قبل أن تسألوني: «ماذا تقصدين بهذا الكلام؟» أحب أن أوضح لكم بأنني خالية من المقاصد ولست ممن يملكون نوايا خفية، ولا أظن أنني في حالة من صفاء الذهن تتيح لي تجميل مقاصدي وإلباسها ثوباً آخر، وأحب أيضاً أن أخبركم بما أن شعاري اليوم هو الصراحة أود أن أهمس لكم بسروهو أن الفكرة هي التي كتبتني اليوم ولست أنا من كتبتها، فأحيانا يستفزك شخص أو موقف أو منظر أو حالة وتسيطر عليك وتجعلك تصف الكلمات بدون تخطيط. ونحن نقترب من نهاية الأسبوع.. وكلنا ينتظر ايوم لأربعاء بشغف لذلك سأحدثكم عن أربعاء «حصيصة» و«مها» و«آلاء» وبقية الشلة. مهمة حصيصة في الحياة هو أن تتلقى الاهانات من والدتها التي ترى أن حصيصة تذكرها بالأب المفقود الذي هرب إلى زوجة من دولة عربية قريبة يسافر لها الناس في الصيف والشتاء ونهاية الأسبوع وإجازات العيد ونصف العام، «وحصيصة» تتحمل هذه الإهانات كواجب يومي كما تتحمل صراخ «أبلة المعلمة» التي تحدثهن عن ليلى والذئب في كل مناسبة وتحذرهن من لبس ربطات الشعر الحمراء والحذاء ذي الكعب العالي وتصرخ في وجوههن حين لا يلتفتن لها وينشغلن بقضم قطع الشيكولاتة مع البيبسي البارد الذي ينسيهن حر الشمس في ساحة المدرسة، ولأن الأم تعيش مرارة هروب الزوج وإهماله لأولاده فإن «حصة» هي الأم لهؤلاء الصغار وعددهم أربعة في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة، وهي المسؤولة عن تدريسهم وتلبيسهم والترويح عنهم في نهاية الأسبوع حيث تذهب بهم للملاهي لينطلقوا بعيداً عن صراخ الوالدة ودموعها وتتلاقى هي مع صديقات المدرسة بعيداً عن تعنيف «أبلة المعلمة». في هذه اللقاءات ترتدي كل واحدة منهن كل الألوان بما فيها اللون الأحمر، وتحاول كل واحدة منهن أن تبدو كامرأة ناضجة في الثلاثين بدلاً من أن تعيش سن الخامسة عشرة الذي تتمنى أن تعود له كل النساء. «مها» مرفهة جداً، فهي تتحدث دائماً عن «ألتون تاورز» و«ليجو لاند» «ويورو ديزني» و«أبكوت سنتر» فهي من الذين يرحلون في أول فرصة على أقرب طيارة لأبعد نقطة على وجه الأرض من الرياض، وهي لا ترى والديها إلا في مناسبات قليلة جداً، حين تحدث مصيبة أو حين يختلفان ويريد كل واحد منهما أن يأخذ «العيال» في صفه ليغيظ الآخر، وهي وأخواتها الأصغر منها مضاوي ومنال وأختها الكبرى منيرة يعشن حياة منفصلة فلكل منهن صديقاتها وعالمها وهاتفها الجوال وحجرة الشات الخاصة بها.. أيام مها كلها آخر أسبوع فهي تجد مناسبة لتخرج مع ابنة خال لها أو ابنة عم أو صديقة وإذا لم تجد أحداً تخرج معه أخذت معها العاملة المنزلية وتمشت في أحد الأسواق.. لتشتري أغراضاً ليست في حاجة لها، أو تذهب للسوبرماركت لتجمع معلبات تُنسى في المطبخ حتى تنتهي مدة صلاحيتها. أما يوم الخميس فهي تهرب لأول حفلة راقصة تقيمها صديقاتها. ويوم الأربعاء هو اللقاء الأسبوعي في الملاهي مع «شلة صديقات الهنا». «آلاء» حكايتها حكاية فهي تطالعك بذكاء من خلف نظارتها وهي تهمس بمعلومة قرأتها، تطلق عليها زميلاتها لقب «دودة الكتب» هي ليست من المتفوقات لذلك لا تجابه بالكره من الأخريات هي فقط تحب قراءة كل شيء إلا الكتب المدرسية المملة، أمها تصفها بأبشع الصفات قائلة: «اقرئي هذه الكتب التي ستفسد عقلك وتخربك» وبيني وبينكم أمها معها حق فهي تريد أن تكون ابنتها مثل كل الفتيات تهتم بأحدث أنواع المكياج وآخر الموديلات بدلاً من الكتب والقصص والروايات التي لم تفد أصحابها. آلاء الوحيدة التي تكره يوم الأربعاء لأن أمها تجعل منه اليوم العالمي لهجر الكتب والخروج للزيارات وأكل الفصفص ومتابعة ما نزل في السوق من أحذية وحقائب وملابس، لذلك فإنها وجدت في اجتماعها مع صديقاتها في نهاية كل أسبوع فرصة للهروب من ضغط والدتها التي لا تمانع أن تخرج ابنتها مع زميلاتها وتأخذ الصغار معها و«ليندا» العاملة المنزلية حتى ترتاح هي وتلتفت لنفسها. ما الذي يجمع بين الصديقات الثلاث غير اللقاء الأسبوعي؟ أترك لكم الإجابة.