إن اعتماد المملكة العربية السعودية على البترول مصدر أساسي للدخل وممول رئيسي للميزانية يجعل من اقتصاد المملكة فريسة سهلة لتقلبات أسعار سوق النفط العالمي وكانت الكثير من الأصوات تعالت من أجل تنويع سلة النشاط الاقتصادي بالمملكة من أجل ألا يكون هناك ذلك التأثير الكبير للمتغيرات السوقية العالمية لاسعار البترول على الاقتصاد السعودي. وكانت استجابة القيادة الحكيمة لهذه النداءات بقيام مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله بانشاء الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة تلك الهيئة التي تهدف إلى تنظيم ودعم وتنمية ورعاية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة. هذه الرؤية الحكيمة تؤدي إلى تغيير النمط الاقتصادي للدولة وتجعل من المنشآت الصغيرة والمتوسطة عماد الاقتصاد مما يسمح للسوق السعودي بالمنافسة العالمية ويسمح بتقليل نسبة البطالة بين عموم الشباب السعودي الطموح وتمويل الأفكار الجديدة ودعم المشروعات التجارية والصناعية والخدمية مما يسهم في بناء نظام اقتصادي متين لا يتأثر ذلك التأثر الكبير بتذبذب أسعار النفط العالمية. ومن المعروف أن كل الدول الاقتصادية العملاقة تعتمد بشكل أساسي في اقتصادها وتنميتها على تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة من أجل استقرار المناخ الاقتصادي العام وتوفير فرص العمل لأبناء تلك البلدان وزيادة التنافسية الداخلية مما يتبعها من توفير مناخ اقتصادي قوي ينافس الاقتصادات العالمية. إن نجاح هذه الهيئة لا يعتمد فقط على تلك القرارات من القيادة الرشيدة ولكن يحتاج ويتطلب من كافة الجهات بالقطاعين العام والخاص المساهمة الجدية والعمل على رفع مستوى أداء المنشآت القائمة بالفعل كما إنها دعوة لكل الشباب إلى التفكير بجدية في أفكار تجارية وصناعية تمكنهم من بناء مشروعاتهم الخاصة مدعومين من تلك الهيئة مما يسهم في تحول المملكة إلى سوق نشط يجذب المستثمرين ويعزز مكانته ويحارب البطالة بشكل سلس وفعّال. هذه الهيئة تحتاج إلى الدعم المالي والإداري والتنظيمي وألا يقتصر التمويل الخاص بها على صندوق التنمية الصناعية بل يجب أن يكون هناك مصادر وأفكار أخرى من أجل التمويل الجدي والفعال لتلك الهيئة والعمل الدؤوب على ازالة أية معقوات بيروقراطية يمكن أن تمنع هذه الهيئة من القيام بدورها وتنفيذ أهدافها. إن الأمل كبير في مثل تلك الهيئة وغيرها من الهيئات الوطنية المتخصصة والتي تركز على جوانب ذات بعد استراتيجي يستهدف التكامل الاقتصادي والتنموي وبما يحقق التنمية المتوازنة والمستدامة وتوليد الوظائف ومعالجة البطالة والتي من خلالها يتم دعم اقتصاد المملكة العملاق بطبيعته ولا بد أن يكون هناك تنسيق كامل بين كافة الجهات المعنية من أجل دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتنفيذ مرئيات القيادة الرشيدة فيما يخص تنمية الاقتصاد وثبيت أركانه.