الهجمات الأمريكية استهدفت منازل قياديين حوثيين في صنعاء    جهود مستمرة للمفاوضات في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للهدنة    الزعيم التهم السكري.. الأخدود قلبها على الأهلي.. الفيحاء تجاوز الاتفاق    جبل أم القصص وبئر الصداقة!    فتاوى الحوثيين تصدم اليمنيين    وغابت الابتسامة    الاقتصاد السعودي يتجاوز مرحلة الانكماش بنمو 1.3% في عام 2024    دعم مبادرات السلام    ملامح السياسة الخارجية السعودية تجاه سورية    انفجار العماليق الكبار    الذهب يكسر حاجز ثلاثة آلاف دولار لأول مرة في موجة صعود تاريخية    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الأخدود    جيسوس: هدفنا الاستفادة من فترة التوقف    الأولمبياد الخاص السعودي يختتم مشاركته في الألعاب العالمية الشتوية للأولمبياد الخاص تورين 2025    إطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية" بالواجهة البحرية بالدمام    جمعية "شفيعاً" تنظّم رحلة عمرة مجانية لذوي الإعاقة والمرضى وكبار السن والفئات الاجتماعية برفقة أهاليهم    انطلاق مبادرة "بسطة خير ".. لتمكين الباعة الجائلين في جميع مناطق المملكة    مؤسسة العنود تعقد ندوة «الأمير محمد بن فهد: المآثر والإرث»    بدعم المملكة.. غينيا تحتفي بالفائزين في مسابقة القرآن    مسجد الجامع في ضباء ينضم للمرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان ضباء - واس ضمّت المرحلة الثانية لمشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية مسجد الجامع في مدينة ضباء بمنطقة تبوك، نظرًا لكونه أحد أقدم المساجد التاريخية ورمزًا تراثيًا في ا    مراكيز الأحياء.. أيقونة رمضانية تجذب أهالي جازان    كعب أخيل الأصالة والاستقلال الحضاري 1-2    مجموعة stc تنفرد بتوظيف حلول الذكاء الاصطناعي وتقنيات 5G في أداء شبكاتها بالحرمين الشريفين    سفيرة المملكة في فنلندا تدشن برنامج خادم الحرمين لتوزيع التمور    الأذان.. تنوعت الأصوات فيه وتوحدت المعاني    خلافة هشام بن عبدالملك    الصحة تجدد التزامها بحماية حقوق المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يستأصل ورماً كبيراً بمحجر العين بعملية منظار متقدمة    القسوة ملامح ضعف متخف    محمد السندي يُرزق بمولود أسماه "عبدالمحسن"    الأخضر يستعد للتنين بالأسماء الواعدة    ودية تعيد نجم الاتحاد للملاعب    قائد القادسية تحت مجهر الانضباط    «سلمان للإغاثة» يوزّع 1.390 سلة غذائية في محافظتين بالصومال    273 طالب في حلقات تحفيظ القرآن بالمجاردة    ترحيب سعودي باتفاق أذربيجان وأرمينيا    نصف مليون غرامة ضد 79 فندقًا في مكة والمدينة    تركي بن محمد بن فهد يطلق عددًا من المبادرات الإنسانية والتنموية    الدفاع المدني يكثف جولاته بالمدينة المنورة    1200 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية خلال أسبوع    2 مليار خطوة في 5 أيام    حكاية كلمة: ثلاثون حكاية يومية طوال شهر رمضان المبارك . كلمة : بئير    الكشافة يحققون أكثر من 26 ألف ساعة تطوعية في خدمة زوار المسجد النبوي خلال النصف الأول من شهر رمضان    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية.. فلسطين    من العقيدة إلى التجربة.. قراءة في أنسنة الدين    قصر ضيافة ومباني فندقية وسكنية في مزاد "جود مكة"    تفعيل مبادرة صم بصحة في فعالية إفطار حي خضيراء الجماعي    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    برنامج "نظرة إعلامية" يستضيف إعلاميين مؤثرين في مهرجان ليالي كفو بالأحساء    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    تحقيق أممي: الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    أمانة القصيم تُعلن جاهزيتها لانطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية"    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    عَلَم التوحيد    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة الأمريكية والمعايير الأخلاقية
نشر في الرياض يوم 19 - 11 - 2005

نستطيع القول إنه لا يوجد معايير أخلاقية في السياسة بشكل عام بل توجد فيها مصالح متبادلة. وحتى هذه المعايير قد اختفت من الإدارة الأمريكية الحالية ومن رئيسها، جورج بوش، وذلك بشهادة العديد من المفكرين والسياسيين الأمريكيين وغيرهم، بل وصل الحد إلى درجة أن بعض الرؤساء الأمريكيين السابقين قاموا بتوجيه الانتقادات المباشرة لرئيس دولتهم، ووصف إدارته بالانحطاط الأخلاقي، وهو لا يزال على كرسي الحكم. وفي مقدمة هؤلاء الرئيس الأسبق جيمي كارتر.
