يقول ستيفن كوفي في كتابه العادات السبع الأكثر نجاحاً: ابدأ والنهاية في ذهنك، وما اجمل تلك المشاريع معروفة النهاية والمخرجات والمكتوب قصتها قبل البداية. يدور تطوير التعليم في عدة محاور هي: تطوير المباني والبيئات التعلمية، وتطوير المناهج، وتطوير ورفع كفاءة أداء المعلم والإدارة المدرسية، وتطوير مهارات وقدرات الطالب، وأُضيف لها تطوير النقل التعليمي، وتكتمل حلقة تطوير التعليم عندما يتوافر تقويم للتعليم من جهة محايدة ومحترفة تراقب تطور تلك المحاور، وتعالج الانحرافات التي قد تحدث أثناء عمليات التطوير. وبرغم أهمية هذه العمليات التي يجب أن تكون دائمة ومستمرة يبقى السؤال حائراً: هل سيتطور التعليم بتلك المحاور والعمليات؟ بالطبع لا.. وبالتأكيد لا نستطيع أن نجزم أن تؤدي تلك العمليات لتطوير التعليم لأن جزءا من النص مفقود! تطوير التعليم هو قضية وطنية بالدرجة الأولى لأنها ترتبط بحاضر المجتمع ومستقبله ولأنها تمس كل أسرة وتلامس احتياجات المجتمع، ومخرجات التعليم هي عبارة عن استثمار طويل الأمد والكل يتمنى نجاحه ويسعد بتفوقه وتوفيقه. هدف التعليم موحّد في جميع دول العالم مع اختلاف الأساليب والوسائل وهو ربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل، وما عدا ذلك الهدف فهو هدر ودوران في فلك محاور التطوير والتقويم ومن دون مخرجات واضحة ومتسقة مع الاحتياج الفعلي لسوق العمل. نعود إلى تعليمنا وتطويره وتقويمه، على من تقع مسؤولية مواءمة مخرجات التعليم بسوق العمل؟ وبصورة أوضح ما المهارات التي يحتاج إليها الطالب السعودي ليكون جاهزاً للانخراط في سوق العمل السعودي؟ ولكي نكون أكثر وضوحاً ما الوظائف المتاحة التي يحتاج إليها الاقتصاد السعودي لضمان حركة عجلة التنمية والنماء والارتقاء الاقتصادي والاجتماعي خلال الخمس السنوات المقبلة لعام 2020م؟ هذه هي النهاية السعيدة لتطوير التعليم.. ماذا يحتاج السوق السعودي من وظائف مستقبلية وفرص عمل لكي يتم تطوير التعليم وتحديد المسارات التعليمية والتعلمية وهيكلة المناهج والمقررات في التعليم العام والجامعي بناء على تلك الفرص المستقبلية؟ من واقعنا الاقتصادي لقد عشنا عقوداً من الزمن في رغد النفط وأصبح 90% من اقتصادنا يرتكز على المنتجات النفطية وذلك بلا شك أثر في نمط حياتنا وحولنا إلى مجتمع مستهلك بالدرجة الأولى والأهم هنا أن هذا العيش الوفير جعل وزراء الاقتصاد والتخطيط السابقون لا يحملون هذا الهم باستشراف المستقبل وتخطيط مستقبل الوظائف وفرص الاعمال وهيكلة الاقتصاد وسوق العمل، ما جعلنا ندندن على نغمة تنويع مصادر الدخل عقود من الزمن من دون مؤشرات وخطوات عمل جادة لذلك الهدف. وما يهمنا هنا هو أن نصل إلى نهاية تطوير التعليم (مخرجات التعليم) التي تقع ضمن نطاق عمل وزارة الاقتصاد والتخطيط كما هو كائن في جميع دول العالم المتفوقة في مخرجات التعليم التي نبعث أبناءنا ليتعلموا لديهم. نعيش تفاؤلاً كبيراً في هذه الفترة بوجود مجلس الاقتصاد والتنمية وبتعيين م. عادل فقيه وزيراً لوزارة الاقتصاد والتخطيط، وكم هو رائع أن يتم تخطيط مستقبل البلد واستشراف الاحتياجات الوظيفية ليسّهل عمل وزارة التعليم جهة تنفيذية، تقوم بواجبها بأفضل مما يكون، وتتضح الرؤية لوزارة العمل لتقوم بتهيئة بيئات العمل بوصفها جهة تشريعية بإصدار عدد من اللوائح والتنظيمات والمراقبة والمتابعة لضمان نجاح الخطط الوطنية لوزارة التخطيط والاقتصاد. ليس حلماً خيالياً بل واقع وطني نتمنى رؤيته، أن نرى قائمة معلنة للوظائف المستقبلية ومحددة بحسب اعداد الخريجين والخريجات المطلوبين لها، على سبيل المثال: بناءً على الزيادة السكانية وعدد الخريجين المتوقع في عام 2020م فحاجة سوق العمل تقتضي أن يكون 20% من الخريجين والخريجات أطباء و20% منهم مهندسين و10% تسويق وعلاقات عامة 10% تخصصات انسانية و20% تقنية المعلومات و10% تعليم مهني وصناعي و10% روّاد اعمال، ويبدأ مصنع التعليم بتحديد المسارات وابتكار خطوط انتاج ليخّرج هؤلاء الطلبة بهذه التخصصات وتبدأ وزارة العمل بتعبيد الطرق وتسهيل إجراءات حصولهم على وظائفهم الشاغرة. عندما نبدأ من النهاية يكون الطريق دائماً أسهل والرؤية واضحة وعندها نستطيع أن نعرف ماذا نريد أن نكون بعد توفيق الله، هل سنصبح مجتمعا صناعيا أو تقنيا أو زراعيا أو تجاريا... وستتكامل جميع الجهود نحو تحقيق ذلك الهدف الوطني.