تأتي موافقة خادم الحرمين الشريفين على تنظيم هيئة حقوق الإنسان وتعيين معالي الأستاذ تركي بن خالد السديري رئيساً لها لتضيف بعداً جديداً نحو تعزيز مسارات حقوق الإنسان وتطويرها إحدى أهم المبادرات الإصلاحية التي تعزز الاستقرار وتزيد من تعزيز الوحدة الوطنية وتنميتها. كما ان توقيت الموافقة يعكس إدراكاً واعياً بطبيعة المرحلة وما يواجهه الوطن من تحديات تتطلب القيام بخطوات مؤسسة تهدف إلى حماية حقوق الإنسان. وفي سبيل تحقيق الهيئة لأهدافها المتمثلة في حماية حقوق الإنسان وتعزيزها وفقاً لمعايير حقوق الإنسان الدولية في جميع المجالات، ونشر الوعي بها، والإسهام في ضمان تطبيق ذلك في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية، خولت الصلاحيات اللازمة لممارسة عدد من المهام والاختصاصات أهمها ما يلي: ٭ التأكد من تنفيذ الجهات الحكومية المعنية للأنظمة واللوائح السارية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، والكشف عن التجاوزات المخالفة للأنظمة المعمول بها في المملكة التي تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان، واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة في هذا الشأن. ٭ إبداء الرأي في مشروعات الأنظمة المتعلقة بحقوق الإنسان، ومراجعة الأنظمة القائمة واقتراح تعديلها وفقاً للاجراءات النظامية. ٭ متابعة الجهات الحكومية لتطبيق ما يخصها من الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها المملكة، والتأكد من اتخاذ تلك الجهات الاجراءات اللازمة لتنفيذها. ٭ زيارة السجون ودور التوقيف في أي وقت دون إذن من جهة الاختصاص، ورفع تقارير عنها إلى رئيس مجلس الوزراء. ٭ تلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان، والتحقيق من صحتها، واتخاذ الاجراءات النظامية في شأنها. ٭ وضع السياسة العامة لتنمية الوعي بحقوق الإنسان، واقتراح سبل العمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان والتوعية بها، وذلك من خلال المؤسسات والأجهزة المختصة بالتعليم والتدريب والإعلام وغيرها. ٭ الموافقة على إقامة الدعاوى والرد عليها فيما يتعلق بمسائل حقوق الإنسان. ويمكن القول إن جهود الهيئة وعلى وجه التحديد مجلس إدارتها يتمحور حول ثلاثة محاور رئيسة هي: وضع السياسة العامة لتنمية الوعي بحقوق الإنسان، التأكد من تطبيق الأنظمة واللوائح المعتمدة المتعلقة بحقوق الإنسان على النحو الذي يضمن عدم تجاوز أو اخلال من الجهات الحكومية، بالاضافة إلى مراجعة الأنظمة واللوائح القائمة واقتراح التعديلات اللازمة في نصوصها على النحو الذي يكفل مراعاتها لحقوق الإنسان وانسجامها مع مبادئ وقواعد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها المملكة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية. ولذلك فإنه من المتوقع أن تقوم الهيئة بإعداد استراتيجية وطنية عامة لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وكذلك الخطط التنفيذية والآليات اللازمة لتنفيذ ما ستتضمنه تلك الاستراتيجية من توصيات وتفعيله. ويقترح على الهيئة في هذا الجانب أن تعمل كما عملت الهيئة العامة للاستثمار عندما استفادت من تجربة الهيئة العليا للسياحة عند إعداد استراتيجيتها العامة والآليات اللازمة لتنفيذها ومن أهم تلك الآليات اتفاقيات التعاون مع عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار التي توجت بالموافقة السامية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين. وتجدر الإشارة ختاما إلى ان هناك تفاؤلاً كبيراً، بأن تحقق الهيئة أهدافها بأكبر قدر من الكفاءة والفعالية، مصدره اختيار القيادة لمعالي الأستاذ تركي السديري رئيساً للهيئة وهو المعروف بخبرته الواسعة المتنوعة وقدراته الفردية المتميزة التي ربما اكتسبها من معايشته منذ الصغر لمختلف فئات المجتمع وأطيافه بسبب ظروف عمل والده - يرحمه الله - وإنجازاته التي لمسناها جميعاً عندما كان مسؤولاً عن الخدمة المدنية التي أسهمت في إيجاد أنظمة ولوائح الخدمة المدنية وتطويرها تضمنت حقوقاً كاملة للموظفين وكفلت حمايتهم. * مستشار قانوني