في عام 1906م اختار فلهالمور ستيفانسون ،Vilhjalmur Stefansson وهو عالِم في الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) من جامعة هارفرد، أن يعيش مع الإسكيمو، السكان الأصليين في القطب الشمالي، وهو أول أبيض رآه أولئك الإسكيمو، وقد قرر وقد علموه الصيد أن يعيش بالضبط كما يعيشون ويأكل ما يأكلون مما اقتضى منه أن يعيش بالكامل تقريبا على اللحوم والأسماك فقط لمدة عام كامل. ولمدة زادت على ستة أشهر عاش ومضيفاه على لحوم الوعول فقط، ثم تبعتها أشهر تناولوا خلالها سمك السالمون فقط، وشهر تناولوا خلاله البيض فقط.. وذلك يعني أن 70 إلى 80 % من السعرات الحرارية التي يستهلكونها مصدرها الدهون. وقد اتضح ل ستيفناسون أن الشحوم هي الطعام المفضل لكل الإسكيمو، خاصة الشحوم المتركزة خلف عيون الوعول وحول الفكين لديها، تتلوها باقي شحوم رأس الحيوان، وقلبه وكليتيه وكتفيه. أما أجزاء اللحم الهبر (التي ليس فيها الكثير من الدهون) فكانوا يقدمونها لكلابهم. أما العيش على الخضروات، فقد عدّه الإسكيمو مجاعة. وقد وثّق ستيفانسون تجربته في كتاب بعنوان: Not by Bread Alone، نُشر عام ، 1946 ويقول فيه: "لو أن اللحوم تحتاج إلى نشويات وخضروات لتكمل الوجبات، لكان طعام الإسكيمو المساكين غير صحي." والأسوأ من ذلك،" كما يقول، "ان الإسكيمون كانوا يعيشون لشهور في ظلام دامس عاطلين دون أن يستطيعوا الصيد أو يفعلوا أي شيء. ولذا من المفترض أن صحتهم سيئة. . . ولكن، على العكس . . . كانوا بالنسبة لي أكثر من قابلت في حياتي تمتعاً بالصحة، ولم يعانوا من السمنة أو من الأمراض." وعندما نشر الكتاب خلال فترة لم تكن النصائح بتناول الخضروات والفواكه منتشرة كما هي اليوم، كان كلام ستيفانسون صعب التصديق. وبعد عودته إلى موطنه قام ستيفانسون وزميل له بتجربة المكوث في مستشفى في نيويورك تحت إشراف علماء مؤهلين على أن يتناول خلالها اللحوم الطازجة (غير المطهوة) والماء فقط لمدة عام كامل. وقد تعرض وزميله لنقد عارم أوله ان تناول اللحم غير المطهو يجعلهما كالمتوحشين مما أجبرهما على تناول اللحم مطهواً. واعتقد آخرون أنهما سيموتان قبل نهاية التجربة. وبعد المكوث في المستشفى لمدة ثلاثة أسابيع خضعا خلالها للكثير من الفحوصات سُمح لهما بالمكوث في المنزل على أن يكونا تحت الملاحظة المستمرة. وخلال عام التجربة مرض ستيفانسون مرة واحدة عندما نصحه المراقبون بتناول اللحم الهبر (قليل الدهون) حيث عانى من الإسهال والضعف العام. ولكن حالته تحسنت بسرعة عندما تناول شرائح لحم دسمة ومخ مقلي بالشحم!! وبعد عام عندما انتهت التجربة كان الرجلان يتمتعان بصحة ممتازة. وقد توقع المشرفون عليهما أن يعانيا على الأقل من داء الحَفر (نزيف اللثة والتقرّح) بسبب نقص فيتامين ج ولكن ذلك لم يحدث ربما لأنهما كانا يتناولان كل أجزاء اللحم ومنها الكبد والمخ، حتى انهما كانا يمضغان اللين من العظام (مثلما كان يفعل الإسكيمو) مما وفّر لهما الكالسيوم. وبعد انتهاء التجربة استمر ستيفانسون على نفس الطريقة في الأكل حتى وفاته، وهو لا يزال فاعلاً ونشيطاً، وعمره 82 عاماً. (المصدر: أشهر كتاب في التغذية صدر عام 2014م: "الدهون: المفاجأة الكبيرة: لماذا يجب أن تعدّ اللحوم والأجبان والزبد أجزاء من النظام الصحي The Big Fat Surprise: Why Butter, Meat,& Cheese Belong in a Healthy Diet" )