يرى البعض بان إعلان شركة الاتصالات السعودية لسياستها الجديدة لتوزيع الأرباح خلال الثلاث سنوات القادمة بالالتزام بتوزيع ريال واحد لمساهميها كحد أدنى كل ربع مالي، يمثل شفافية عالية من إدارة الشركة مع ملاكها، إلا أن مطالبة جميع الشركات الرابحة بالاقتداء بهذه الشركة بالإعلان عن الأرباح التي ستوزعها سنويا تطبيقاً لمبدأ الشفافية ودعما لقرارات المستثمرين واستقرار أسعار الاسهم، تمثل مطالبة غير قابلة للتطبيق ولا يمكن تعميم ما التزمت به شركة الاتصالات على جميع او معظم الشركات سواء بسوقنا او أي سوق آخر، فلكل شركة طبيعة نشاط مختلفة وأيضا لاختلاف استراتيجيات كبار ملاكها. ومع التساؤل حول الأسباب التي دعت إدارة الشركة للإعلان بالالتزام بتوزيع الأرباح المستقبلية وربما توزيعات إضافية وكبادرة منها لم يسبق أن تمت مطالبة المستثمرين بذلك وفي ظل تحفظ الإدارة على تعديل التوزيع وفق عدة متغيرات قد تحدث، فان لكل شركة ظروفها التي تعمل لمصلحة ملاكها فإعلان الشركة أتى بعد عدة أيام لتخفيض شركة «ستاندر اند بورز» لتقييمها نظرتها المستقبلية للشركة من مستقرة الى سلبية، وكرد مباشر على تقييم لم يستند - وفق مانشر - على حقائق واقعية وإنما كتبعات لتخفيض تقييمها للتصنيف الائتماني للمملكة وباعتبار أنها ترتبط بالدولة التي تملك (70%) من رأس مالها وتكهنات بأمور تنظيمية وضرائب قد تفرض عليها، وباعتبار أن الوضع المالي للشركة «وفق القوائم المالية المعلنة» قد يدعم إدارة الشركة في هذا الالتزام وخصوصا أن صافي الأرباح لن يقتطع منها للاحتياطي النظامي لبلوغه (50%) من رأس المال المطلوب نظاما، بالإضافة لتوفر رصيد كبير بالأرباح المبقاة منذ سنوات أكثر من (34) مليار ريال، وهو مادعم سعر الشركة سوقيا بعد الإعلان ليقبض البعض أرباح الثلاث سنوات القادمة خلال أيام، وكذلك يمكن إخراج تلك الأرباح القديمة المبقاة من حسابات الشركة كأرباح إضافية للملاك ومنهم الجدد، وتعتبر شركة الاتصالات السعودية الشركة الوحيدة حتى الآن التي مازالت تحقق أرباحا مع مواجهة هذا القطاع للمصاعب مثل زين والمتكاملة وعذيب وموبايلي! وأيضا مازالت الدولة تملك حصة كبيرة بها وشركات أخرى وخلال وقت انخفضت فيه أسعار النفط وتواجه إيرادات الميزانية صعوبات في تغطية المصروفات والتي يمكن الاستفادة من ذلك الالتزام في الحصول على نصيبها من الأرباح الكبيرة المبقاة والتوقع الصحيح لإيراداتها مستقبلا وربما أيضا بطرح تلك الحصص للاكتتاب كمجال استثماري للسيولة المحلية. وإذا كانت الظروف المالية والمستقبلية تدعم شركة الاتصالات وفق روية إدارتها، فان ذلك لا يمكن أن ينطبق على معظم الشركات لاختلاف طبيعة نشاطها وتأثرها أكثر بتقلبات أسعار النفط والأحداث بالمنطقة والإنفاق العام وعدد العمالة، وكذلك بتوفر السيولة النقدية لصرف الأرباح الربعية ومتطلبات التوسع، ولكن قد يستغل مايسمى بالشفافية من كبار الملاك بأي شركة أخرى بالإعلان عن الالتزام بتوزيع مبلغ معين للأرباح مستقبلا في تضليل باقي الملاك والمتداولين بالسوق سواء للتسويق لسهم الشركة بالمضاربات للارتفاع أعلى من المستويات المقبولة استثماريا للتخلص منها او عبر تخفيض المبلغ المتوقع توزيعه لشركات ذات نمو جيد لحث صغار الملاك على البيع لزيادة حصص كبار الملاك، وقد رأينا في سوقنا الكثير من أساليب التضليل والتلاعب الذي وصل للقوائم المالية المدققة، فالمطالبة يجب أن تكون بحث إدارات الشركات على تبني سياسة الالتزام بالتوزيع للأرباح كل ربع مالي والاهم بنسب جيدة من الربح المحقق لتحقيق التوازن والعدالة بين المستثمرين طويلي ومتوسطي الأجل، لان المؤسف أن لدينا شركات كانت تحقق أرباحا عالية جدا ولديها رصيد كبير للاحتياطيات والأرباح المبقاة ولم توزع أرباحا عادلة على ملاكها وقت تحقق تلك الأرباح قبل سنوات، ليستفيد من الأرباح المبقاة السابقة من تملك حديثا تلك الشركات وبأسعار منخفضة.