يشير التاريخ البشري إلى أن الإنسان في صراع مع الطبيعة، ودفعته نحو بذل الكثير من الجهد للحصول على رزقه وقوته، ولكل مجتمع طعامه الخاص الذي ألفه واعتاد عليه وإن فرضته عليه بيئته إلا أنه يجد منه ما يكفيه. إن البيئة الصحراوية قليلة الإنتاج وجل ما فيها يؤخذ من منتجات المواشي كالألبان والسمن والزبد وما يُجلب من المناطق المجاورة من التمور، لذا كان التمر واللبن الطعام الرئيس وفيهما من المواد الضرورية ما تفي بحاجة الإنسان من المواد الغذائية. هذا بالإضافة إلى القليل من القمح والذي يُصنع منه الخبز مع ما تجود به الصحراء من حيوانات كالضب والأرانب البرية والطيور ونبات الفقع بموسمه. وعموماً هناك عدد كبير من الأكلات الشعبية المتنوعة فمنها مستحدث ومنها باق من الحياة الماضية، ونلاحظ على بعض الأكلات الشعبية أنها تقدم بمناسبات معينة. وأهم المأكولات الشعبية: الجريش: ويسمى عيش الحنطة وهو القمح المجروش أو المجروشة وتطبخ مع اللبن واللحم والطماطم والبصل والبهارات والسمن ويحتاج طبخه لمدة طويلة تصل إلى ساعتين. القرصان: وهو على أنواع: قرص الملّة: ويسمى جمري أو حرف، ويعمل بدقيق القمح المعجون، حيث تفرد على شكل دائرة إما بآلة أو باليد، ثم يخصص لها مكان في النار المعدة من الجمر الصغير المحاط بالتراب والرماد فيوضع عليها العجين وتردم بالجمر حتى تنضج، ثم يتم استخراجها من الملّة ويفضل البعض تناول هذا القرص مع السمن. المطحّن (خبز الصاج): بعد تجهيز العجينة، تقلب بين الذراعين بعد تقطيعها على شكل دوائر، ثم تفرد على شكل دائرة كبيرة، ثم توضع على الصاج الموضوع على النار حتى يتغير لون الرغيف ثم ترفع عن الصاج. الصبيب (التشريب): وهي عبارة عن خبز رقيق جداً يوضع مصفوفاً فوق بعضه، ويصب عليه مرق اللحم والخضار حتى يتشرب المرق. أرز التمن: وهو أرز اشتهرت به العراق، وهو على نوعين الأبيض والأحمر، له قيمة خاصة عند الأهالي في السابق، وطريقة طبخه مثل الأرز العادي. الخميعا: وهي عبارة عن خبز مقطع إلى أجزاء صغيرة تفت مع السمن والحليب أحياناً، وتفت أحياناً مع مرق اللحم والخضار. الحليب ومشتقاته: وهو الحليب المستخرج بشكل طبيعي من الإبل والأغنام والماعز، فمن المعروف أن الحليب يزداد عند الرعاة وأصحاب المواشي في بعض المواسم لا سيما فصل الربيع، والحليب أنواع: أولاً: حليب النياق: ويفضل البعض شربه بعد حلبه مباشرة من الناقة، وتفضل رغوته التي تظهر عقب الحلب، ويزداد الإقبال على حليب النياق في موسم الربيع، لأن الإبل التي ترعى في المراعي الطبيعية يكون حليبها حلو المذاق بخلاف حليب الإبل التي ترعى الأعلاف. ثانياً: حليب الأغنام والماعز: ويتم الاستفادة منه بعد الحلب بعدة طرق وهي: الطريقة الأولى: غلي الحليب ثم شربه. الطريقة الثانية: بعد جمع الحليب يوضع في القدر مدة يوم على الأقل حتى يصبح رائباً، ثم تقوم المرأة بوضعه في الصميل (وهو وعاء جلدي)، ثم تخضه حتى يظهر كل ما في الحليب من زبدة ثم تجمع الزبدة، وتتم عملية الخض السابق بتعليق الصميل بالرجاحة ذات الأعمدة أو تقوم المرأة بخضه أرضاً، وتدوم عملية الخض أكثر من ساعة، فبعد استخراج الزبدة يكون الحليب جاهزاً للشرب، ويترك الحليب بالصميل حتى ينقضي، وفي الوقت الحاضر تطورت طرق تجهيز الحليب باستخدام آلات حديثة من قبل ربات البيوت. طريقة استخراج السمن: بعد جمع الزبدة (كما جاء سابقاً) يتم تسخين الحليب، ويوضع معه طحين القمح المعروف بكمية قليلة ثم يعزل الطحين ويحصل على السمن، وتسمى هذه العملية بالتقشيد، ويوضع السمن في العكة أو النحو لحفظه. طريقة عمل الإقط أو البقل (المضير): وتكون بعد جمع الحليب وغليه حتى يتخثر، ثم يترك ليبرد ويوضع في خريطة (كيس من القماش) لتصفيته عن الحليب السائل وبعدها يعمل منه الإقط أو البقل على شكل قطع صغير تظهر بها أشكال الأصابع التي عملت بها وتترك فترة لتجف. الفقع (الكما): وهو نبات فطري له نكهته الخاصة والتي يحبها الكثير، فبعد الحصول عليه، يقشر أعلاه لتنظيفه عن التراب، ثم يغسل جيداً، ويطبخ سلقا بالماء، ويضاف له السمن والملح حسب الرغبة، والبعض يطبخه مع الكبسة، ومدة طبخه كمدة طبخ اللحم. الجراد: يفضل البعض وخصوصاً كبار السن أكل الجراد الذي يظهر بمواسم معينة، والسبب أن الجراد يأكل النباتات البرية التي يستشفون بها. ومن هنا فإن أكله يُعد نافعاً للصحة لذلك يقال «إذا ظهر الجراد انثروا الدواء». وطريقة طبخه إما مشوياً أو سلقاً بالماء، ثم يُترك حتى يجف وييبس، وينزع البعض أطرافه ورأسه ويأكلون ما تبقى منه.