سمو محافظ الخرج يستقبل مدير مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمحافظة    «التجارة»: استطلاع آراء المهتمين بمشروع لائحة نظام السجل    كاسيو سيزار على أعتاب الهلال.. صحيفة برتغالية توضح تفاصيل الصفقة المُرتقبة    تنظيم الملتقى السنوي العاشر للجمعيات العلمية بجامعة الملك سعود    بوتين: مستعدون للحوار مع إدارة ترمب    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    جيسوس يحدد موقف تمبكتي من الانتقال إلى ألافيس    إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة الرياض تقبض على 9 أشخاص ارتكبوا 33 حادثة احتيال مالي    يواجه تساؤلات الأعضاء حيال أداء الوزارة.. وزير النقل يستعرض الرؤية المستقبلية والاستراتيجية الوطنية أمام «الشورى»    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلف    من ينزع فتيل الحرب شمال شرق سورية ؟    نائب أمير منطقة مكة يرأس اللجنة التنفيذية للجنة الحج المركزية    مجمع الملك عبدالله الطبي بجدة ينجح في إنهاء معاناه مريضتين مع السلس البولي الإلحاحي المزمن    ضبط عمالة مخالفة تغش في المواد الغذائية ومستحضرات التجميل بالرياض    50 طبيب ومختص يتدربون على التعامل مع حوادث الإصابات الجماعية بجامعي الخبر    نائب أمير تبوك يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    أمين القصيم يلتقي وكيل الوزارة المساعد للتخصيص    281 شاحنة مساعدات إنسانية تدخل قطاع غزة    مستشفى قوى الأمن بالدمام يحصل على شهادة اعتماد "حياك" كأول مستشفى حكومي في المملكة    عملة «ترمب» تمحو مكاسبها.. تراجعت 98% خلال ساعات    إصابة أربعة أطفال في إطلاق نار وانفجار جسم من مخلفات الاحتلال في مدينة رفح    تسريبات من خطاب التنصيب.. ترمب: موجة التغيير ستجتاح أمريكا    من القيد حتى الإغلاق.. المحاكم العمالية تختصر عمر القضية إلى 20 يوماً    الذهب يقلّص خسائره.. الأوقية عند 2697 دولاراً    المنتدي الاقتصادي العالمي يبدأ فعالياته اليوم    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني في وفاة والدتهم    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع قسائم شرائية للكسوة الشتوية على اللاجئين السوريين في الأردن    الموارد البشرية تُكمل إطلاق خدمة "التحقق المهني" للعمالة الوافدة في 160 دولة    ارتفاع مبيعات NHC وشركائها أكثر من 253 % بقيمة تتجاوز 26.7 مليار ريال    استخدام "الجوال" يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بنجران    رئيس الهيئة العامة لشؤون الحج والعمرة الليبي يزور حي حراء بمكة    الأمير سعود بن نهار يطلق اعمال الورش التدريبية لمشروع معاذ بالهلال الأحمر    وفد من الشورى يطلع على خدمات منطقة الحدود الشمالية    الاتفاق يتربص بالأهلي.. والفيحاء والخلود «صراع الهبوط»    يايسله يبحث عن انتصاره ال 34 مع «الراقي»    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    نيمار يرفض الرحيل عن الهلال    "العُلا" و"الابتسام" إلى نهائي كرة الطائرة الشاطئية    حصة بنت سلمان: مدارس الرياض الحلم السابق لعصره    جمعية أصدقاء ذوي الإعاقة تنظّم بطولة رياضية    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية في وفاة الشيخ عبدالله الصباح    "إسناد" تعزز الشفافية المالية في قطاع التعدين    نواف سلاّم القاضي النزيه رئيسا لوزراء لبنان    نورة الفيصل ل«عكاظ»: «فنون التراث» تبرز الهوية السعودية برؤية عصرية    نصائح للكاتب الهازئ في إرباك القارئ    الصداقة بين القيمة والسموم، متى يكون التخلص من الأصدقاء ضرورة وليست أنانية؟    قصة «جريش العقيلي» (1)    ميزة من واتساب لمشاركة الموسيقى في الحالة    أمير الرياض يستقبل السفير العماني.. ويعزي المباركي    الجار    البرازيلي «ريتشارليسون» يقترب من دوري روشن    سان جيرمان ينافس الهلال للتعاقد مع محمد صلاح    التدخين والمعسل وارتباطهما بالوعي والأخلاق    شرب ماء أكثر لا يعني صحة أفضل    النجدي مديرًا لمستشفى الملك فهد في جازان    محمد سعيد حارب.. صانع أشهر مسلسل كرتوني خليجي    الحب لا يشيخ    السديس: لحظة تاريخية استثنائية.. إطلاق أكبر هيكلة تنظيمية برئاسة الشؤون الدينية في الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول التجربة الأخلاقية
نشر في الرياض يوم 23 - 10 - 2015

الكتابة حول التجربة الأخلاقية، لم يكن الهدف منها مجرد الكتابة عن موضوع فكري لتغطية الحيز المتاح لي في صحيفتنا الغراء (الرياض)، بغض النظر عما إذا كان يجدي نفعاً أم لا، بل كان اختياري ينبع ليس من أهمية التجربة الأخلاقية في حياة الإنسان فحسب، بل أيضاً من ملاحظة الواقع نفسه، واقع حياة الإنسان في السلوك والعلاقات وخصوصاً في المجتمع اليمني الذي نعيش فيه ونتعامل معه، والذي يحفل – شأنه شأن كل مجتمع بشري – ببعض المظاهر والظواهر التي تحتاج إلى من يشير بأصبعه نحوها لمعالجتها وإصلاحها، والدعوة إلى إيقاف اتساعها الذي يزداد من وقت لآخر، وهو ما يؤكد الحاجة والأهمية لأن يكون الواقع مصدراً أساسياً للمعلومات التي لا تغني عنها الكتب.
