بيننا وبين أمريكا خلافات جوهرية في التقاليد والعادات، ومصادر الثقافة، والعقيدة، وغيرها، وبيننا وبينهم قواسم مشتركة في الاقتصاد والتعليم، ومكاسب الخبرات التقنية والصناعية، وتجاوز عقدة السياسة من جانب واحد، على افتراض أن الصداقات تقوم على التكافؤ، لا تفجير الأزمات.. اللجنة السعودية - الأمريكية المشتركة، احتجنا أن تولد بلقاء الملك عبدالله مع الرئيس بوش، لأن لدى الطرفين عوامل كثيرة يلتقيان حولها، حتى لو اختلفت وجهات النظر، وفلسفات الحكم إذ لن نستطيع مطالبة الأمريكان بما يعد جزءاً من هويتهم، ودستورهم حتى لو تعارض ذلك مع مسلّماتنا، بنفس المنطق، من غير الموضوعي، أن نقبل فرضيات تتعارض مع مسلّمات حياتنا وثوابتنا، وهنا كان لابد من نشوء هذه اللجنة حتى تكتسب قيمتها المعنوية، والمادية من خلال فهم طبيعة كل مجتمع للآخر.. فإذا كان مرتكز العلاقات الأساسية، يقوم على المصالح الاقتصادية، فهي ليست الكل، حتى مع ضروراتها المهمة، إذ لدينا منطقة متفجرة بالعديد من التناقضات، وبالتالي إذا كانت المملكة ذات وجود معياري مؤثر في محيطها، وخارجه، فالمصلحة تقتضي أن تكون أمريكا عامل تثبيت لسياستها التي تنزع إلى الوسطية ومعالجة القضايا كل بحجمها ومنطقها.. فالإرهاب يحتاج إلى مقاومة، وصياغة مشاريع جديدة يتعاون فيها الطرفان مع كل دول العالم التي تتعرض لمثل هذه التهديدات، ولا ينبغي أن نجعل الرؤى المختلفة والمتحادّة أحياناً، أن تلغي دور الحوار وكشف جوانب الغموض، أو الخلاف بين الطرفين إذا كان ذلك يحقق نتائج إيجابية، بما فيها قطع الطريق على نمو بؤر الإرهاب والتطرف.. أيضاً هناك موضوع الإصلاح بجوانبه المتعددة، الغاية قد تكون واحدة في رفع مستوى المواطن ليتأهل بأن يصبح قيمة ناشطة، منتجة ومبدعة في أجواء حرة، لكن أيضاً لابد من اتساع المساحة لإيقاف بعض النوازع التي تحاول تأزيم المواقف بين البلدين من خلال ذرائع ليست ذات قيمة بذاتها، وخاصة حين تأتي من قنوات فاعلة في المجتمع الأمريكي، أعضاء بالكونغرس أو مراكز استراتيجية، أو صحافة، وتكون قياساتها وفقاً لأفكارها ومنطلقاتها بعيداً عن خصوصية مجتمعنا وعدم تطابق نظامه وسلوكه، وجملة قيمه مع المجتمع الأمريكي. الخلاصة أن بعث هذه اللجنة ورفعها إلى مستويات عليا للمسؤولين بكلا البلدين لا يعدان مسألة رمزية، وإنما لقطع الطريق على الخصوم، وفتح نوافذ على حوارات تخدم مصالحنا جميعاً، وتلغي تلك التباينات التي أحدثتها جملة ظروف احتجنا أخيراً أن نواجهها بمفهوم مصالحنا جميعاً..