اعطى القادة الاوروبيون أمس الجمعة الضوء الاخضر لاتفاق تاريخي ومثير للجدل في آن مع تركيا يفترض ان يوقف تدفق المهاجرين الى اوروبا، على امل ايجاد تسوية نهائية لهذه الازمة غير المسبوقة. واعلن رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك على تويتر "اتفاق بالاجماع بين جميع رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الاوروبي ورئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو". من جهته اعلن رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو خلال مؤتمر صحافي اعقب قمة الاتحاد الاوروبي "انه يوم تاريخي"، وأضاف "انه يوم تاريخي لاننا توصلنا الى اتفاق مهم جدا بين تركيا والاتحاد الاوروبي" متابعاً "ادركنا اليوم ان تركيا والاتحاد الاوروبي يجمعهما المصير ذاته والتحديات ذاتها والمستقبل ذاته". وكتب رئيس وزراء فنلندا يوها سيبيلا على تويتر "تمت الموافقة على الاتفاق مع تركيا" فيما اكد رئيس وزراء تشيكيا بوهوسلاف سوبوتكا في تغريدة له "المصادقة على الاتفاق مع تركيا. كل المهاجرين الذين يصلون الى اليونان قادمين من تركيا اعتبارا من الاحد سيتم طردهم". وفيما تلوح بوادر ازمة انسانية في اليونان حيث بات 46 الف مهاجر عالقين في ظروف مزرية مع اغلاق "طريق البلقان" امامهم، كان الاوروبيون يخضعون لضغوط شديدة من اجل التوصل اخيرا الى تسوية للازمة. ومع وصول 1,2 مليون مهاجر العام الماضي الى اوروبا، معظمهم فارون من النزاع في سورية ومن العراق وافغانستان، شهد الاتحاد الاوروبي انقسامات غير مسبوقة حول طريقة التعامل مع موجة الهجرة هذه، ما بين فتح الابواب للاجئين لاسباب انسانية كما في المانيا، واقامة اسيجة من الاسلاك الشائكة ثم اغلاق الحدود تلو الاخرى في اوروبا الوسطى. وقال دبلوماسي اوروبي ملخصا الوضع "ليس اتفاقا ممتازا، لكن لا بد لنا منه. لا احد يتباهى به، لكن لا بديل لدينا". واشارت الاممالمتحدة الى "خطر عمليات طرد جماعية واعتباطية محتملة" غير ان الاوروبيين يؤكدون التزامهم بالقانون الدولي، متعهدين بالنظر في ملف كل طالب لجوء يصل الى السواحل اليونانية اعتبارا من الاحد بصفة شخصية وضمان حقه في استئناف قرار ابعاده. وحذر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون صباح الجمعة من "اقامة الجدران والتمييز بين الناس او ابعادهم، ليس هذا الحل للمشكلة". وان كان عرض انقرة لقي استحسان بعض القادة ولا سيما المستشارة الالمانية انغيلا ميركل، الا ان هذا التقارب غير المسبوق مع تركيا التي ستحصل في المقابل على مكاسب جوهرية اثار استياء قادة اخرين. وكان رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال اكد الخميس "غير وارد ان نساوم على قيمنا"، مذكرا بانتقادات الاتحاد الاوروبي بشأن الحملة التي يشنها نظام الرئيس المحافظ رجب طيب اردوغان على حرية الصحافة، او النزاع مع الاكراد. ورد داود اوغلو على هذه الانتقادات قائلا "بالنسبة لنا، لتركيا، ان مسألة اللاجئين ليست مسألة مساومة، بل مسألة قيم انسانية وكذلك قيم اوروبية". ولقاء هذا التعاون المعزز، وافق الاوروبيون على تسريع اجراءات اعفاء المواطنين الاتراك من تأشيرات الدخول وتحريك مفاوضات الانضمام بفتح فصل جديد يتعلق بالمالية والميزانية ومضاعفة المساعدة الاوروبية ل2,7 مليون سوري لاجئين في تركيا من 3 الى 6 مليارات يورو. وتعهد الاوروبيون ايضا بصرف شريحة جديدة من المساعدة المتفق عليها اساسا وقدرها 3 مليارات يورو بصورة سريعة، واعدين ب"تحديد سلسلة من المشروعات الملموسة في غضون اسبوع"، بحسب ما اورد مصدر اوروبي. كما تعهد الاوروبيون مقابل السوريين الذين تتم اعادتهم الى تركيا، استقبال عدد مساو من السوريين القادمين مباشرة من تركيا، على ان يحدد سقف لهذه الالية في بادئ الامر من 72 الف لاجىء، وهو العدد المتاح استقباله في اوروبا. وكانت ميركل، الداعمة الرئيسية لانقرة، اشادت مساء الخميس ب"فرصة جيدة لوضع حد للاتجار بالبشر" في بحر ايجه حيث قضى اكثر من 460 مهاجرا غرقا منذ مطلع العام. ومنذ بداية السنة، وصل اكثر من 143 الف مهاجر الى اليونان عبر تركيا. وعبر اليونان وحدها العام الماضي اكثر من مليون مهاجر. غير ان اغلاق "طريق البلقان" في الاسابيع الاخيرة يضع اليونان في وضع بالغ الصعوبة، وكذلك 46 الف مهاجر علقوا فيها. وقال وزير الداخلية اليوناني بانايوتيس كوروبليس الجمعة لدى زيارته ايدوميني على حدود مقدونيا المغلقة ان "هذا يشبه (معسكر) داخاو حديث، انها نتيجة منطق الحدود المغلقة"، في اشارة الى معسكر داخاو النازي قرب ميونيخ. وفي هذا السياق نشرت بلغاريا قوات امنية كثيفة على حدودها مع مقدونيا في سياق تدريبات مشتركة تهدف الى الرد على تدفق مفاجئ للمهاجرين، على ما اعلن وزير الدفاع البلغاري نيكولاي نينتشيف موضحا "اننا نبحث عن تنسيق افضل لمواجهة ازمة الهجرة". ويبدي الاتحاد الاوروبي استعداده للتحرك في حال انتقلت طريق الهجرة الى ليبيا او بلغاريا. وفي حين لم يبدأ فصل الربيع بعد، تمت اغاثة الاف المهاجرين القادمين من ليبيا خلال ثلاثة ايام فقط في جنوب المتوسط، ما يبعث مخاوف من فتح جبهة جديدة في ازمة الهجرة.