للمرة الرابعة وخلال أشهرٍ قليلة بعد حادثة الدالوة وحادثة مسجد القديح وحادثة مسجد العنود بالدمام يفجع وطننا الحبيب بفقدان ثلةٍ من المؤمنين المصلين الركع السجود في مسجد قوات الطوارئ في عسير. وفي الأحداث جميعها نرى أن هناك عاملا مشتركا للشهداء الأبرار وهو اجتماعهم للخضوع والعبودية لرب العالمين لأداء الفريضة جماعةً طمعاً في ثواب الله سبحانه وتعالى ورضاه في الدنيا والآخرة ولا شيء سوى ذلك. لم يجتمعوا في بيوت الله لمالٍ أو مصلحةٍ أو رياء، بل لعبادة الله واستغفاره وتسبيحه، الرحمن الذي أوصانا بالرحمة واللين والإنسانية في كتابه الكريم حتى مع غير المسلمين، فكيف بمسلمين يؤدون الفريضة العظمى؟ وكان شهداء الوطن في مسجد عسير رحمهم الله ينوون أن يتموا صلاتهم ثم ينتشروا لأداء واجبهم في حماية عائلاتنا وأطفالنا والحفاظ على الأمن في مجتمعنا المسالم ليأتي هؤلاء لتفجير جثثهم وإزهاق النفس المحرمة في بيوت الله معتقدين أن جنان الخلد والحور العين في انتظارهم، والله سبحانه يقول في كتابه الكريم (من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً)، فأين مفرهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وقد قال عز وجل (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار). إن أهدافهم الخبيثة بزرع الفتنة الطائفية والقتل والفساد في أرضنا الطاهرة باستهداف المصلين الآمنين في بيوت الله على حسب معتقداتهم المختلة ومحاولتهم تحويل وطننا الى عصر الجاهلية الأولى لن تنجح ولن تزيدنا الا ترابطاً وتماسكاً وإيماناً بالله سبحانه وتعالى والتفافاً حول قيادتنا، بل سيظل هؤلاء الارهابيون منبوذين من جميع طوائف المجتمع خاصةً بعد ان اتضحت الصورة وأدرك الجميع أن هدفهم هو سفك الدماء بأكبر قدر ممكن، متأثرين في ذلك بما يقرأونه ويشاهدونه على شبكة الإنترنت من تحريض ملهميهم من التكفيريين والظلاميين. ومن منبر"الرياض" نتمنى أن تقوم الجهات المسؤولة أيّدها الله بتشديد العقوبة وملاحقة دعاة الفتنة ممن ينفثون سمومهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لغسل أدمغة هؤلاء الجهلة أو التعاطف معهم بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك لدحرهم في مهدهم وتعرية فكرهم الظلامي الذي يكفر البشر والشجر والحجر. ونسأل الله سبحانه وتعالى بأن يشمل جميع شهداء الصلاة وشهداء الوطن برحمته الواسعة وأن يجعل مقامهم في الفردوس الأعلى مع الشهداء والصالحين.