أتاحت المادة 112 من نظام الشركات الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء أمس الأول برنامج شراء الشركات المساهمة لأسهمها، ومثل هذا البرنامج، أوالخطة، المتمثلة بشراء الشركات المساهمة لأسهما موجودة في الأسواق العالمية منذ زمن بعيد، وله تطبيقاته الناجحة، وواصل نجاحه حتى ارتفعت المبالغ التي اشترت فيه الشركات الأمريكية أسهمها الى نحو 1.5 تريليون دولار، وقد كان للوائح المشددة والشفافية المرتفعة دور كبير في نجاح هذا البرنامج حتى أضحت الشركات التي تنفذه أكثر إقبالاً من المستثمرين، ومن كبار مديري المحافظ الإستراتيجيين والصناديق الإستثمارية. وبالرغم من أن التجربة التي سيتم تطبيقها بالمملكة جديدة، لكنها حتما ستكون مثمرة فيما لو وضعت اللوائح المناسبة بعد دراستها الدراسة الوافية، والاستفادة من الدول التي طبقتها على أسواقها، وتطبيق مثل هذا البرنامج سيكون رافداً للسوق المالية وداعماً للشركات المساهمة ذات العوائد وذات الفوائض المالية. وكثيراً ما عانى حملة الأسهم من مستثمري تلك الشركات من قلة العائد الموزع، والذي كان له أثره السلبي على سعر السهم في السوق، إضافة الى عدم الرضا عن المستوى السعري لسعر أسهمهم قياساً بالفترة التي بقى في محافظهم دون صعوده الى قيمته العادلة التي يستحقها، وذلك مقارنة بأسهم شركات أخرى متعثرة دائما ما تذكي فيه المضاربات من أسعارها. الواقع أن هناك كماً كبيراً من المشاعر المتضاربة من التباين السعري بين أسهم شركات قوية يقتنيها ويحتفظ بها مستثمرين، وبين أسهم شركات متعثرة تُضَخَم أسعارها من قبل مضاربين، ومثل هذا الفرق في المشاعر سيتضاءل، وربما لن يستمر في حال تم تطبيق برنامج شراء الشركات لأسهمها، لأنه سينمي روح الفريق الواحد بين مجالس إدارات الشركات المساهمة ذات العوائد التي لديها فوائض مالية وبين مساهميها لحثهم على السعي لإقرار الشركة لخطة شراء أسهمها في حال لم تنصفة سوق الأسهم، وحدوث مثل ذلك سيولد قوة شرائية تدفع أسهم تلك الشركات للارتفاع الى ماتستحقه من سعر. ومثل ذلك البرنامج نجح في أسواق المال العالمية، وهي بالطبع أسواق مرتفعة الكفاءة وعالية الشفافية، ومن غير المستبعد أن ينجح في الأسواق منخفضة الكفاءة أيضاً متى ما صدقت النوايا والأهداف داخل الشركة المساهمة التي من أجلها سَيُقَر، ودونما أي خلط بين المصالح الذاتية لأعضاء مجلس إدارة تلك الشركات، أو لأجل بيع الأسهم في وقت لاحق والتخارج من الشركة عند إطلاعهم على أوضاع مستقبلية سيئة وخافية قد تواجهها الأنشطة التشغيلية للشركة. بقي أن أقول إنه لن ينجح مثل هذا البرنامج في السوق المالية السعودية إن لم يكن مستوفياً للدراسة وبشكل كامل وترفع فيه الشفافية وتُشُدَد فيه الضوابط، فالشركة التي لديها فوائض مالية ولم تستغلها الاستغلال الأمثل في البحث وتطوير منتجاتها وايجاد منافذ تسويقية جديدة لها، وتتجه لتشتري أسهمها وهي في أعلى سعر له من حيث التحليل الأساسي والفني، إنما هي شركة تفصح عن فساد مجلس إدارتها مبكراً حين تحول من مجلس مستميت في تحقيق أهداف الشركة ورفع أدائها المالي، إلى التهور في أعلى صفاته.