عندما يكون حجم السيولة مرتفعاً يتم التعامل معها بطريقتين: الضغط على عرض النقود أو البحث عن مخارج إضافية للسيولة.. في الخيار الأول يتم التحكم في الإقراض والتسهيلات أو رفع سعر الفائدة وغير ذلك من الأساليب ذات النمط الدفاعي الاحترازي المتردد.. في الجانب الآخر تكون الأساليب المطلوبة ذات نزعة ابتكارية تصبغها حالة من الريادة في بناء مشاريع جديدة وفتح آفاق واسعة للاستثمار حتى يمكن سحب السيولة المرتفعة في مسارب استثمارية تسهم كذلك في نمو وعنفوان الاقتصاد الوطني. إن المطلوب وبشكل مختصر في الخيار الثاني تعميق الاقتصاد ومن ثم السوق المالية بمعنى انه مطلوب وبصورة عاجلة «معدات حفر» لتعميق السوق السعودي ليصل إلى الأعماق التي نشاهدها في دول أصغر منا كثيراً وأسواق أقل من سوقنا قدراً ومقداراً.. سوق دبي الصغير حيث لا يتعدى المؤشر 2000 نقطة ولا تصل السيولة المدورة يومياً فيها إلي أرقامنا الخرافية يحتوي عدد 88 شركة بقيمة اسمية ريال واحد في حين تطارد السيولة الضخمة لدينا عدد 77 شركة بعضها لا يتعدى عدد أسهمها المليون سهم فقط!! المطلوب وبصورة عاجلة: 1 - تحريك الخصخصة النائمة وطرح الدولة للمزيد من مؤسساتها للجمهور. 2 - تشجيع الطرح الأولي وبناء شركات جديدة في المجالات الاستثمارية الناجحة. 3 - نقل فكرة تجزئة الأسهم من التنظير وكلام المحاضرات والمنتديات إلى أرض الواقع. 4 - تشجيع الشركات المساهمة الحالية على الاكتتابات وزيادات رأس المال واستخدام الأموال في مشاريع منتجة تضيف لهذه الشركات وللاقتصاد الوطني.. النظر إلى بعض حالات الاكتتابات الأولية في سوقنا يدلل على أن معدات الحفر لدينا متهالكة وربما يكون مكانها الحراج!! لقد تم طرح نسب متواضعة من شركات قائمة أساساً (ليست جديدة) وبعلاوات إصدار مرتفعة حقيقة وليس خيالاً واحتفظ المؤسسون بالنسبة العظمى من الأسهم بعد رمي الفتات للملايين من المهووسين بالأسهم والاكتتابات الجديدة. هذه الطريقة عملت على زيادة ثراء الأثرياء ورفعت من حدة صراع الفقراء على عدد من الأسهم يكون من المخجل أن نذكر نصيب الفرد منها حتى لو كان يركض بدفتر عائلة متخم بالعوانس والأطفال. مطلوب تعميق السوق حقا خصوصاً من حيث الابتكار الحقيقي في بناء الشركات الجديدة وطرحها للجمهور لأنه من المخجل أن تكون تجربة شركة الصحراء هي الوحيدة المضيئة خلال السنوات الماضية رغم حالة الطفرة الخرافية في سوق الأسهم.