنما بمؤشرات أداء كمية يتم قياسها واعلانها بشكل دوري متكرر للتحقق من التنفيذ على أرض الواقع. وفي ملخص القول، ما تم عمله كإطار معرفي للرؤية وما تضمنته من محاور يثلج الصدر ويبعث التفاؤل ويبقى التنفيذ والعمل الجماعي المشترك والرغبة الجادة لتفعيل الجهود الوطنية ولا يمنع من مراجعتها وتقويمها بما يضمن تحقيق الهدف النهائي المنشود. والله من وراء قصد