إشارة إلى العمل الفني في قالبه الكاركاتيري المنشور في صحيفة «الرياض» بالعدد رقم (17412) الصادر في 25 فبراير 2.16م حول أزمة الاختناقات المرورية ومدى ارتباطها بالأمراض النفسية في إشارة واضحة إلى الآثار المترتبة على أزمة الازدحام المروري في شوارع المدن..الخ. وتعليقا على هذا العمل الفني الهادف أقول: إن حركة الازدحام المروري واختناقاته المزعجة من أهم الظواهر العالمية التي تشتكي منها معظم المجتمعات البشرية في العالم باعتبارها ضريبة التطور الحضاري والتقدم التكنولوجي في واقعنا المعاصر، وهذه الظاهرة المجتمعية المزمنة التي تعاني منها معظم مدننا، خصوصا العاصمة (الرياض) في أوقات الذروة تحديدا، باتت تزداد تعقيدا يوما بعد يوم، وتثير بالتالي قلق ومضاجع قائدي المركبات نتيجة الازدحام المروري الشديد، خاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة، ففي إحدى الدراسات الاقتصادية المتخصصة اشارة معطياتها الإحصائية أن ثمة ما يقارب 985 ألف سيارة تجوب شوارع وطرق وميادين العاصمة يوميا معظمها سيارات خاصة. وهذا مؤشر خطير، على إقبال العاصمة على اختناق كارثي بسبب الزحام المروري ومشاكله الاقتصادية والبيئية والنفسية والاجتماعية والصحية التي ربما تلقي بظلالها على البناء الاجتماعي، إذا لم تسّخر جميع الإمكانيات اللازمة لتفادي هذه الأزمة المجتمعية والتصدي لها بحلول علمية ناجعة تفك شفرة الازدحام، وتعالج الاختناقات المرورية في الشوارع الرئيسية تحديدا، وبالذات في أوقات الذروة فالرياض تعيش ومع التقلبات الاقتصادية والمتغيرات الاجتماعية والتحولات الثقافية نموا سريعا وتطورا شاملا في جميع المجالات الحيوية بما في ذلك مجال النقل.. وقد صاحب هذه التحولات التنموية نموا متزايدا في عدد السكان، وطبقا لإحدى الدراسات الديموغرافية فإنه في عام 1440 ه سيصل إجمالي السكان في العاصمة إلى 9 ملايين نسمة تقريبا، فضلا عن ارتفاع نسبة العمالة الأجنبية، وإحصائيا عدد العمالة الأجنبية في المملكة يقارب 8 ملايين عامل أجنبي، و6.% من هذه العمالة تمتلك سيارات. وهذه الأرقام تشير إلى أن مدينة الرياض ستواجه مشكلة تتمثل في زيادة تضخم في الكثافة السكانية الأمر الذي يتطلب إعادة صيانة وتطوير قطاع النقل وإيجاد منظومة متكاملة بين الجهات المعنية (أمانة مدينة الرياض والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ووزارة النقل والمرور كي يستوعب الإعداد المتزايدة المتوقعة، وحل معضلة الاختناقات المرورية ومشكلة الزحام، التي باتت تزداد يوما بعد يوم وتتفاقم معضلاتها بصورة تنبئ بمشكلات بيئية واجتماعية ونفسية واقتصادية وصحية ربما تهدد البناء الاجتماعي مستقبلا، خاصة مع كثرة التحويلات الخاصة بأعمال مشروع النقل العام (المترو) الذي يحتاج إلى أربعة أعوام تقريبا للانتهاء من أعماله التنفيذية. ساهمت في زيادة معدلات الزحام والاختناقات المرورية مع أن هذا المشروع العملاق سيعود بالفائدة بعد الانتهاء من أعماله بنسبة كبيرة، كونه سيحل جزءا من هذه المشكلة علاوة على مكاسبه البيئية والاقتصادية والاجتماعية المتوقعة وأهمها إحالة الحافلات الأهلية «خط البلدة» للتقاعد المبكر التي يقدر عددها وحسب إحدى الدراسات المتخصصة 12..حافلة في العاصمة الرياض، و9. %، من موديلاتها قديمة. ومعروف أن تلك الباصات القديمة كثيرا ما تسبب حوادث مرورية لكثرة وقوفها المفاجئ في الشوارع الرئيسية وتعطيل حركة السير بحثا عن الزبون دون سابق إنذار. لذلك نحتاج لحلول مستقبلية بعيدة الأمد تكفل في تسهيل حركة المرور وفك أزمة الاختناقات اليومية وتحقيق السلامة المرورية بإنشاء طرق جديدة وتحويل التقاطعات المقيدة بالإشارات المرورية إلى إنفاق وجسور وتوسيع دائرة استخدام الأنظمة الذكية للنقل في الطرق والتقاطعات والمداخل والمخارج مع ضرورة توظيف (الاستثمار) ومكوناته في مسار النقل العام وفتح مجالاته الحيوية للشركات الأجنبية العملاقة كحل ناجع بعيد المدى. *باحث أكاديمي- متخصص في القضايا الاجتماعية