و«الجمال» هو عنوان قصيدة للشاعر الفرنسي بودلير، أما الأصم فهي إضافة مني لأنه يصف تمثالاً، ولكن هل هو جمال أصم فعلا، هذا ما نراه حين نقرأ القصيدة التي أترجمها فيما يلي: أيها الفانون، إنني جميلة كحلم نحت من الصخر وصدري الذي استمات عليه الكل مرة بعد مرة، خلق لكي يلهم الشعراء الحب الأبدي الأصم كالصخر نفسه. وأما متوجة في السماء اللازوردية كأبي هول مجهول أضم قلباً من الثلج كبياض الأوز وأنا أكره الحركة التي ترجرج القوام لا أبكي أبداً ولا أضحك أبداً والشعراء إزاء إبائي العظيم الذي يبدو أنني أضفيه على نفسي من الصروح الفنية الأبية ينهكون أيامهم في تأملات مضنية لأنني أمتلك لكي أسبي هؤلاء العشاق الطيّعين مرايا صافية تجعل الأشياء أكثر جمالاً عينيّ الواسعتين ذات الوضوح الأبدي! فهل هي تمثال حقاً أم أنها امرأة نحتت من الصخر ذات قلب ثلجي وقوام لا حراك به كأنه صرح فني رائع يجعل الشعراء يقضون عمرهم في حل طلاسمه، ولكننا نجد أنفسنا فجأة أمام عينين تفيضان بالصفاء والسحر والوضوح وبالطبع الحياة فضلاً عن البراءة، فهل هذا يعني أن التمثال أطهر من الإنسان، وأن عينيه لا يمكن أن تشي بالكذب والخيانة؟ إن الشاعر الفرنسي فرلين يقول في بيت له: إن نظرتها كنظرة تمثال، ونفهم من السياق أنها نظرة آسرة، وبودلير نفسه يقول في بيت آخر: «إن عينيك الآسرتين كعيني لوحة» أي لوحة لامرأة جميلة، ثم هناك لوحة موناليزا للفنان الخالد ليوناردو دافنشي التي يقال إن روعتها تكمن في العينين الغامضتين اللتين همتا بأن تفصحا عن سرهما ولم تفعلا. فهل هذا يعني أن الفن أصدق من الحياة وأنّ على الحياة أن تقلد الفن كما قال أوسكار وايلد.