حديث البلد هو قصص تعذيب الأطفال التي نشرتها الصحف في الأسبوع الماضي ومازالت توالي نشرها.. فشكراً للصحافة وشكراً للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ولرئيسة لجنة الأسرة والأطفال في الجمعية الأستاذة الجوهرة العنقري.. ودون أن نجرّم أي شخص لم تثبت إدانته من جهات قضائية، فإن اضطهاد الأطفال والنساء - أو العنف الأسري، عموماً - هو قضية مسكوت عنها في مجتمعنا باعتبارها شأناً عائلياً خاصاً ليس من حق الآخرين الدخول فيه.. وهذا خطأ.. فالعنف الأسري موجود في كل المجتمعات.. هو موجود حتى في الدول التي تعتبر نفسها دولاً متقدمة.. لكنهم هناك يتعاملون معه بشفافية ولا يدفنون رؤوسهم في الرمال.. وهذا هو الفرق بين تلك المجتمعات والمجتمعات المحافظة التي تشبه مجتمعنا.. نعم يجب أن نحترم خصوصيات الأسر وخصوصيات الناس جميعاً، ولكن يجب ألا نتستر على الجرائم التي تحدث للنساء والأطفال داخل البيوت بحجة أن هذه الأمور هي أسرار عائلية لا يجوز الدخول فيها.. إن جهود الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان هي جهود مشكورة.. ولعل الدخول في مثل هذه القضايا والتصدي لها هو إحدى المبادرات الجيدة التي يلمس المواطن أثرها بشكل مباشر.. فهذه الجمعية، ومثيلاتها، تطرح أملاً كبيراً في أن مجتمعنا قد بدأ بالفعل يتصدى لمشكلاته من خلال جهود مؤسسات المجتمع المدني.. وهذا جيد لأن هذه المؤسسات تظل هي الأقرب إلى الحيادية من وجهة نظر المواطن فهي تعمل بمعزل عن المؤثرات والاعتبارات التي تقيد في بعض الأحيان عمل الجهات الرسمية.. ومن المؤكد أن التجربة القصيرة للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في المملكة لا تعطي هذه الجمعية في الوقت الحاضر ما يكفي من الخبرة للتعامل مع المشكلات المتراكمة، وخصوصاً في مجال الطفل والمرأة.. لكن الحماس الذي نلمسه من خلال نشاط الجمعية حتى الآن يعطينا قدراً كبيراً من التفاؤل بأنها سوف تحقق ما هو مأمول منها خلال فترة لن تطول إن شاء الله.. وهي بذلك تتكامل مع جهود هيئة حقوق الإنسان الرسمية. نحن نعيش في عالم أصبح فيه لمنظمات المجتمع المدني صوت قوي ومسموع.. لكن الأهم من هذا هو أن الإسلام قد أكد على أهمية حقوق الإنسان، ومن ثم فإن الركائز التي يقوم عليها عمل الجمعية متوفرة بغض النظر عن أن جمعيات حقوق الإنسان أصبحت من المؤسسات المهمة في جميع المجتمعات في الوقت الحاضر.. لهذه الأسباب نتوقع من الجمعية إسهامات عميقة وكثيرة لمساعدة الفئات التي تحتاج إلى جهودها.. ونتمنى لها كل التوفيق والنجاح.