جاء قرار مجلس الوزراء الموقر مؤخرا ليدعم ما تقوم به وزارة التجارة والصناعة من جهود لحماية المستهلك.. ويمكنها بمستوى أشمل من القيام بمهامها التي تلامس احتياجات وهموم المواطن اليومية من توفير للسلع والمواد والخدمات بأسعار عادلة ومستوى لائق، وليهيئ لها الأرضية النظامية لوضع آلية رقابية فعالة لضبط السوق مما هو فيه من فوضى تتعلق بنوعية السلع والمواد المتداولة وجودتهما وعقاب المتلاعبين بالأسعار، حيث قضى القرار بإعادة تسمية وكالة الوزارة لشؤون المستهلك لتصبح بمسمى "وكالة الوزارة لحماية المستهلك"، لتمارس مهامها فيما يختص بشؤون المستهلك من خلال وحدات إدارية مرتبطة بها وتتعلق بالغش التجاري، والتموين، والتستر، والمختبرات ومراقبة الجودة النوعية؛ كما أضاف القرار الجديد لتلك الوكالة مهمة التعاون مع المنظمات المحلية والدولية لتأهيل وتدريب القيادات الإدارية في مجال حماية المستهلك؛ وتحديد الإجراءات وطرق تقديم الشكاوى والحصول على الحقوق، وتطوير الأنظمة إلكترونياً؛ وتلقي شكاوى المستهلكين ودراستها وتحليلها، والتعاون مع الجهات ذات العلاقة لوضع حلول لمعالجتها؛ وأخيرا وهو الأهم قضى القرار بإنشاء لجنة دائمة لحماية المستهلك في وزارة التجارة والصناعة باسم (اللجنة الدائمة لحماية المستهلك) برئاسة وزير التجارة والصناعة وعضوية ممثلين لعدد من الجهات ذات العلاقة، وهو ما يفهم منه توسيع دائرة حماية المستهلك لتشمل ما لم تشمله الوكالة باختصاصاتها سابقا. اليوم وأكثر مما مضى وفي ظل توسع أوجه المعيشة، وتشعب إشكالات مصادرها، وتمدد المجتمع خلافا للمتوقع، تظهر الحاجة لتفعيل قنوات وأدوات تواكب المستجدات في ضبط السوق مما هو فيه، كي لا يتحمل المواطن العادي جل وزر ضغوطها المتنوعة والمتقلبة ويتم بالتالي حرق دخله نتيجة خللها، فوزارة التجارة والصناعة من أكثر الجهات الحكومية التصاقاً بالرقابة على مصادر احتياجات المواطن اليومية من السلع والمواد والخدمات، وللوزارة جهود لا يمكن إنكارها لكن لازالت الطموحات عالية في ظل جزالة دعم حكومتنا الرشيدة لتعزيز جهودها لتقوم بدورها على أكمل وجه بتوفير الحماية الفعالة للمستهلك من التلاعب بالأسعار وتصحيح عشوائية الحركة التجارية المسيرة وفق رغبات الطرف القوي، وبالقضاء على مصدر كثير من الاختناقات والأزمات المفتعلة في السوق لتجفيفها من بعض السلع والمواد بغية رفع أسعارها، والتي لا يعرف منها الحقيقي أو المصطنع، لكنها في جانب أو أكثر محلية المنشأ والجدولة والأثر. ولهذا نقول نعم.. نحن لدينا نظام اقتصادي حر قائم على العرض والطلب، لكن اليد الطولى فيه للتاجر، وحتى يحين ذلك الوقت الذي تتوازن فيه القوى والمصالح واحتياجات ورغبات المستهلك، نرى أهمية أن تبادر الوزارة مع جمعية حماية المستهلك الى سنّ قانون ينظم حماية حقوق المستهلك ويؤطر لوضع الآلية التي تضمن تنفيذها بصورة سلسة، ليؤدي المواطن الدور المتوقع منه ويساهم في تحمل جزء من عبء التدابير الموضوعة لحمايته عند ظهور حالة التلاعب بأسعار السلع والمواد والخدمات عندما يلمس سرعة نتائجها ومصداقية أثرها، وأن يتضمن هذا القانون إطارا واضحا وكافيا لحماية حقوق المستهلك قانونياً وقضائياً بزجر وردع التاجر الجشع الذي يتلاعب بأسعار السلع والمواد والخدمات، وأن يرسم سياسة تحفظ حقوق المستهلك بما يتناسب مع المتغيرات التجارية العالمية في الأسعار، وأن يضمّن هذا النظام الخاص عقوبة السجن والتشهير بالتجار المتلاعبين.. لأن عقوبة الغرامة يسهل على التاجر الالتفاف على ضررها المادي وتجاوز أثرها المعنوي بمرور الوقت.