موعد مباراة النصر والأهلي.. والقناة الناقلة    "لينا" تنير منزل الاخصائي بسام القاسم    محاولات لردع التدخل الأجنبي في الانتخابات    كوريا الشمالية تكشف عن منشأة لتخصيب اليورانيوم    قاض بولاية جورجيا يرفض تهمتين جنائيتين ضد ترامب    إيطاليا تسجل إصابتين محليتين بحمى الضنك    الاجتماع الدوري السابع لمشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية .. الأحد المقبل    قطر تدين اقتحام رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي منطقة الأغوار الفلسطينية    المملكة تشارك العالم العربي الاحتفال ب "اليوم العربي للأرصاد الجوية"    "الأرصاد": أمطار خفيفة على منطقة المدينة المنورة    الشباب يعلن عن إصابة "فهد المولد" إثر حادث عارض صحي    مواسم السياحة.. مدّت الأعمار !    ترمب - هاريس.. غابت الضربة القاضية    السعودية تقود حراكاً سياسياً عالمياً.. وجسوراً برية وجوية لغزة    دعوها فإنها منتنة    الروائي طاهر الزهراني: توقفتُ عن الدفع للناشرين    اللاعب رقم 12    إعلانات مخادعة!    الشوكولاتة الداكنة حاجز وقائي ضد تطور مرض السكري    بسبب كورونا.. أدمغة المراهقين أكبر 4 سنوات من عمرهم !    النفط يرتفع 2% مع تعطل الإنتاج الأمريكي بسبب الإعصار «فرانسين»    المخلافي: بدعم سعودي تعز تدشن مرحلة جديدة من الاستقرار والتحسن في الخدمات    النشر الاستراتيجي العالمي يعلن عن تجاوز إجمالي المبيعات التراكمية لعلامتي جايكو و أومودا 300,000 وحدة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على بعض مناطق المملكة    طائرات موسم الرياض تواصل رحلتها «البرية»    عبده خال عاشق الكلمة    من يقف خلف «حياة الماعز» ؟!    كيف تغطيه وهو هويتها ؟!    الأشرفُ نسباً الأزكى خُلقاً    الحاجة لبرامج تقدم المفتيات للمجتمع    مسؤولية الدولة والقطاع الخاص عن أنشطتهما الفضائية    يزن الأهلي.. قوة ناعمة    كلاسيكو نار بين النصر والاهلي في قمة الجولة 3 من دوري روشن    «حرس الحدود» ينقذ مقيمًا ومواطنًا تعطلت واسطتهما البحرية بجدة    عودة "المالكي" و "رديف" للتدريبات الجماعية قبل مواجهة الفتح    نصائح مضللة تهدم الأسر    مها العتيبي: لوحاتي بدهن العود تعبر عن هويتي وقيمي العربية    حرس الحدود بنجران يحبط تهريب (11,2) كجم "حشيش" و(29265) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي    المنتخب السعودي يحصد ميدالية فضية في ‫الأولمبياد الدولي للذكاء الاصطناعي    سعد العبيد.. ألوان خالدة وذاكرة لا تنطفئ    التقنيات الصاعدة    سياحة في أحضان الطبيعة    خلال وقوف سموه ميدانيا على أعمال مركز القيادة والتحكم بالمنطقة    أمين منطقة القصيم يلتقي وكيل وزارة البلديات والإسكان المساعد للصحة العامة    المدخلي بجائزة تجميد للشعر الفصيح إلى جازان وابن العلا المركز الأول في النبطي    تتصل بتعزيز العلاقات الثنائية.. ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس أنغولا    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سجدي الهيضل    هيئة الطرق: كود الطرق السعودي يضع معايير موحدة لمعابر الحيوانات البرية والجمال    تكريم الفائز بمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يزور قوة الأمن الداخلي (لخويا) بالدحيل    السعودية تدين وتستنكر استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلية لمدرسة تؤوي نازحين فلسطينيين بغزة    وزير التعليم يبحث تعزيز التعاون العلمي مع سفير الجزائر لدى المملكة    نجوم المسرح الخليجي يتحدثون عن بداياتهم وتطلعاتهم للمسرح في مهرجان المسرح الخليجي    برعاية وزير الداخلية.. «مكافحة المخدرات» تحتفي بتخريج 728 فرداً من الدورة التأهيلية ال 24 للفرد الأساسي    خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزيرة المشتريات الدفاعية البريطانية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على لولوة السديري    نائب أمير مكة المكرمة يعزي القناوي في والده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا ينتحرون..؟!
