من كبرى مشاكل الكرة السعودية بشكل عام عدم الاستقرار الفني؛ فالمدرب مهما كان تاريخه وسجله الحافل بالانجازات دائما مايكون ضحية للتخبطات الادارية السبب المباشر والرئيس في تأخر الرياضة السعودية وكرة القدم على وجه الخصوص، فكم من مدرب عالمي جلبته الأندية والمنتخبات الوطنية أصبح في قاموسنا الرياضي لا يفقه ولا يجيد قراءة المباريات حتى بات جميع مدربي العالم في نظرنا متواضعين ودون مستونا الرياضي، وعند أول تعثر حتى لو بالتعادل لابد ان يغادر فوراً فالفوز ولا غيره هو الشرط الأساسي للاستمرار حتى وان كانت أرقامه ونتائجه طوال الموسم مميزة. ينطبق هذا الحال على مدرب الهلال جورجيس دونيس الذي تضعه الأرقام أفضل مدرب في الموسم ويتزعم المدربين بثلاث بطولات خلال اقل من عام وينافس بقوة على بطولة "دوري عبداللطيف جميل" ونتائج الهلال معه مميزة في بطولة آسيا وأمامه بطولة مهمة الدفاع عن لقبه في مسابقة كأس الملك الا ان هذه النتائج لم تشفع له في نظر جماهير فريقه العاشقة للذهب، وهذا قدره وقدر إي مدرب يشرف على "الزعيم" فالبطولات هي المقياس الحقيقي لنجاح إي مدرب يتولي الدفة الفنية في النادي العاصمي الكبير. في مباراة الشباب حمل دونيس نفسه المسؤولية الكاملة لتعثر الفريق بالتعادل وهذه شجاعة تحسب له رغم أن من يتحمل الخسارة بالتعادل هم اللاعبون الذين أهدروا أكثر من 20 فرصة محققة للتسجيل كان كثير منها يفتقد للتعاون بين لاعبي الوسط والهجوم ومع هذا لم يرمِ دونيس الاخفاق عليهم بل تحمل المسؤولية وتبعاتها. من مصلحة الهلال استمرار دونيس للموسم المقبل؛ فالفريق يحتاج لغربلة شاملة يقودها مدرب على علم تام بجميع عناصر الفريق حتى يكون التقييم دقيقاً؛ فالمباريات الرسمية هي من تشخص اللاعبين ودونيس الآن قيم اللاعبين جيداً ويعرف مشاكل فريقه وماهي العناصر التي يحتاجها سواء المحلية أو الأجنبية، والقائمة "الزرقاء" تضم عناصر انه على يقين تام انها ستغادر إذا ما ستمر دونيس، أما إذا كرر الهلاليون اسطوانتهم الموسمية في كل موسم مدرب فان أنصاف اللاعبين الذين شارفوا على الاعتزال والذين أصبحوا عالة على الفريق ستكون أماكنهم محجوزة في القائمة الهلالية على حساب اللاعبين الشباب، فالمدرب الجديد لن يسعفه الوقت في تقييم أو فلترة الكشوفات وهذه هي المشكلة الرئيسة التي يعاني منها الهلال طوال الخمس سنوات الماضية والتي كانت سبباً مباشراً في فقدان لقب بطولة الدوري خلال الأربع سنوات الماضية. دونيس لا يختلف عن إي مدرب ولكن ايجابياته أكثر من سلبياته فهو مدرب محظوظ وذو شخصية صارمة، وهذا مايحتاجه إي فريق مرصع بالنجوم واستمراره ليس في مصلحة الهلال فقط بل في مصلحة الكرة السعودية بشكل عام؛ فالاستقرار الفني بات مطلباً في جميع الأندية والمنتخبات.