ورغم أن الرئيس كارتر يحدد أن: «إدارة الرئيس جورج بوش تسببت في انحطاط المعايير الأخلاقية، والتي ميزت السياسة الأمريكية الخارجية على مدى عقود» وأنه: «خلال السنوات الخمس الماضية حدث تغيير كبير وهائل في الأسس السياسية والأخلاقية في بلادنا»، ورغم ذلك فإنه كانت هذه المعايير غير الأخلاقية موجودة دائماً في السياسة الأمريكية، ولكنها كانت مستترة لأسباب تتعلق بالصراع الذي كان دائراً بين القوتين العظميين.
وبدأت تظهر هذه المعايير على السطح، في أعقاب انهيار المعسكر الاشتراكي، حيث أصبحت أمريكا تتربع على كرسي «الدولة العظمى» وحدها.
أما الانتقادات العلنية فقد جاءت بسبب الأساليب، والمواقف، والسياسات الداخلية والخارجية والفضائح التي اكتسحت البيت الأبيض والإدارة الأمريكية، منذ وصول جورج بوش إلى منصب الرئاسة الأمريكية والتي تفاقمت خلال الأشهر القليلة الماضية، فكانت السبب المباشر الذي دفع مسؤولين أمريكيين كباراً إلى عدم السكوت عما يحدث، وبمحاولة من جورج بوش المحافظة على «بعض ماء الوجه»، طلب من كل العاملين في البيت الأبيض أن يشتركوا في «الدورة الأخلاقية» التي يقوم بتقديمها البيت الأبيض لكل العاملين فيه قبل قبولهم للعمل.
وكانت هذه الخطوة، وغيرها، من المعايير التي تبني عليها إدارة بوش سياستها. فقد بنت هذه الإدارة مسيراتها السياسية على الأكاذيب والتزييف، مما أدى إلى سقوط القناع الحضاري عن وجه السياسة الأمريكية.
وضربت إدارة بوش عرض الحائط بكل القيم الأخلاقية، والمسارات السياسية المحلية والدولية، معتمدة على أنها تقوم بذلك، بسبب أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، فهذه الأحداث أعطتها حق التصرف المطلق في تحركاتها، ليست السياسية فقط، بل تصرفاتها العسكرية، واللاأخلاقية أيضاً.
ولا أعتقد أن الشعب الأمريكي واجه رئيساً له، يقوم ببناء مخططاته واستراتيجياته الداخلية والخارجية، على معلومات خاطئة، استطاع في بداية الأمر «بيعها» لشعبه، ومن ثم تبين لهذا الشعب مدى استخفاف قيادته به، مما حدا إلى هبوط شعبيتها، وتوجيه الانتقادات والتهم المباشرة لها ولرئيسها.