نشر في الرياض يوم 23 - 11 - 2015

يعيش بعض المشاهير حياة رغدة ومنعمة ويجربون كل ما يخطر في الحياة من متع وينساقون خلف وهم اللذة حتى تتضاءل وتنحسر بفعل الممارسة الدائمة، وعندما تنطفئ تلك الجذوة ويخفت ذلك الوله.. قد يقع بعضهم في أسر الإدمان حتى يصلوا لمرحلة العطب.. ولذا تتكون لدى بعضهم ميول انتحارية بمجرد فقدان ذلك البريق والوهج
يطالعنا بين الحين والآخر، خبر عن انتحار أحد المشاهير. وكما أن المجهول قد ينتحر تحت وطأة العديد من الأسباب.. إلا أن صدى انتحار المشاهير أوسع دائرة وحضوراً.. ويترك العديد من التساؤلات حوله.
قد تختلف أسباب انتحار المشاهير عن غيرهم.. إلا أن ثمة نتائج تلتقي في النهاية مع حالات الآخرين بتأثير ما يجعل الحياة مهمة صعبة وأليمة وقاسية.
وفي كل الحالات، الانتحار لا يعني سواء لفقير أو غني، لمشهور أو مغمور، لواسع الحضور أو مجهول.. سوى ان ثمة عوامل تدفع هذه الحالات المأسوية لإنهاء حياتها.. على نحو أو آخر. والعامل المشترك فيما بينها، الشعور بثقل الحياة، حتى لتصبح عبئاً كبيراً وثقيلاً، فلا يقاوم فكرة الخلاص منها بالانتحار.
قبل عدة أشهر جاءت وفاة الممثل الأميركي الكوميدي الشهير "روبن وليامز" منتحراً في منزله شمالي كاليفورنيا، إثر تأثره بأزمة اكتئاب حاد، لتزيح عن الوسط الفني الكثير من الخفايا والأسرار، حتى ان البعض منهم لم يتردد بالاعتراف أنه يصارع فكرة الانتحار.
ومن يفتح سجل انتحار المشاهير، سيجد ساسة ومفكرين وروائيين وفنانين ورجال أعمال أثرياء.. أنهوا حياتهم انتحاراً، وخلفوا وراءهم أسئلة كبرى حول المعنى الذي يغلف تلك الشهرة ويعظم أضواءها وينثر حولها ملامح البهجة والحبور والانتصار والقوة.. بينما يكون الاضطراب والبؤس النفسي، وفقدان المعنى من الحياة والوجود.. إلى درجة الانهيار أمام سطوة فكرة الانتحار.
الفقر والمعاناة من قلة ذات اليد، لم يكن يوماً سبباً من أسباب الانتحار، وإلا لوجدنا الانتحار في البلدان التي ينتشر فيها الفقر المدقع وانعدام الكفايات الضرورية للإنسان، تتصدر الأرقام العالمية في عداد المنتحرين هروباً من تبعات الحياة. وقد نجد العكس حيث هناك من يتشبث بالحياة حتى وهو يبحث عما يسد رمقه من المخلفات.
السبب الرئيسي يكمن في اضطراب نفسي وذهني له العديد من الأسباب والتفسيرات.. بعضها يعود إلى خلل في كيمياء الدماغ الذي يستسلم لمحرضات تتعلق بالنشأة والصراع الداخلي والأحداث القاسية والفقد الفاجع.. وغالباً تزداد الأوضاع مأساوية مع الإدمان على المخدرات، التي لا تخلو إلا نادراً سيرة أحد المنتحرين من علائقها، فهي تعمل على تدمير خلايا الدماغ المسؤولة عن التوازن النفسي والذهني إلى درجة البحث عن الخلاص من الحياة في مرحلة ما.. عندما تتكثف نوبات الألم النفسي الفظيع.
تقول منظمة الصحة العالمية، إن ظاهرة الانتحار تودي بحياة نحو مليون منتحر في العالم سنوياً. أي بمعدل منتحر كل 40 ثانية أو 3000 حالة كل يوم، وأن كل محاولة ناجحة للانتحار تسبقها 20 محاولة فاشلة.
وتتصدر روسيا والصين والدول الإسكندنافية دول العالم في أعداد المنتحرين بين مواطنيها بنسبة 13 منتحراً لكل 100 ألف نسمة، تليها الولايات المتحدة والمكسيك وإيطاليا وإسبانيا. وفي إحصائية لوزارة الصحة السعودية كشفت أن حالات الانتحار خلال العام الهجري الماضي، بلغت 488، منها 117 حالة من النساء..
بينما كشفت دراسة شملت بيانات لنحو 85 ألف شخص في 17 دولة متقدمة ونامية حول العالم عن وجود أنماط متشابهة للدوافع الانتحارية، واكتشف الباحثون أن 9.2 % فكروا جدياً في الانتحار، في حين قال 2.7 % إنهم حاولوا الانتحار. وأكثر من 70 % ممن يقدمون على الانتحار مصابون بأمراض نفسية، ويظل مرض الاكتئاب من أكثر العوامل تأثيرًا. واللافت أن عدد المنتحرين بالعالم تجاوز ضحايا الأوبئة والبراكين والزلازل والحروب.
