بموافقة دمشق على استجواب لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري خمسة من المسؤولين الأمنيين السوريين في مقر الأممالمتحدة في فيينا، يكون رئيس اللجنة القاضي الألماني ديتليف ميليس قد كسر مبدأ الرفض السوري لهذا الاستجواب، بغض النظر عن عدد الذين سيشملهم، ذلك أنه بمجرد انطلاق عملية الاستجواب، لن يكون في إمكان دمشق، حسب مصادر مطلعة، بعد ذلك رفض طلب استجواب المزيد من المسؤولين، خصوصاً وأن تقرير لجنة التحقيق الدولية ميزت المشبوهين في الجريمة، وخفضتهم الى فئتين، الأولى فئة المخططين والمنفذين وفئة المتورطين، ويبدو أن التحقيق مع المسؤولين السوريين سيبدأ من الفئة الأولى. وكانت دمشق قد أعلنت على لسان نائب وزير الخارجية السورية وليد المعلم والمستشار القانوني في الوزارة رياض الداوودي أن استجواب السوريين سيتم في حضور محام عن كل منهم، وأنهم سيعودون إلى دمشق بعد انتهاء التحقيق معهم بصفتهم شهودا وليس بوصفهم مشتبهاً بهم. وأوضحا أن ليس لميليس صلاحية التوقيف وصلاحيته أن يطلب ذلك من السلطات القضائية السورية ذلك وتحدثا عن تطمينات وضمانات بديلة عن بروتوكول التفاهم الذي كانت تصر عليه سوريا، وهذه الضمانات منها شفهية بكفالة روسيا، ومنها مكتوبة في محضر رسمي لاجتماع الداوودي مع ميليس في برشلونة. ونقلت صحيفة «الحياة» التي تصدر في لندن عن مصادر سورية رفيعة المستوى قولها إن دمشق لم تطرح مع أي طرف موضوع الأسماء الواجب استجوابهم، بل موضوع الاجراءات والضمانات قبل أن تشير إلى أن اسم رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء آصف شوكت لم يكن مطروحاً نافية حصول أي صفقة. وتردد أن الضباط الخمسة هم الرئيس السابق لجهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان العميد رستم غزالة ومسؤول بيروت العميد جامع جامع، والمسؤول في المخابرات العسكرية العميد عبدالكريم عباس ومسؤول قسم الكمبيوتر العقيد ظافر عباس اضافة الى رئيس فرع الأمن الداخلي السابق اللواء بهجت سليمان. وتلقى رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة اتصالاً هاتفياً ليل أمس الأول من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي وضعه فيه في أجواء الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري القاضي ديتليف ميليس والسلطات السورية للاستماع الى الضباط السوريين في مقر الأممالمتحدة في فيينا. وأفاد المكتب الإعلامي للرئيس السنيورة أن رئيس الحكومة رحب بهذه النتيجة التي تم التوصل إليها على أساس أن المهم هو التوصل الى التفاهم والتعاون من قبل السلطات السورية، باعتبار أن التعاون هو الأساس وليس المكان، كما سبق أن أعلن وذلك لخدمة الوصول الى الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري باعتبارها الهدف المركزي لعملية التحقيق. وقال إن الرئيس السنيورة اغتنم المناسبة للتأكيد مع الأمين العام للأمم المتحدة على الثقة التامة بعمل لجنة التحقيق والقاضي ميليس، والحكمة والحيادية والمهنية التي تتبعها الأممالمتحدة ولجنة التحقيق في التوصل الى هذا الاتفاق. وأثار الرئيس السنيورة مع أنان أكثر من مسألة تتعلق بلبنان، منها ضرورة المساعدة على الحد من التوتر على الحدود الدولية الجنوبية للبنان والتي تتمثل بضرورة مساعدة الأممالمتحدة لبنان في