هناك من يهتم جداً بالتفاصيل في حياته، وهناك من يهملها، والإنجليز يقولون إن الشيطان يكمن في التفاصيل، أي أن من يبحث في التفاصيل ستنفتح في وجهه أبواب الشياطين، وفي القرآن الكريم، يقول عز وجل (ولا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم).. وهناك العديد من المعلومات يعتبر جهلنا بها نعمة، وبعض الأسئلة التي تحيرنا لو عرفنا إجاباتها لأصبحنا في أرق وتوتر طيلة حياتنا. هناك من يشقى وراء بعض التفاصيل، مثل شغف المرأة في تفتيش جوالات زوجها بحثا عن خيانة، فتظل طيلة حياتها تعيش في أرق الشك وهمومه، ومثل أسئلة الأطفال المتكررة والمتشابهة والمحيرة باختلاف البلدان.. والتي إن أجبنا عن أحدها فتحنا طاقة من الأسئلة التي لا تنتهي ولا يستوعبها عقل طفل.. ومثل انشغال رب العمل بالبحث الدؤوب عن تفاصيل أخطاء وإهمال موظفينه، فيهمل العمل وينشغل بتلك التفاصيل التي لو تجاهلها لسارت الأمور بشكل أفضل. إن التفاصيل في حياتنا وحولنا كثيرة.. ودقيقة وكلما حرصنا على الاهتمام بها وجدنا أنفسنا في متاهات لا تنتهي من الهموم والأعباء والأثقال، لذلك يجب أن يتم التعامل مع التفاصيل بذكاء، بحيث نفرز الصالح منها والإيجابي والمهم، ونبتعد عن السلبي منها وغير الضروري ونهمله.. لأن انشغالنا بالتفاصيل السلبية سيقودنا إلى دائرة لا تنتهي من الخيوط المتصلة التي تترابط مع تفاصيل أخرى.. فنهمل الأصل وننشغل بالتفاصيل. في علم الإدارة هناك أصناف مختلفة من المديرين.. الناجح فيهم هو الذي يركز على النتائج، بينما المتعثر هو ذاك الذي يقف عند كافة التفاصيل فنجد أن نمط إدارته يسير ببطء شديد.. ونحن حين ندعو لتجاهل بعض التفاصيل لا نعني جميعها.. فعين المدير أو القائد أحيانا يجب أن تلتقط كافة التفاصيل الصغيرة والكبيرة لمعالجة الأخطاء فيها في وقتها.. فأحيانا تتدرج الأخطاء مثل كرة الثلج إذا أهملناها في بدايتها ستصبح عبئا كبيرا لا نقوى على حمله. القصد أن التفاصيل تحاصرنا.. ويجب أن نعرف كيف نتعامل معها بذكاء.. وحسن تدبير وتقدير.. فلا نبالغ بالاهتمام بها.. ولا نتمادى بإهمالها.. وخير الأمور الوسط.. ودمتم سالمين.