إنهم لايرتدون جلود الحيوانات او يصطادون بالحراب، ولكنهم يعيشون حياة الكهوف الحديثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فهم يمتطون صهوة الجبال في ولاية غويز هو الصينية داخل كهف كبير مساحته 750 قدماً مربعاً يعرف باسم «الكهف الاوسط». ولا يمكننا وصف حياتهم بأنها بدائية بأي حال من الاحوال، ورغم انهم يستخدمون مرحاضاً عاماً تابعاً لبلدية المدينة لقضاء حوائجهم، الا ان سكان «الكهف الاوسط» يستخدمون اجهزة الحاسوب وجهاز تلفاز يلتقط جميع القنوات الفضائية وهواتف ثابتة وجوالة وثلاجات تبريد. انهم يعيشون في بيوت من الخيزران بدون اسقف، والامطار لا تزعجهم، ولكنهم يريدون اكبر كمية من الضوء تدخل اليهم. وهم يقومون بجمع مياه الشرب من القطرات التي تتسرب اليهم بين الصخور ويزرعون حقولهم على جوانب الجبل ويرسلون اطفالهم الى المدرسة الكائنة خلف الكهف. وتعود انماط الحياة داخل «الكهف الاوسط» الى جذور عتيقة، وهو نمط حياة ليس له مثيل في الوقت الحاضر لولا استعانتهم بشيء من ادوات الحياة المدنية الحديثة. ويقوم رجل الاعمال فرانك بيدور (81 عاماً) بتمويل شبكة الكهرباء الخاصة بالكهف وتقع على عاتقه مسؤولية توظيف اربعة معلمين للمدرسة. وقال بيدور في آخر مقابلة اجريت معه «نريد تعليم اولادنا بأحدث طريقة وتمكينهم من الالتحاق بأفضل الوظائف في الصين. وهمنا الاول هو توظيف معلمي لغة انجليزية لتعليم اولادنا هذه اللغة التي تسيطر على العالم اليوم. ولن يتسنى لأولادنا تبوؤ افضل المناصب الا بالتمكين من هذه اللغة». وفي عام 2002 تبرعت الحكومة الصينية بمبلغ من المال لسكان الكهف الاوسط لتشييد منازل لهم خارج الكهف، ولكن الخطة فشلت بسبب عودة اهالي الكهف اليه من جديد. يقول وانغ فينوانغ (57 عاماً) «انه المكان الذي نشأت فيه منذ طفولتي الاولى. اننا نستطيع الاحتفاظ بحطب الوقود جافاً داخل الكهف، ولكنه يكون مبتلاً طوال الوقت خارجه». وبالرغم من انهم يعيشون في حفرة واسعة عميقة في باطن الارض، الا ان اهالي الكهف الاوسط ليسوا بمعزل عن العالم. ويتلقى اكثر من 150 طالباً من مختلف المناطق المجاورة تعلمهم بمدرسة الكهف الاوسط، منهم ثمانية طلاب يتكبدون المشاق للوصول الى هذه المدرسة، حتى اضطروا للاقامة بالكهف خلال ايام الاسبوع، فلا يعودون الى ذويهم الا في عطلة نهاية الاسبوع. وقام بيدور بقطع تلك الرحلة الطويلة الشاقة الى الكهف الاوسط الذي يقع على بعد 1000 كيلومتر للجنوب الغربي من العاصمة بكين، ثلاث مرات خلال السنوات الثلاث الاخيرة لاحضار بعض افراد عائلته واصدقائه لزيارة «مدينة الانفاق» التي يتولى هو ادارة شؤونها بكل ما يتمتع به من خبرة في الحياة وما أوتي من تفان واخلاص.