الضغط على إسرائيل لإطلاق سراح المعتقلين والأسرى لديها في السجون الإسرائيلية، وتسليم الخرائط المتبقية لحقول الألغام في مناطق الجنوب والبقاع الغربي، اضافة الى وقف الانتهاكات المتكررة للسيادة اللبنانية، عبر انتهاك الأجواء والمياه اللبنانية بشكل يومي، بالاضافة الى ضرورة حل مشكلة مزارع شبعا اللبنانية، وشكر الرئيس السنيورة للأمين العام مساعدة لبنان، ونجاحه الدور الذي لعبته في تسليم جثامين الشهداء الذين سقطوا للمقاومة في المواجهات الأخيرة. ولوحظ أن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط رحب بتحفظ بالاتفاق، لكنه استعار بيتاً من الشاعر مهدي الجواهري يقول فيه: «يا شعبي أنت باق واعمار الطغاة قصير». وقال: «ها هم وافقوا على تسليم خمسة ضباط.. لكن لا تسوية، لا تسوية إلا بعد الحقيقة كل الحقيقة». وأضاف: «لن نتهاون إلى أن يخرج عالم عربي جديد إلى أن تخرج سوريا ديمقراطية».. واعتبر ان «لبنان بخير اليوم ونحن بخير اليوم، والقائد كمال جنبلاط معكم اليوم». وختم كلمته في حفل عشاء لجمعية الخريجين التقدميين بالقول: «سيبقى فينا رفيق الحريري، وننتصر، وسيبقى فينا كمال جنبلاط وننتصر». من جهة ثانية، تواصلت في بيروت جملة خطوات متعلقة بالتحقيقات الدولية واللبنانية، واستمعت لجنة التحقيق الدولية في مقرها في المونتفردي إلى إفادة الضابط في الحرس الجمهوري المقدم وليد عبدالعال شقيق الموقوفين في الجريمة محمود وأحمد عبدالعال اللذين ينتميان إلى جمعية «الأحباش». وتناول التحقيق مع المقدم عبدالعال موضوعاً يتعلق باتصالات هاتفية.. كما استمعت اللجنة إلي إفادتي رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن ونائبه بسام طليس، في موضوع العلاقة السياسية بالرئيس الحريري، عموماً، وخصوصاً في المرحلة التي سبقت اغتياله. في غضون ذلك، كشفت صحيفة «النهار» اللبنانية، عن تطور لافت يتعلق بجريمة اغتيال الحريري، تمثل بمقتل أحد أصحاب المحال في منطقة ميناء طرابلس لبيع أجهزة الهاتف الخليوي، ممن سبق أن أجري معهم التحقيق. وذكرت الصحيفة ان الشاهد المذكور ويدعى نوار دونا الذي يملك محلاً في الميناء تم التحقيق معه أمام اللجنة الدولية وأمام القضاء اللبناني في موضوع بيعه خمسة أجهزة خليوية من أصل ثمانية استعملت في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، قتل أمس الأول في حادث سقوط سيارته مع أحد رفاقه في واد، على طريق بتغرين، في منطقة المتن في جبل لبنان، وشرعت قوى الأمن الداخلي في التحقيق في أسباب الحادث وظروفه وسط شكوك في أن يكون مدبراً. وعلى صعيد آخر، استمع قاضي التحقيق العدلي في جريمة محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة القاضي صقر صقر إلى إفادة القائد السابق للحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان بصفة شاهد في هذه القضية. واستمر التحقيق معه ثلاث ساعات بعدما أحضر حمدان الموقوف في ملف اغتيال الرئيس الحريري من مقر توقيفه في سجن رومية إلى دائرة القاضي صقر في قصر العدل وسط تدابير أمنية مشددة. وأفادت مصادر قريبة من التحقيق ان المحقق العدلي سيدرس شهادة حمدان ويطابقها مع سائر الإفادات في الملف تمهيداً لتقرير الخطوات اللاحقة.. وأشرت المصادر إلى أن التحقيق مع الشهود لم يصل إلى نهاياته بعد، وسيتابع الأسبوع المقبل.