إشكالية السكن التي نواجهها في وطن يعد من أكبر البلدان المجاورة من حيث المساحة تعد أمرا يشغل بال الجميع، ومن الصعوبة اقتناع المواطن وكذلك المسؤول "الذي هو مواطن أيضا" أن هناك إشكالية تتعلق بإمكانية حصوله على مسكن .. ذلك أن محددات توفير المسكن تتمثل أولا في الأرض والوطن بمساحاته الشاسعة يمتلكها، وكان ولا يزال يمنحها للمواطن مجانا ثم تأتي الخطوة الثانية المتمثلة في تكاليف التشييد وهذه أيضا قد تكفل بها الوطن من عشرات السنين عبر أضخم وأفضل برنامج تنموي مر على الوطن من خلال صندوق التنمية العقارية .. إذن أين تكمن المشكلة؟ في اعتقادي أنّ المشكلة بحق مشكلة فكرية ثقافية كما ذكر معالي وزير الإسكان.. لكن المشكلة الثقافية الفكرية لا تتعلق بالمواطن بشكل أساسي، بل ترتبط بالتنظيم الخاص بتشييد المساكن، وهو أمر لابد من دراسته بعمق وبوطنية مخلصة أيضاً ثم العمل على تطويره بما يتناسب مع حجم المشكلة ويقود إلى معالجات إيجابية بخصوصها، ولعلّ من أبرز التنظيمات التي تحتاج بالفعل إلى إعمال الفكر والثقافة ما يرتبط بارتفاعات المباني وتعدد الأدوار وهو موضوع كتبت عنه كثيراً في هذه الزاوية وتناوله كثيرون ويتحاور الكثير في المجالس حوله إلاّ أننا لم نلمس من الجهات المعنية أي تحركات إيجابية بخصوصه على الرغم من أنّه يحقق مكاسب وطنية هائلة ترتبط بتسهيل توفير الخدمات للمواطنين وكذلك تخفيض تكاليفها كما يساهم في خدمة المجتمع وتوفير الاستقرار للأسر عندما تتمكن من التواجد في مقر واحد يلم شملها ويقلل تكاليف الحياة على أفرادها.. ومن العجيب الذي يحتاج بالفعل إلى الفكر وهواجس الثقافة انّ البلديات على سبيل المثال تسمح في شارع واحد لقطع تجارية متجاورة بارتفاعات متفاوتة، فمثلاً إذا مالك الأرض يرغب في استثمار الدور الأرضي منها كمحلات تجارية فإنّه لا يسمح له بارتفاعات معينة فيما يتم السماح لجاره الذي يعمل على بناء أرضه كمبنى سكني بالكامل، وهو أمر قد لا نجد له تفسيراً مقنعاً، ولا أدري ما هي المحددات والضوابط التي تجعل تلك الجهات المانحة لتراخيص البناء والتشييد تقرر مثل تلك القوانين والأنظمة. أظن جازماً أنّ الفكر لو تم إعماله في مسألة إشكالية المسكن لتوصل بحول الله إلى معالجات غير مكلفة على الدولة ومفيدة للمواطن بشكل سريع ومباشر وقد يتمثل أبرز تلك المقترحات في التالي: - السماح بارتفاعات المباني داخل الأحياء وحتى خمسة أدوار. - السماح بارتفاعات المباني داخل الأحياء وعلى الشوارع الرئيسية إلى سبعة أو ثمانية أدوار . - ضخ ميزانيات وزارة الإسكان في صندوق التنمية العقاري وتطوير آليات عمله ليصبح - كما سبق أن اقترحته في هذه الزاوية وأشير إليه بعد تعيين وزير الإسكان الجديد – مؤسسة تمويلية أو بنكاً للإسكان تتاح له فرصة الاستثمار وتنمية رأس المال بطريقة تمكنه من الاستمرارية في الإقراض والتطور والنمو. - خروج وزارة الإسكان من مفهوم تشييد الوحدات السكنية نظراً لعدم نجاح هذه التجربة في وقت مضى ولأنها قد توجد أحياءً محددة لفئات معينة من السكان قد يحدث فيها أو منها إشكالات أمنية أو اجتماعية أو اقتصادية، ذلك أنّ من الأولى أن تترك الفرصة للراغب في السكن والمحتاج إليه في اختيار المكان والتشييد والبناء والطريقة التي تتناسب مع ظرفه وقدراته المالية وكذلك رغباته دون تدخل وزارة الإسكان أو غيرها إلاّ من خلال اشتراكات صندوق التنمية العقارية الخاصة بالسلامة وما شابه ذلك مع تمكين المواطن من تشييد وحدته السكنية بطريقة تمكنه من السكن والاستثمار عند رغبته في ذلك.