لا تملك القمة العربية - الأميركية الجنوبية الرابعة ترف الاجتماعات البروتوكولية، واللقاءات الدورية، فالظرف الإقليمي المستعر والتحديات المصيرية التي تواجه دول المنطقة تمنحها أهمية استثنائية، وترقبا إقليميا ودوليا لمخرجاتها. في مرحلة عربية صعبة تستضيف المملكة القمة الحالية بينما ترفع لواء الاستقرار في المنطقة والعالم، وتتسنم مشروعات الخروج من النفق المظلم وإطفاء البؤر المشتعلة، حماية للعقد العربي، ومواجهة للمشروعات المناوئة التي تعيث تخريبا و تفتيتا في غير موقع من الخريطة العربية. بعد عقد من إنشاء هذا التكتل الإقليمي المهم، تدشن قمة الرياض مرحلة جديدة في العلاقات بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، وتنقل منظومة التعاون والشراكة بين الجانبين إلى أفق جديد أكثر فعالية، وأعمق تأثيرا، وترفع القمة طموحات التكتل العربي- الأميركي الجنوبي إلى أبعاد إستراتيجية، نحو تعزيز الحضور العربي، وتوسيع خياراته، فضلا عن زيادة الزخم العربي في كواليس القرار الدولي، ويأتي ذلك استشعارا من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لضرورة تعزيز شبكة العلاقات الدولية للعالم العربي، وإيمانا منه حفظه الله بأن توثيق علاقات الدول العربية بدول أميركا الجنوبية من شأنه زيادة الثقل العربي دوليا، ورفد القضايا العربية بمواقف داعمة ومؤيدة في مختلف المنظمات والهيئات الدولية. خادم الحرمين خاطب القمة برؤية استراتيجية للمستقبل في كلمة بليغة في افتتاح القمة يستشرف خادم الحرمين الأهمية البالغة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين الإقليمين، وتشجيع ودعم تدفق الاستثمارات المشتركة، في رؤية بعيدة ووعي عميق بأهمية الاقتصاد كمحرك رئيس في رسم القرار السياسي، وتأطير العلاقات بين الدول، وصولا الى تعزيز الاستقرار والأمن، وتوفير ظروف مثلى للتنمية وتطوير المجتمعات. لذا دعا الملك سلمان إلى تأسيس مجالس لرجال الأعمال ، والنظر في توقيع اتفاقيات للتجارة الحرة ، وتجنب الازدواج الضريبي ، وتشجيع وحماية الاستثمارات بين دول الإقليمين مما يصب في النهاية في تعزيز تدفق الاستثمارات وتمتين الصلات الاقتصادية . لذا فان قمة الرياض استثنائية، ظرفيا ومكانيا، ولا غرابة في ضوء ذلك أن يكون إعلان الرياض تاريخيا، كما وصفه وزير الخارجية عادل الجبير، في أجواء توافق غير مسبوق رغم تعدد القضايا الشائكة، ووجهات النظر المختلفة، وفي هذا الصدد عبر خادم الحرمين الشريفين عن شعوره بالارتياح للتوافق والتقارب بين وجهات نظر الجانبين تجاه العديد من القضايا والمسائل الدولية ، وأشاد - حفظه الله- بالمواقف الإيجابية لدول أمريكا الجنوبية الصديقة المؤيدة للقضايا العربية. قمة الرياض إذ تتزامن مع مرور عقد على إنشاء هذا التكتل الإقليمي البارز، فإنها تعلن عن عهد جديد من العلاقات الاستثنائية، ونقول استثنائية إذ إنها خلافا لتكتلات إقليمية أخرى، تجسر هوة الجغرافيا، وتطوي المسافات، في سبيل تحقيق تجمع إقليمي وازن، يعيد تشكيل بنية القرار الدولي، ويمنح القضايا العربية سندا قويا، يكون رصيدا لقضاياها وحقوقها، كما ويعزز الشراكة الاقتصادية بين الإقليمين، بما يحقق رفاهية وازدهار شعوبهما. الملك سلمان خلال الجلسة الافتتاحية