وسط الفعاليات المتعددة التي يشهدها معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السابعة والثلاثين (في الفترة من 26 يناير إلى 8 فبراير 2005) من ندوات ومحاضرات ثقافية ومناظرات فكرية وسياسية وأمسيات شعرية وإبداعية؛ يتجلى حضور الثقافة الشعبية المحلية كسمة خاصة تميز المعرض القاهري عن غيره من المعارض الكبرى في العالم. وكعادته دائماً؛ فإن معرض القاهرة للكتاب يوازن بين تركيزه على المحاور الفارقة والبارزة والمجالات غير التقليدية والموضوعات والقضايا المستجدة على خارطة الثقافة العربية من ناحية، وبين الثقافة الشعبية التي تبرز الطابع المصري وجوانب الفلكلور والأدب الشعبي والفنون الشعبية (فاكهة الشتاء في المعرض) من ناحية أخرى. وإذا كان المعرض في دورته السابقة قد أنصف الثقافة الشعبية بإحيائه ذكرى شاعر العامية الكبير بيرم التونسي وما إلى ذلك من فعاليات؛ فإنه في هذا العام يواصل مسيرته في إنصاف واحترام الثقافة الشعبية؛ وذلك في سياق المحور الرئيسي للمعرض «آفاق النهضة والإصلاح»، وفي إطار سعي وزارة الثقافة المصرية ممثلةً في الهيئة العامة للكتاب (الجهة المنظمة للمعرض) لاستحداث أفكار جديدة في المعرض وصبغه بروح العصر. وقد قامت إدارة المعرض - استعداداً للدورة السابعة والثلاثين - بإعادة تصميم كل مخيمات الأنشطة الثقافية بالمعرض لكي تتحمل الأخطار وقوة الرياح والأمطار التي كانت تقتلعها في بعض الأحيان في الأعوام السابقة؛ وعلى رأسها مخيم الثقافة الجماهيرية (إبداعات الأقاليم) الذي يستضيف في كل يوم من أيام المعرض محافظات مصر المختلفة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، بحيث تقدم كل محافظة أدبياتها الخاصة وفنونها الشعبية المتميزة من معزوفات موسيقية ورقصات وأشعار وأزجال ورسوم تشكيلية وعروض مسرحية. وفي إطار هذا التركيز على الفلكلور المصري والثقافة الشعبية؛ يتساءل البعض عن إمكانية أن يطل «الأراجوز» بوجهه على زوار معرض القاهرة للكتاب خلال بعض الفعاليات الشعبية! ويبدو التساؤل مدعوماً بالمنطق؛ بعد النجاح الكبير الذي حققته عروض فن الأراجوز في معرض القاهرة الدولي الحادي والعشرين لكتب الأطفال في ديسمبر الماضي؛ وفي ظل قرار وزير الثقافة المصري فاروق حسني بعودة مسرح الأراجوز المتنقل مرة أخرى للشارع المصري منذ أواخر العام الماضي (2004) كسمة من سمات التراث المصري وشكل من الأشكال المسرحية الأصيلة التي تعبر عن هموم الوطن والمشكلات الاجتماعية المختلفة بأسلوب بسيط ساخر مع إعلاء شأن القيم الأخلاقية والإنسانية. ويُشار إلى أن الأراجوز قد ظهر كفن شعبي مصري منذ مئات السنوات، وينتشر بصفة خاصة في الموالد والمناسبات الاحتفالية الشعبية؛ إلا أن عروض فن الأراجوز قد تقلصت بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية!