بداية فليعذرني الجميع من مسؤولين ومستثمرين، كبارهم وصغارهم . فاني سوف أكون حاداً في هذه الرؤية ومتطرفاً في هذا الرأي. إن المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كلها مجتمعة لا تبرر ما يحدث لسوق الأسهم السعودية مهما كانت الجوانب الإيجابية التي يعيشها مجتمعنا السعودي في هذه الأيام والتي نتمنى أن يجعل الله أيامنا كلها خيراً وبركة وان يحمي هذه البلاد وأهلها من كل مكروه ومن كل سوء. ولكن وانطلاقا من الحرص على الصالح العام ليس لليوم فقط ولكنه لليوم وغد وبعد غد فأن التحذير الآن خير من السكوت، وأنا لا أملك إلا التعبير عن هذه الرؤية والرأي. ونأمل أن يسدد الله قولنا وأن يصلح دواخلنا. وللتأكيد على ما وصلت إليه سوق الأسهم فلنشاهد الجدول أدناه ولنتفحصه بعناية شديدة حتى يمكن لنا معرفة إلى أي مدى وصلت الأمور في سوق الأسهم المحلية وهي نقطة في بحر وليست كل الصورة: ومن خلال هذا الجدول المرفق يتضح الحال الذي وصلت فيه أسعار الشركات التي يتداول أسهمها حيث الصف الأول بوضح أن أكثر من 10 شركات مساهمة يزيد مكرر أرباحها أو نسبة السعر إلى العائد عن خمسمائة مرة (500 سنة) وأنا أكتبها كتابة حتى لا يكون هناك مجال لأي أخطاء مطبعية. وهي تمثل ما نسبة 13٪ من عدد الشركات المتداول أسهمها. كما أن نحو 31 شركة في الصف الثاني يزيد مكرر أرباحها على مئة مرة (أي 100 سنة) وهي تمثل ما نسبته 40٪ من عدد الشركات في السوق. أما الصف الثالث من الجدول فنشاهد أن نحو 51 شركة يزيد مكرر أرباحها عن خمسين مرة (أي 50 سنة) وتمثل ما نسبة 66٪ من عدد الشركات. أما الصف الرابع فيوضح أن نحو 68 شركة مكرر أرباحها يزيد عن ثلاثين مرة (أي 30 سنة) وهي تمثل 88٪ من عدد الشركات. وهي نسبة عالية في جميع المقاييس ولا يبررها أي منطق اقتصادي أو استثماري ولا حتى منطق سوقي (أي بمنطق السوق). ونجد أن فقط أربع شركات يقل مكرر أرباحها عن الثلاثين مرة (أي 30 سنة) وهي تثمل فقط 5٪ من أعداد الشركات المتداولة أسهمها في السوق. فيما المقاييس العالمية في حدود 10 إلى 15 مرة. مسألة أن ينمو المؤشر العام بنسبة تقترب من 7٪ خلال أربعة أيام تداول فقط (قبل الإجارة بيومين وبعد الإجازة بيومين) وبعدل 1000 نقطة، فهي لا تتعدى أمرين لا ثالث لهما، فإما أن يستمر الحال بهذه الطريقة وهي تعني أشياء كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر أن اي عاقل يرى نسب النمو بهذا الشكل وكذلك نسب تحقيق الأرباح التي يجنيها المضاربون فلن يتردد في التوجه إلى هذا السوق وترك ما يعمل فيه من صناعة أو تجارة وبالذات الأعمال الصغيرة والمتوسطة (SMEصs)، والتي تشكل أكثر من 70٪ من الاقتصاد المحلي. وأنا أعرف حالات فردية كان لديهم مشاريع بأكثر من عشرة ملايين ريال، قرروا إقفالها والتوجه بما لديهم من أموال إلى سوق الأسهم خصوصا مع التعقيدات البيروقراطية أمام المستثمرين المحليين قبل الأجانب وكذلك مع ضغوطات السعودة التي أنا لست ضدها ولكن هي في النهاية سبب آخر وليست نتيجة. إذن فلنتخيل أن أعدادا كبيرة من الأعمال الصغيرة والمتوسطة هجرت أعمالها وتعقيدات إدارة تلك الأعمال وقاموا بفتح محافظ استثمارية في سوق الأسهم السعودي الذي يحتاج إلى أربع ساعات يوميا يتسمر فيها أمام الشاشات ويضارب مثل الآخرين وبحسبة بسيطة إذا كان يحقق عوائد سنوية عندما كان يدير أعماله التجارية أو الصناعية بتعقيداتها وموظفيها وإجراءاتها نحو 10٪، 20٪ أو حتى 50٪، فإنه بإمكانه الآن تحقيق معدلات أعلى بتكلفة أقل من خلال سوق الأسهم وبدون توسلات للجهات الحكومية وبدون متابعة مضنية للتأشيرات مع وزارة العمل وبدون رخص عمل من وزارة التجارة وبدون الحاجة للتجديد للشهادات وللمصادقات وبدون الحاجة للشهادات العضوية من غرف تجارية وغيرها. واما الأمر الآخر وهو أن تكون هناك تراجعات حادة سوف يكون الاقتصاد والمجتمع جميعهم أول المتضررين من هذا التراجع الحاد، نحن نعلم أن أعداد المستثمرين (وغالبيتهم مضاربون وليسوا مستثمرين) تقترب من الثلاثة (3) ملايين محفظة، وإذا لا سمح الله كان هناك انهيار حاد للسوق فإن ذلك يعني وعلى افتراض أن نحو 100 أو أكثر أو حتى 100 ألف سوف يستفيدوا من هذا ولن يتضرروا، فان الغالبية سوف تخسر مدخراتها وجميع ما لديها خصوصا مع معدلات الإقراض العالية للاستثمار في سوق الأسهم. وعليه سوف يكون لدينا وأمام المسؤولين تبعات اقتصادية واجتماعية كبيرة لابد من التعامل معها حيث وكما نعرف جميعا أن هناك من باع بيته ومن باع سيارته ومن استدان من أشخاص ومن بنوك ومن شركات تقسيط حتى يتسنى له الدخول في حمى المضاربة في سوق الأسهم السعودية (لأس فيجس الجديدة). وأنا لا أطالب بحماية هؤلاء فكل إنسان سوف يحصد ما زرع ولكن المشكلة سوف تطال الأسر والعائلات التي يعولها هؤلاء المتهورون في سوق الأسهم السعودية، من نساء وأطفال سوف تجد الدولة نفسها أمام حالات لابد من التعاطي معها بشكل أو آخر. ونحن في كل الأحوال ما نزال في مرحلة لا نتحمل المسؤولية فيها ولا نتحمل نتائج أعمالنا ونضع الدولة في كل أمورنا لحلها وإنقاذنا رغم أنها أخطاؤنا الشخصية ويتضح ذلك من خلال ما يكتب وما ينشر. ٭ محلل مالي