كما أن اختياري لهذا الموضوع ينبع أيضاً من إيماني الراسخ أن الفكر يجب ألا يظل مجرداً لا يتفاعل مع الواقع، واقع حياة الإنسان ولا يؤثر في هذا الواقع ويعمل على تغييره نحو الأفضل، ومن ثم إصلاحه، وخاصة الفكر الأخلاقي لارتباطه الوثيق بالعلاقات الإنسانية والسلوك الإنساني، ذلك أن أزمة العصر الذي نعيشه هي أزمة أخلاق أولاً وقبل كل شيء، وهناك مفهوم شائع يحصر الأخلاق في مظاهر الانحلال الجنسي دون غيره، في حين أنها ليست سوى جانب واحد من هذه الأزمة، وهذا الفهم الضيق قد جعل أحاديث الوعظ والإرشاد والخطب والمحاضرات تنحصر حول هذا الجانب فقط ، وقلما تتعرض للجوانب الأخرى.
ونحن في حاجة ماسة للفكر الأخلاقي لعدة أسباب رئيسية:
أولاً: نتيجة لقصور التوجيه والإرشاد والتربية التي يجب أن يكون لها الدور الرئيسي والأساسي في تنشئة الفرد وغرس القيم والقواعد الأخلاقية في أعماقه، ومن ثم تعميق الاحترام لها، والتقيد بالالتزام بها، لتحقق التنشئة الصالحة للمجتمع، من خلال الأسرة والمدرسة والمجتمع، ومن خلال وسائل التوجيه والإرشاد.
ثانياً: أننا لازلنا نعيش فترة انتقال حضارية، تفقدنا من يوم لآخر كثيراً من العادات والتقاليد الإيجابية التي توارثها المجتمع عبر الأجيال، بفعل التفاعل الذي لابد منه مع الحضارة المعاصرة، هذا التفاعل الذي ينقل إلينا مظاهر الحضارة المعاصرة ووسائلها، الإيجابي منها والرديء، ونقبل عليها جميعاً – للأسف – بشغف شديد، وبدون اليقظة الأخلاقية، لأن الجانب الرديء لهذا التفاعل قد يتغلب ويصيب أخلاقنا في الصميم، وهذا أمر له خطورته الشديدة.
ثالثاً: أنه في أثناء السير في طريق البناء الوطني الشامل وفي المقدمة بناء الدولة المدنية الحديثة (دولة النظام والقانون) الذي يعتبر من أكثر المهام أهمية التي يحتمها الحاضر والمستقبل والبناء الحضاري المنشود، لابد أن ندرك بأن غياب دور الدولة الفاعل في المجتمع أو بالأصح غياب النظام والقانون، أو عدم تنفيذهما التنفيذ الأمين والصارم، يفتح الباب واسعاً، لإشاعة الفوضى والانفلات الأمني، وغياب، إن لم يكن انعدام، العدالة وارتكاب الجريمة بكل أشكالها، إلى جانب ممارسات المخالفات وأساليب التحايل والعشوائية، والفساد والرشوة، وإهدار المال العام ما يشكل تهديداً خطيراً في النهاية لأخلاق المجتمع وحقوقه..
رابعاً: أن عدم توفر الرقابة والضوابط الكافية للنشاط الاقتصادي بشكل عام، أو بشكل أدق لأساليب الكسب بمختلف جوانبه، يؤدي ليس فقط إلى التفاوت المفاجئ، وإنما إلى التهافت على المال ولجوء الكثير ممن يلهثون وراء الكسب إلى الغش حيناً والتحايل، أو إلى استغلال الفرص بغرض ابتزاز الدولة والتحايل عليها فيما يتعلق بالتكاليف المالية لأي مشروع تنوي الدولة تنفيذه بما يلبي حاجة المجتمع، أو من حيث رفع أسعار السلع بدون أي مبرر بما يشكل عبئاً إضافياً ومرهقاً للمواطن وخاصة ذوي الدخل المحدود، وكل ذلك بهدف تحقيق المزيد من الكسب غير المشروع.
إن النتيجة المحتمة التي يمكن أن يؤول إليها مجتمع تسود فيه مثل هذه الظواهر والممارسات، هي ضعف القيمة الأخلاقية في أعماق الإنسان، ويجرد الإنسان عن كثير من القيم الأخلاقية والإنسانية، ويبرز بشكل واضح الأنانية المقيتة التي لا ترعى قيماً ولا ترى إلا بعين المصلحة الذاتية، فيصبح الضمير دفيناً لا يقوى على ممارسة سلطته، والنتيجة الأخرى أيضاً هي ضعف الروابط سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى المجتمع، وما ينتج عنها من نتائج خطيرة، ويستحيل علينا أن نصلح أنفسنا ما لم نعتمد مبدأ المصارحة والمكاشفة والشفافية المطلقة، ونشير بأصابعنا إلى مواطن الخلل، حفاظاً على كياننا الاجتماعي وقيمنا الأخلاقية التي تخدم وتحافظ على هذا الكيان.
إن كل واحد منا، يجب أن يؤدي دوره وأن يتحمل واجبه لخدمة وطنه، وخدمة المجتمع الذي ينتمي إليه، فليست المسؤولية محصورة في الأجهزة المختصة بالتوجيه والإرشاد والتوعية فحسب، ولكنها مسؤولية يتحمل عبئها الجميع، فمسؤوليتنا أن نحافظ على هذه القيم والروابط، وأن نعض عليها بالنواجذ، قبل أن تصبح مفقوداً عزيزاً علينا نظل نسرد عنه الروايات العجيبة والمدهشة والمثيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.