وقد قالها الرئيس السابق كارتر بوضوح وعلى شبكة التلفزيون الأمريكية (إن.بي.سي - 2/11/2005): «أعتقد أن المزاعم بأن الرئيس العراقي السابق صدام حسين، كان ضالعاً في هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، والمزاعم بأنه كان يمتلك أعداداً هائلة من أسلحة الدمار الشامل التي يمكن من خلالها تهديد بلادنا، كلها كانت تهدف إلى تضليل الشعب الأمريكي ودفعه إلى الحرب».
وقد كان للسياسة الأمريكية ميزة خاصة، استطاعت خلال عقود كثيرة المحافظة عليها، على الأقل لدى أغلبية الشعب الأمريكي، وبعض الشعوب الأخرى. حيث بررت هذه السياسة، من خلال ذلك، مواقفها من دعم أنظمة ديكتاتورية، وعنصرية خصوصاً خلال الحرب الباردة.
واحتاجت هذه السياسة إلى بعض الوقت لإسقاط القناع الحضاري والأخلاقي عن وجهها، ليشاهدها الجميع على حقيقتها، ليس الذين كانوا يعرفون هذه الحقيقة سابقاً، ويكتبون عن خطورتها وتلونها، بل عند الأغلبية التي كانت منبهرة بهذا القناع الحضاري والاجتماعي، والذي ساعد وبرر للولايات المتحدة الجرائم الإنسانية التي كانت ترتكبها ضد شعوب ودول كثيرة، من آسيوية وافريقية وأمريكية لاتينية وجنوبية إضافة إلى التحيز التام في مواقفها الشرق أوسطية إلى جانب المغتصب والمحتل وصاحبة المجازر أي إسرائيل.
ولقد كان الكثيرون في العالم يغفرون لأمريكا، على أساس أن واشنطن هي حامية الديمقراطية وزعيمة العالم الحر. ومن بين الدول التي سارت في ركابها، ولا يزال الكثير منها، هي دول دكتاتورية، يحكمها أشخاص سلطوا سيوفهم على رقاب شعوبهم، أو شعوب أخرى.
وبقي الحال كذلك إلى أن تهاوى سور برلين، جارفاً معه النظام السوفياتي. وتبعثرت الدول التي كانت تحت كنفه لتصبح مرادفة للمد الأمريكي، والذي شعر بأن المنافسة الأيديولوجية قد انتهت لصالحه، ولهذا بدأ بتطبيق أيديولوجيته هو، ليس بالإقناع فحسب، بل بالقوة لمن يرفضها، كون أن أيديولوجيته، مبنية على استغلال الشعوب ومقدراتها، وذلك حسب المقولة البوشية المعروفة «من ليس معنا فهو ضدنا»، والتي رفضتها شعوب العالم.
وقد ظهر هذا الاستغلال جلياً إبان حرب الخليج الأولى، عندما قامت معظم الدول العربية الغنية بتمويل الولايات المتحدة ببلايين الدولارات، والتي تجاوزت مصاريف الحرب بكثير، وذلك بعد سنوات قليلة من انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية التي تبنتها الإدارة الأمريكية وبعض الدول العربية والأوروبية، إلى جانب العراق لتحرير الكويت.
لقد استطاع الحزب الجمهوري الأمريكي، بسبب دفاعه وغض طرفه ومساندة جورج بوش وإدارته، على إسقاط هيبة أمريكا، وإظهار الأخلاقيات المنحطة للنظام السائد فيها، ونزع رئاسة العالم الحر، والديمقراطية منها. فاستطلاعات الرأي العام المحلية والعالمية، والمجازر التي ارتكبت في العراق وأفغانستان، وفضائح التعذيب في سجن أبو غريب وغيره، تؤكد ذلك، وقد فشلت كل المحاولات التي تقوم بها هذه الإدارة من أجل تصحيح صورتها وعودتها إلى قيادة العالم الحر والديمقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.