المهم في هذه الدراسة أن العوامل الرئيسية للانتحار متسقة تماماً عبر بلدان عديدة مختلفة حول العالم. فمن يعانون اضطرابات نفسية أكثر عرضة لخطر الانتحار، وفي الدول ذات الدخول المرتفعة مثل الولايات المتحدة كانت الاضطرابات النفسية كالاكتئاب أقوى عوامل الخطر، بينما في الدول ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة مثلت اضطرابات التحكم في الأعصاب والإدمان.. أقوى العوامل للوقوع في الانتحار.
أما في حالة المشاهير، فلا توجد أسباب نهائية خاصة تختلف عن أسباب انتحار الآخرين، فإذا كانت العوامل الخارجية الضاغطة مختلفة، إلا أن العامل الرئيسي في لحظة القرار يرتبط بحالة من الشعور باللاجدوى وفكرة الخلاص من الحياة، التي تبدو مؤلمة وقاسية تحت ضغط الأمراض النفسية بأنواعها.. مع تقدير حالات الانتحار لأسباب متعلقة بالفشل كهزائم الحروب.. فهي في النهاية تتسبب بحالات من اليأس، وربما تحت ضغط الهروب من دفع أثمان باهظة مما يؤدي إلى فكرة الخلاص قبل الوقوع في أيدي المنتصرين، حيث الخزي والمهانة والعار وذات المصير في النهاية.
تطورت صناعة وإنتاج العقاقير النفسية لتنقذ الكثيرين من مهاوي التردي، ليس فقط من هاوية الانتحار بل وللقدرة على استعادة حياة طبيعية أو شبة طبيعية.. إنما يبقى العامل الروحي العنصر الأساسي إلى جانب تلك الأدوية في ابعاد شبح الوقوع في براثن الاكتئاب المدمر لحياة الإنسان.. أو الاستسلام لفكرة الخلاص بالانتحار.
يهرع العالم لتطوير صناعة الأدوية النفسية في محاولة لإصلاح الخلل في العوامل التي تصنع الحالة الاكتئابية، حيث المزيد من إنتاج وصناعة وتجريب الأدوية الكيماوية.. إلا أن العلاج الروحي والمتعلق بالإيمان بمعنى الحياة والأمل الكريم بحياة أخرى.. هي مما يفتقد إليه كثيرون ممن نحّوا الحياة الروحية جانباً وأدمنوا النظر للحياة من منظور مادي باعتبارها البداية والنهاية.. حتى إذا ضاقت سبل الحياة وانطفأ الأمل وتهاوت النفس إلى حضيض الكآبة وتراكمت تأثيراتها جاء التفكير بالخلاص منها..
المؤمنون بالله والمدركون لمعنى الحياة الموقتة التي لن تدوم، والصبر على تقلباتها وظروفها وقسوتها والرجاء الكبير بالله، والوعد الجميل بحياة أخرى.. ستكون حظوظهم أكبر بأمان نفسي ورضا وقبول بما يصيبهم، مما يجعل رحلتهم مع العلاج بالأدوية ومضادات الاكتئاب تؤدي إلى نتائج جيدة وسريعة.. مهما حدث من انتكاسات أو عوارض جانبية.
يعيش بعض المشاهير حياة رغدة ومنعمة ويجربون كل ما يخطر في الحياة من متع وينساقون خلف وهم اللذة حتى تتضاءل وتنحسر بفعل الممارسة الدائمة، وعندما تنطفئ تلك الجذوة ويخفت ذلك الوله.. قد يقع بعضهم في أسر الإدمان حتى يصلوا لمرحلة العطب..
ولذا تتكون لدى بعضهم ميول انتحارية بمجرد فقدان ذلك البريق والوهج.. الذي لا يرون معنى لحياتهم دونه.. كما ان الضيق بالحياة وتقلباتها وانصراف الأضواء عنهم والفشل والعجز يجعلهم يعيشون حالة نفسيه قاسية مما يدفع بعضهم للانتحار ليضع حداً للمعاناة..
إنما يبقى العامل الرئيسي الذي يدفع عن المرضى والمحبطين واليائسين والواقعين تحت ضغوط هائلة قد ينكسرون أمامها مما يدفعهم للتخلص من حياتهم هروباً من مواجهة واقعهم المأسوي.. إنما يكون في اعتناق المعنى الكبير للحياة والغاية منها والأمل الجميل بوعد كريم ينتظره المؤمنون.
إنها محنة وجودية في زمن المادية الطافحة بالبؤس مهما غلفتها المتع الحسية العابرة.
لمراسلة الكاتب: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.